الشيطان الأكبر:
د. صادق القاضي
الشيطان الأكبر الذي هو -حالياً- أمريكا بالنسبة لإيران، هو إيران بالنسبة للسعودية، والسعودية بالنسبة لسوريا، وسوريا بالنسبة لقطر، وقطر بالنسبة لمصر، ومصر بالنسبة لبوكو حرام، وبوكو حرام بالنسبة لبوكو حلال ..!
للملائكة نسق آخر مغاير، ومتغير هو الآخر، فلا ملامح دائمة للملائكة أو الشياطين، شيطان الأمس ملاك اليوم، والعكس، المواجهات كالتحالفات آنية نسبية، ولا عناصر ثابتة في خارطة السياسة على هذه الأرض، وربما في السماء، حيث يقال أن ذلك الوغد اللئيم “إبليس”، كان “طاؤوس الملائكة”، قبل أن تودي به حماقته السياسية تجاه “آدم”.
بالنسبة لأمريكا، كان الشيطان يابانيا والملاك إيرانيا، لينقلب الأمر لاحقاً إلى النقيض، وعلى مستوى المنطقة ماتزال السعودية وإيران طرفا المعادلة التي تخاف السعودية برعب من تغيير امريكا لها خاصة بعد توقيع إيران للاتفاق النووي مع الغرب، والتصريحات المتأخرة لأوباما والمبكرة لترامب.
تبعا لأمريكا، في العالم العربي كان الشيطان شيوعيا، ليصبح شيعيا، وخلال عقود قليلة تغيرت طرق المجاهدين مرارا بين أفغانستان وباكستان والشيشان ويوغوسلافيا والجزائر والصومال.. وأخيرا وليس آخرا، سوريا والعراق واليمن.!
قد تحدث الانقلابات فجأة، فبغمزة ماكرة تحول الرئيس “صالح” من “القوي الأمين موسى”، إلى المستبد السفاح فرعون، وبمكالمة هاتفية تحولت الكبائر والموبقات إلى “مفاسد صغرى”.!
وُجهات الجهاد، وأهداف الإرهاب، وقضايا الخطب، وجداول التكفير.. تتحدد وتتغير وفق أجندات خاصة جدا، فلا اتجاه القبلة ولا الجاذبية الأرضية، تؤثر على بوصلة التطرف والإرهاب والجهاد.. المحكومة-فقط- بجاذبية المصالح.!
المصالح، بحد ذاتها، ليست سيئة، فهي موضوع السياسة والاقتصاد، والمبرر المعقول للتأرجحات السياسية بين الملائكة والشياطين.. فلا عداوة ولا صداقة دائمة، وعدو الأمس صديق اليوم، وقد يكون عدو الغد.
غداً قد تتحالف إيران مع أمريكا، وأمريكا مع الحوثيين، والحوثيون مع السعودية، وتعيد السعودية إخوان اليمن إلى القائمة السوداء، ويعود إخوان اليمن إلى تكفير القوميين وأقوامهم والشيوعيين وأشياعهم كما كانوا دائما.!!.
لا عيب في إقامة التحالفات وفكفكتها، العيب فقط في الفجور في الخصومة والتطرف في الانبطاح، والنزوات الانتهازية المشبوهة، ما يزج بالسياسة في أوكار المافيا والمخدرات والأسواق السوداء والتجارة بالأعضاء البشرية..!
…