قبل البدء بالحديث عن فوائد الصيام على الكلى؛ لابد لي أولاً من التعريج على هذا الجهاز البشري البديع والفائق الدقة في أدائه لوظائفه بالجسم
فالكلية: العضو الإخراجي الأول في الجسم، ليتخلص من خلالها من معظم المواد السامة التي يتناولها الإنسان بشكل مباشر كالأدوية؛ أو بشكل غير مباشر مثل المعلبات والمأكولات الفاسدة التي يمكن أن يكون لها آثار مدمرة تؤدي بالكلية إلى القصور أو حتى الفشل الوظيفي في ترشيح الفضلات الإخراجية الناتجة عن(عملية الأيض)؛ سواء البنائي أو الهدمي، فمن خلالها يتخلص الجسم من الأملاح والشوارد الزائدة والماء الزائد عن حاجته، كما تعمل على ضبط ضغط الدم عند مستواه الطبيعي.
وفي الصيام يختلف الوضع إلى حدٍ كبير؛ فتقلل معه كمية تناول الفرد للمواد الغذائية والمواد الضارة، ما ينعكس- إيجاباً- على تقليل كمية الفضلات الإخراجية التي ينتجها الجسم؛ بما يخفف العبء على الكليتين عند أداءهما لوظيفتيهما, ومن ثم حمايتهما من الآثار المرضية لهذه المواد..
ويؤكد الدكتور/ نجيب أبو أصبع استشاري علاج وزراعة الكلى إنه أشبه باستحداث نوع جديد من العلاجات يعتمد على الجوع أو الصوم، على نحوٍ يؤكد الحكمة النبوية المباركة التي تجلت في قول الرسول(صلى الله عليه وسلم): “صوموا تصحوا”.
لكنه ليس ليفيد الصائم- على الإطلاق- ما لم يستوفي الشروط الصحية بما يُلاءم وضعه الصحي؛ بمعية تحاشيه للمحاذير التي لا تعود على عافيته بالنفع؛ بل بالضرر، وهو ما يجب مراعاته أكثر عند صيام المرضى؛ كالذين يعانون من مشاكل في الكلى.
وبالمجل، نجد العادات الغذائية الصحية هي الأساس لحماية هذه الشريحة من المرضى؛ في حدود ما يوصي الطبيب المعالج بما يتناولوه ويتجنبوه منها- تبعاً للأمراض التي يعانونها- كي يكون صيامهم مبعث طمأنينة مريحة تتلاشى أو تقل معها المتاعب والأضرار المحتملة.
إن الكليتين يمكن أن تتضررا بسبب أمراضٍ ليس- بالضرورة- مكمنها الجهاز البولي؛ كحال الإصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم، حيث يشكلان- بدورهما- السبب الأول لحدوث الفشل الكلوي على مستوى العالم.
والصيام – بطبيعة الحال- له عوائد وقائية على الكليتين حتى مع وجود مرض السكري, ذلك لأنه يقلل كمية ما تفرزه الكلية من سكر مع البول، ويجعل مستوى سكر الدم أكثر انضباطاً، وبذا يحمي الكليتين من تبعات أضرار الزيادة الكبيرة في مستواه بالدم.
كما يُخفض الصيام من ضغط الدم الشرياني؛ نتيجة قلة ما يتناوله الصائم من سوائل وأملاح- لدى بقاءه طيلة النهار من دون طعامٍ وشراب – وهذا يعطيه دوراً وقائياً في حماية الكليتين من تداعيات ارتفاع ضغط الدم.
وفي حال أن كانت الكليتان سليمتان والجسم سليم؛ يؤدي الصيام حينها – بسبب قلة الماء بالجسم- إلى ارتفاع كمية الحامض البولي و(اليوريا) بالدم، وليس لهذا تأثير يضر بالجسم طالما الشخص سليم.
وبالتالي، فإن ما ينجم عن الصيام من عائدات سلبية على الكليتين يعتمد على وضعهما الصحي خصوصاً، وعلى وضع الجسم بشكلٍ عام.
ومن هنا، ننتقل إلى الحديث عن الفشل أو القصور الكلوي؛ بمعنى عدم كفاءة الكليتين وأنهما لم تعدا قادرتين على القيام بكل أو ببعض وظائفهما السابقة في استخلاص وطرد مخلفات الطعام والشراب ومخلفات البناء والهدم التي تنقل إليها عبر دورة الدم بالجسم، وبما يجعل- أيضاً- عملية التخلص من السوائل والأملاح مسألة صعبة.
ولا شك أن أسبابهما كثيرة، مثل:- انسداد مجرى البول الناتج عن حصوات الكلى، داء السكري، وجود التهابات ميكروبية بالكلى، ارتفاع ضغط الدم الشرياني، بعض أمراض الجهاز المناعي كمرض الذئبة الحمراء(الثعلبة)، الإصابة بالبلهارسيا، وجود أمراض وراثية مثل(تكيس الكليتين، متلازمة البورت) وسوء استخدام بعض الأدوية والمسكنات وما إلى ذلك.
وعلى المواطن أن يعي أهمية إجراء تحليل البول بالمختبر وفحص الدم والفحص بالموجات فوق الصوتية، إذ يمكن من خلالها الكشف عن وجود أمراض الكلى في أكثر من (95% )من الحالات، ولا بد له من ترجمة واقعية في الحياة؛ وبخاصة الفشل الكلوي الذي لا تصاحبه-غالباً- أعراض توحي بالإصابة في الفترة الأولى لظهوره أو أنه يأتي بلا أعرض، لكن مجمل العلامات العامة لهذا المرض تشمل عادةً: (الصداع، الإرهاق، شحوب اللون بسبب فقر الدم، فقدان الشهية، الغثيان والقيء، الحكة المستمرة، اضطراب النوم، التغير في كمية البول، الغيبوبة والتشنجات).
بالتالي، يجب أن يتنبه الإنسان لهذه الأعراض ولا يتردد بالذهاب- لدى شعوره بها- إلى الطبيب المختص الذي سيعمل على الكشف عن الحالة ويطلب إلى المريض إجراء تحاليل طبية للدم (لوظائف الكلى) وتحليل عام للبول، إلى جانب الأشعة التلفزيونية للكليتين.
وعليه، يمكن تقسيم مرضى القصور والفشل الكلوي إلى مجموعاتٍ ثلاث يتحدد عندها السماح أو عدم السماح بالصيام لتلافي المشكلات:-
• المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان
Next Post