الكعكة الليبية هل تنتظر جراحة دولية!؟”
هشام الهبيشان
في الوقت الذي نفت فيه الحكومة التونسية أنها ستفتح الأراضي والأجواء التونسية أمام أي تدخل عسكري محتمل على ليبيا ، عاد ليلقي المشهد الليبي اليوم بكل ظلاله المؤلمة بواقع جديد على الواقع العربي المضطرب، فيظهر إلى هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد الليبي بكل تجلياته المؤلمة والمأسوية، والتي ما زالت حاضرة منذ خمسة أعوام تقريباً وفي آخر تطورات هذا المشهد لهذا العام هو استمرار فصول الصراع العسكري على الأرض تاركاً خلفه عشرات الآلاف من القتلى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة الليبية.
اليوم نسمع عن مؤتمرات دولية «لا تغني ولا تسمن من جوع الليبين التواقين للاستقرار»، وهذه المؤتمرات تعقد في مناطق جغرافية خارج الوطن الليبي، تسعى كما يقال الى وضع حد لحالة الفوضى التي تعيشها الدولة الليبية، هذه المؤتمرات تتسابق بعض القوى الليبية اليوم لإفشالها، وهذه القوى هي التي تراهن اليوم على الحسم الميداني على الأرض.
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أن مسار الحلول السياسية وتحديداً منذ مطلع عام 2016م، قد نعتها مسار الحلول العسكرية على الأرض للقوى المتصارعة على الساحة الليبية، فقد عشنا منذ مطلع العام الحالي تحديداً على تطورات دراماتيكية «دموية»، عاشتها الدولة الليبية من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها الى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا الليبية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وإيقاع جديد للخريطة العسكرية الليبية، وخصوصاً بعد تمدد القوى الرديكالية في شكل واسع بمناطق شرق وجنوب شرقي ليبيا.
وبالانتقال إلى ما يجري بليبيا عسكريا،وتحديدا بالعاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي،ومؤخرا مدينة سرت،وبعض مدن الجنوب والشرق الليبي النفطية ,فقد فرض الواقع العسكري نفسه وبقوة ،على كل التجليات المأساوية التي عاشتها الدولة الليبية مؤخراً، فقد شهدت البلاد خلال الأشهر الأربعة الماضية صراعاً دموياً كبيرآ محليآ مدعوماً بأجندات خارجية ,وقد كانت أطراف هذا الصراع متعددة الولاءات فمنها على سبيل المثال لا الحصر ،ميليشيات وكتائب عسكرية متعددة ومنها كتائب ما يسمى بأنصار الشريعة»و»كتائب فجر ليبيا «ومجالس الثورة « «وميليشيات المدن الليبية و”داعش” وو الخ.
تعدد هذه المليشيات المسلحة على الأراضي الليبية افرز حالة صراع دائم فيما بينها،فقد ارتبط هذا الصراع المحلي بصراع إقليمي- دولي، مما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة الليبية مستقبلاً، وفي ظل غياب أي سلطة فعلية لـ”حكومة السراج ” على الأرض الليبية، ومع ظهور جماعات رديكالية متواجدة بشرق وجنوب شرق ليبيا، أعلنت ولاءها ومبايعتها لتنظيم “داعش” الرديكالي، وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة الليبية المضطربة أصلا ،وهذا الوضع قد يستمر لأعوام قادمة قبل الحديث عن جراحه دولية ، خاصة بالواقع الليبي، وإنشاء حلف دولي لمحاربة القوى المتطرفة في ليبيا، وهذا ما بدأت علامات ظهوره تتضح مؤخراً، والهدف هو اقتسام الكعكة الليبية بين القوى الكبرى .
ختاماً، يمكن القول إن المشهد الليبي يزداد تعقيداً مع مرور الأيام ،وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الأرض الليبية من قبل بعض القوى الإقليمية «العربية «،لوضع حد للفوضى وتنسيق حلول مقبولة ،لإيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن الليبي ،وإلا سنبقى ندور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الأرض الليبية.