حسن عبدالله الشرفي
سَجِّلْ مَقَامَكَ في الهيجاءِ يا قَلَمُ
حَتَّى يراك العبيد الْغُلْفُ والْخَدَمُ
حَتَّى تراك بغال الرُّوْمِ قاطِبَةً
حَتَّى تراك النعال الصفرُ وَالْجِزَمُ
في عَاصفاتك ما لا يعلمون… وفيْ
عنادك الْمُرِّ مَا تَهْتَابُهُ الْحُمَمُ
وقل لهم إِنَّهَا حَرْبٌ مُدَنَّسَةٌ
مَا عندها شَرَفٌ حُرٌّ وَلاَ شَمَمُ
وقل لهم إِنَّهَا حَرْبٌ مُنَافِقَةٌ
فيها الطليقَ ومن أسمائها الصَّنَمُ
وقل لهم.. إِنَّهَا حَرْبٌ مُسَافِحَةٌ
مَا يستحي عندها صُلْبٌ وَلاَ رَحِمُ
وَلاَ تَقُلْ حينَ يَسْتَغْشُوْنَ ذِلَّتَهُمْ
بأَنَّهُمْ في مَبِيْعَاتِ الْهَوَانِ هُمُ
لِأَنَّ عاصفةً أخرى بداخلهم
يدري بها عَرَبُ الآفاقِ والْعَجَمُ
المحبطون أَرادوا أَنْ يكون لَهُمْ
شَأْنٌ،، وما ارتفعت عن حَيْثهَا قَدَمُ
والمعتدون رأَوها فُرْصَةً سَنَحَتْ
وما دروا أَنَّهَا في الحالِ تنهزِمُ
….
(ب)
صنعاء بالجبروت النذلِ تحترقُ
وليلُ عَطَّانَ مَا في نعشه أُفُقُ
وعند سعوان جُرْحٌ لا الخطى فَهِمَتْ
ما شأنه في شَظَايَاهُمْ وَلاَ الطُّرُقُ
حَشْدٌ من النسوة الْوَسْنَى وقافلةٌ
من الطفولةِ ما في قلبها رَمَقُ
ألْكُلُّ تحت الركام المستباح كَمَا
لو أَنَّهُمْ في أعاصير اللظى وَرَقُ
من أَجْلِ مَاذا؟ وَلاَ عِلْمٌ وَلاَ خَبَرٌ
في عالم كلُّ مَنْ في عَرْشِهِ سَرَقُ
وَمجلس الأمن عَرَّابُ النفاق عَلَى
هَوَاهُ كالكذب المأْجورِ مُخْتَلَقُ
شعبٌ يموت بلا ذنبٍ وَلاَ سَبَبٍ
وَأُمَّةٌ بالحصار النَّذْلِ تَخْتَنِقُ
شَهْرٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ بِمَحْرَقَةٍ
وَمَسْلَخٍ في الدروب الحمر يَنْطَلِقُ
وَفي الرياضِ حثالات اللصوص كَمَا
لو أَنَّهُمْ في مَرَاحِيْضِ الدُّمَى خِرَقُ
لكنَّ لِلزَّمَنِ الآتي إِرَادَتَهُ
وشأَنَهُ وَمَسَاراً مِنْهُ ينبثقُ
. . .
(ج)
يا نَائِح الطلح هذا مَأْتَمٌ جَلَلُ
نِيْرَانُهُ في شغاف القلبِ تشتعلُ
قالوا أَتينا لنعطيكم مَحَبَّتَنَا
وعندنا الحزم في معناه والأَمَلُ
قلنا لهم نحن قومٌ في تجاربنا
مَا لاَ يضيعُ بِهِ قولٌ ولاَ عَمَلُ
مِن قبل سبعين عَاماً طار طائركم
فينا،، وقلنا فساد الجار يُحْتَمَلُ
لكنكم كحمير السوق ما اجْتَمَعَتْ
إلاَّ ليكثر فيهِ الرَّوْثُ والزَّبَلُ
وَمَرَّت السنوات القاحلات وَمَا
بَدَا مَعَهَا في وَجْهِكُمْ خَجَلُ
وهكذا،، هكذا حتى أَتى زَمَنٌ
كَأنَّهُ فوق آبار العمى جَمَلُ
وَمِثْلَمَا يشبع ابن الفحش جاء بِكُمْ
ضعف النفوس وفيه الشؤم والْفَشَلُ
شئْتُمْ مَشِيْئَاتِ مَخْدُوْعِيْنَ ما عَرَفُوْا
مَا الْحَنْظَلُ الْمُرُّ في المسعى وَمَا الْعَسَلُ
وَمَا انكسرنا وَنار الحقدِ تَأْكُلُنَا
وَأَرْضُنَا بالدَّمِ المغدور تَغْتَسْلُ
. . .
(د)
لاَ شيءَ إلاَّ الدموع الْحُمْرُ والجزعُ
لا شيءَ إلاَّ البكاء الْمُرُّ وَالْوَجَعُ
المعتدون أعادوها إلى حِقَبٍ
كأنَّهَا من دياجيرِ الأسى قِطَعُ
وَذَنبها أَنَّهَا قالت لجارتها
أَنَّ الوجود لكل الناسِ يَتَّسِعُ
وَعَالَمُ اليومِ مَا عَادَتْ شَرَائِعُهُ
إلاَّ لصوتِ الضميرِ الحيِّ تَسْتَمِعُ
لكنَّ جارتها مسكينةٌ وَقَعَتْ
في شَرِّ مَا فيه طَابُوْرُ الدُّمَى يَقَعُ
لكنَّ جَارَتَهَا شَعْبٌ حكايته
مَعَ الحياة بها من حالها فَزَعُ
شعبٌ كَسَائِمَةِ المْرْعَى تروح كما
تعدو،، وتجهل ما الآحاد مَا الْجُمَعُ
شعبٌ كأيِّ مَتَاعٍ لاَ خيارَ لَهُ
حَتَّى وإن كثرتْ في ثوْبِهِ الرُّقَعُ
ماذا تَبْقَّى سؤالٌ خَلْفَ نَافِذَةٍ
حِبَالُ أَصْوَاتِهِ بالصمتِ تَنْقَطِعُ؟
مَاذا تبقى؟ هنا صنعاء تَسْأَلُنِيْ
وَحَوْلَهَا يستريحُ الذئبُ والضَّبُعُ
صنعاء – مايو 2015م