التعليم العالي..جبهة انتصار

 

د. أحمد صالح النهمي
حين قرأت ليلة البارحة رسالة هاتفية (sms) عن تدشين التنسيق الأكاديمي بالجامعات اليمنية ابتداء من 16-6-2016م، غمرتني سعادة كبيرة لهذا الخبر، ومصدر سعادتي يعود لسببين أساسيين، أحدهما : أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ التعليم الجامعي ببلادنا التي يتم فيها التنسيق والقبول عبر بوابة النظام الموحد للتنسيق الإلكتروني عبر الانترنت لكافة الجامعات الحكومية والأهلية، وبالتالي فإنه يشكل أهمية كبيرة في التسهيل على الطلاب من جهة، والحد من الاختلالات والتلاعب من جهة أخرى.
أما السبب الآخر فيتمثل في أن إنجازا إضافيا كهذا في ظل ظروف الحرب والعدوان والحصار يحمل رسائل تحدٍ بالغة الأهمية للمعتدين عن قدرة الإنسان اليمني على الإبداع والتميز وتجاوز إشراك العدوان الذي حاول بشتى وسائل الدمار أن يعطل كل مظاهر الحياة والتنمية في بلادنا عموما والحياة التعليمية على وجه الخصوص.
وزارة التعليم العالي بقيادة الأستاذ الدكتور عبدالله الشامي استطاعت خلال الفترة السابقة أن تطالعنا بإنجازات إضافية عجزت عن تحقيقها الوزارة في ظل الظروف الطبيعية بسبب سيطرة الفساد، ولعل أهم هذه الإنجازات خلال الفترة السابقة تتمثل برأيي في إنجازين مهمين ، يتعلق أولهما بإقدام الوزارة على تقييم أداء الجامعات الأهلية وإغلاق (12) جامعة أهلية و(4)كليات جامعية، وأكثر من (44) برنامجا دراسيا معظمها في التخصصات الطبية والهندسية والتقنية لمخالفتها المعايير العلمية المتعارف عليها، وهو أمر بلا شك يمثل نجاحا استثنائيا لا سيما وأن كثيرا من هذه الدكاكين التي تحمل اسم جامعة قد تجاوزت روائح فسادها حدود الوطن في المتاجرة بالشهادات العلمية إلى خارج الوطن، وحسنا صنعت الوزارة بإلزام هذه الجامعات بتقديم الضمان البنكي كشرط لإنشائها ومزاولتها العملية التعليمية لضمان حقوق الطلاب  .
ويتمثل الإنجاز الثاني في قيام الوزارة بمتابعة أوضاع الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتعثرين والمنقطعين والخريجين المتجاوزين وإنهاء إيفادهم، وتنزيل منحهم حيث بلغ عدد الطلاب المنزلين (2600) طالب بتكلفة سنوية تتجاوز 26 مليون دولار، ولا شك أن قطاع البعثات والمنح كان أكثر القطاعات فسادا، فكم رأينا من أبناء الذوات يستأثرون بحصة الأسد في انتقاء هذه المنح والسيطرة عليها، ومؤهلاتهم الوحيدة في ذلك هي مراكز آبائهم السلطوية على أن كثيرا من هؤلاء من الطبيعي أن يتعثروا في دراساتهم ومع ذلك كانت تستمر منحهم المالية ، ولا يجرؤ أي كان أن يمسها بسوء.
على أن استئناف العملية التعليمية في ظل العدوان والحصار في ذروة القصف الهمجي لتحالف العدوان على بلادنا من خلال إنجاز الفصل التعويضي للعام الجامعي 2014-2015م وضمان عدم ضياع عام دراسي من عمر الطالب يمثل نجاحا حقيقيا وتحديا استراتيجيا في جبهة من جبهات المقاومة يشكر عليها كل أساتذة الجامعات والموظفين والطلاب الصامدين في قاعات المحاضرات تحت أصوات طائرات العدوان وقوارح صواريخه
أعرف بين هؤلاء الأساتذة الصامدين من هم بلا تسوية حتى الآن، فما زالت مرتباتهم دون الخمسين ألفا، وهو أمر يدعو قيادة الوزارة لتحقيق إنجاز إضافي حقيقي بالضغط على وزارة المالية بتسوية أوضاعهم، لأن تركهم بلا تسويات لأكثر من عامين لا يقتصر أثره على هؤلاء فقط، بل سيلقي بظلاله على الطلاب الدارسين بالخارج، فلا شك أن أيا من هؤلاء سيفكر ألف مرة قبل أن يعود إلى الوطن ، وسيعمل على تأخير موعد مناقشة أطروحته إلى أكبر قدر زمني ممكن، وقد يبحث له عن فرصة عمل هنا أو هناك، وهو أمر يعود سلبا على الوطن.
على طريق اعتماد سياسة الوضوح والشفافية، قرأنا في صفحات الفيس بوك الميزانية المالية لبعض الجامعات اليمنية، والحقيقة أن الأمر لا يتعدى مجرد الإعلان تلبية لضغط الوزارة ، فالشفافية كسلوك وممارسة، ما زالت غريبة على    العقليات الأكاديمية في قيادة بعض الجامعات التي تفكر بمنطق (ماذا ستعطني لتأخذ مني)، وإلا ماذا يعني أن يقضي أستاذ جامعي أكثر من عامين في متابعة أمر تفرض أولوياته الحق في الحياة، والعمل في ساحة الوطن، دون أن يصل إلى بر.

قد يعجبك ايضا