الثورة نت/..
تعج الشاشات العربية في رمضان سنويا ببرامج المقالب والكاميرا الخفية لتستقطاب المشاهدين بطرق لا تخلو من العنف والترويج للتطرف بأشكاله التي تكاد تصل إلى حد الإرهاب.
وفي رمضان 2016، كان الجمهور على موعد مع مائدة عامرة من برامج المقالب التي تحبس الأنفاس وتتنافس للفوز بأعلى نسب مشاهدة دون التفكير في تداعيات ذلك على المتلقي باختلاف سنه وثقافته وميوله.
وتزايد الجدل مؤخرا حول هذه البرامج بسبب احتوائها على أفكار ومشاهد تتعارض مع المعاني الإنسانية وتمنح فسحة مجانية للتنظيمات الإرهابية لتتحول من برامج فكاهية مسلية إلى برامج تشجع على العنصرية والعنف والإرهاب وتروج بالمعنى العام لثقافة “داعش”.
وتحقق هذه البرامج نسب مشاهدة عالية وأرباحا طائلة من الإعلانات التجارية المرافقة لها، خاصة بعد أن أصبح الممثلون يتنافسون على تقديمها وإيقاع زملائهم فيها.
ومن أشهر برامج المقالب هذا العام برنامج “رامز بيلعب بالنار” الذي يقدمه الممثل المصري رامز جلال على قناة “إم بي سي”، وتقوم فكرته على استضافة أحد المشاهير وإيهامه بأن الفندق الذي يقيم فيه شب به حريق هائل وأن حياته في خطر.
ولاقى هذا البرنامج انتقادات واسعة حتى قبل عرضه خاصة أن الإعلان الترويجي تضمن عبارة على لسان مقدمه يقول فيها إنه يستمتع بمشاهدة البشر وهم يحترقون في النار، الأمر الذي دفع بعض المصريين لرفع دعاوى قضائية ضد البرنامج باعتباره يروج للعنف ويعادي المعاني الإنسانية.
علاقة جلال بالمقالب بدأت قبل ظهوره لأول مرة في برنامج “رامز قلب الأسد” عام 2011، فأي عمل فني يتواجد فيه كان لا يخلو من مقالبه. ورغم كل الانتقادات الموجهة لبرامجه إلا أنها تلقى إقبالا جماهيريا غير عادي، وبعد 5 أعوام متتالية، باتت أيقونة رمضانية.
كذلك، تلقى برنامج “ميني داعش” الذي يذاع على قناة “النهار” المصرية ويقدمه ممثل مغمور يدعى خالد عليش نصيبا كبيرا من النقد، حيث وصفته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية بـ”أبشع برنامج تلفزيوني في التاريخ”.
ونجح القائمون على العمل في إعادة إنتاج صورة مصغرة عن تنظيم “داعش” الإرهابي في برنامج كوميدي اعتمد صانعوه على إطلاق النار في الهواء وتهديد الضيوف بأحزمة ناسفة ليجعلوا من الحدث أمرا مضحكا قد يجلب المشاهدين والمعلنين للقناة التي تبثه!
وتدور فكرة البرنامج حول إيهام الضيف بأنه تعرض للخطف على يد مجموعة مسلحة تابعة للتنظيم ويطلبون منه، تحت تهديد الأسلحة الآلية والأحزمة الناسفة، التعاون معهم وتنفيذ بعض العمليات الإرهابية وإلا فسيكون مصيرهم القتل.
وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بوقف عرضه باعتباره يرسخ الفكر الإرهابي المتطرف، ففي حين تحارب كل دول العالم “داعش”، اختار القائمون على ميني داعش إعطاء فسحة أكبر للتنظيم وتقديمه بشكل فكاهي مرعب!
بدوره، دخل الفنان هاني رمزي إلى دوامة برامج المقالب منذ العام الماضي، بتقديم برنامج “هبوط اضطراري” على قناة “الحياة” ليحقق نجاحا ساحقا على حد تعبير منتجيه الأمر الذي دفعهم إلى إعادة التجربة من خلال برنامج “هاني في الأدغال” الذي قام بتصويره في جنوب إفريقيا واستطاع من خلاله خداع عدد كبير من النجوم.
وفي لبنان، اختار القائمون على برنامج الكاميرا الخفية “هدي قلب” الذي يقدمه الإعلامي مارسيل خضرا من خلال قناة “او تي في” أن يمارسوا ضغطا نفسيا كبيرا على ضحاياهم ليصنعوا الإثارة من خلال إطلاق الرصاص والاختطاف وترهيب الفنان لاختبار مدى تحكمه في أعصابه وشد المتفرجين.
وبذلك جعلت برامج المقالب من النجوم قدوة سلبية يزرعون مفاهيم الخنوع والخوف والرعب في نفوس الأطفال والشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر لمتابعيهم، لتصبح جريمة متكاملة الأركان في حق المجتمعات العربية.
وأثارت الأموال الضخمة التي تنفق على هذه البرامج تساؤلات بين عدد من رواد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها الضيوف، ومنهم ممثلون أجانب مشهورون.
وبين سرقة أعضاء وإرهاب ولعب بالنار لم يعد للمشاهد العربي حق الاختيار وأصبح مجبرا على دخول بيت رعب الفضائيات لمدة 30 ليلة وليلة.
المصدر: RT