شكل صفعة كبيرة لتركيا
برلين / وكالات
تبنى مجلس النواب الألماني أمس قرارا يعترف بإبادة الارمن في ما اعتبرته تركيا، الشريك الأساسي والصعب في ملف أزمة الهجرة في اوروبا، “باطلا ولاغيا” مشيرة إلى أنه خطأ تاريخي.
وعند بدء النقاشات أكد رئيس البوندستاغ نوربرت لاميرت ان المجلس “ليس محكمة ولا لجنة مؤرخين” مشيرا إلى أن النواب الالمان إنما “يتحملون مسؤوليتهم” عبر تأييد هذا القرار.
وعبر عن أسفه “للتهديدات العديدة بما يشمل التهديد بالقتل” التي استهدفت بعض النواب لا سيما المتحدرين من اصول تركية. وتحتوي المانيا حوالي ثلاثة ملايين شخص من اصول تركية، ما يشكل اكبر الجاليات في العالم.
واضاف ان هذه التهديدات “غير مقبولة، ولن نسمح بترهيبنا”.
وقدمت النص كتل الاكثرية البرلمانية أي محافظو تكتل الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي إضافة إلى حزب الخضر المعارض.
ويندد القرار بـ”ما قامت به آنذاك حكومة تركيا الفتاة والى إبادة شبه تامة للارمن”، كما يدين “الدور المؤسف للرايخ الالماني الذي لم يفعل شيئا لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية بصفته الحليف الرئيسي للدولة العثمانية”.
وسارعت تركيا الى التنديد بتبني مجلس النواب الالماني القرار معتبرة انه يشكل “خطأ تاريخيا” وإنها تعتبره “باطلا ولاغيا”.
وقال الناطق باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش على حسابه على تويتر ان “اعتراف المانيا ببعض المزاعم المحرفة والتي لا أساس لها يشكل خطأ تاريخيا” مضيفا انه بالنسبة لتركيا “هذا القرار باطل ولاغ”.
وحرص غالبية الخطباء امام مجلس النواب على التأكيد أن هذا القرار لا يستهدف السلطات التركية الحالية وإنما حكومة تركيا الفتاة السابقة التي كانت في السلطة آنذاك والمسؤولة عن المجازر.
وقبل ساعات على التصويت اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم ان مبادرة مجلس النواب الالماني تشكل “اختبارا فعليا للصداقة” بين المانيا وتركيا.
وقال يلديريم في خطاب في انقرة “هذا النص لا يعني شيئا بالنسبة إلينا، وسيشكل اختبارا فعليا للصداقة” بين البلدين.
وهناك مخاوف من ان يؤدي الاعتراف بالإبادة الى تصعيد التوتر في العلاقات مع انقرة خصوصا في ما يتعلق بتطبيق الاتفاق المثير للجدل بين الاتحاد الاوروبي وتركيا لخفض اعداد المهاجرين القادمين الى اوروبا والذي هدد الرئيس التركي احمد رجب اردوغان بعرقلته ما لم يتم اعفاء المواطنين الاتراك من تاشيرات الدخول الى منطقة شنغن.
والثلاثاء الماضي، اتصل اردوغان بالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل للتعبير عن “قلقه” والتشديد على ان هذا “الفخ” يمكن ان يؤدي الى “تدهور مجمل العلاقات مع المانيا”.
ولم تحضر ميركل النقاشات أو التصويت على النص لكنها أبدت تأييدها له خلال تصويت سابق في الكتلة البرلمانية المحافظة.
ومشروع القرار حول ابادة الارمن تحفظ عنه حتى بعض المسؤولين الالمان، على غرار وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير الذي قال المتحدث باسمه إنه “يأمل” إلا يؤدي إلى “تازيم العلاقات لفترة طويلة مع تركيا”.
وفي المقابل اكد زعيم الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديموقراطي فولكر كودر أمس للتلفزيون الالماني العام ان التصويت لا يعني “وضع تركيا في قفص الاتهام” وإنما تشجيع المصالحة “عبر تسمية الأمور بأسمائها”.
ويؤكد الارمن ان 1,5 مليون ارمني قتلوا بطريقة منظمة قبيل انهيار السلطنة العثمانية فيما اقر عدد من المؤرخين في اكثر من عشرين دولة بينها فرنسا وايطاليا وروسيا بوقوع ابادة.
وتقول تركيا ان هؤلاء القتلى سقطوا خلال حرب اهلية ترافقت مع مجاعة وادت الى مقتل ما بين 300 الف و500 الف ارمني فضلا عن عدد مماثل من الاتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الاناضول.
ورحبت ارمينيا أمس بقرار مجلس النواب الالماني الاعتراف بإبادة الارمن على يد القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الاولى.
وقال وزير الخارجية الارميني ادوارد نالبانديان “ارمينيا ترحب بتبني مجلس النواب القرار”.
وأشاد الوزير بالقرار ووصفه بأنه “مساهمة المانية قيمة ليس فقط في الاعتراف والتنديد الدولي بابادة الارمن وانما في النضال العالمي لمنع ارتكاب إبادات وجرائم ضد الانسانية”.
وتبنى النواب الالمان القرار بأغلبية الأصوات في تحد لتحذيرات تركيا من ان ذلك قد يضر بالعلاقات بين البلدين.
وتسعى يريفان منذ فترة طويلة الى الحصول على اعتراف دولي بالابادة، إلا أن انقرة ترفض استخدام ذلك الوصف للإشارة الى مقتل الارمن قبل قرن وتقول ان ما حدث هو مأساة جماعية قتل فيها عدد متساو من الاتراك والارمن.