لحظة يا زمن.. اختيارات

محمد المساح
ستلاحقك المدينة وستهيم في الشوارع ذاتها، ستدركك الشيخوخة في هذه الأحياء بعينها، وفي البيوت ذاتها سيدب الشيب في رأسك، ستصل على الدوام إلى هذه المدينة لا تأمل في بقاع أخرى ما من سفن من أجلك، وما من سبيل، وما دامت قد خَرِبتْ حياتك هنا في هذا الركن الصغير فهي خراب أينما كنت في الوجود.
قصيدة المدينة –للشاعر اليوناني كقافيس

وما نظرت إلى المرآة حتى صرخت وخفق قلبي خفوقاً شديداً؛ لأن ما انعكس لي في المرآة لم يكن وجهي، بل وجهاً تقطبت أساريره بضحكة شيطان آخر.
“نيتشه هكذا تكلم ادشت”
ومن انفرد وطال مقامه في البلاد والخلاء، والبعد من الإنس –إستوحش- لاسيما مع قلة الأشغال، والمذاكرين.. والناس لا يفزعون إلا من شيء هائل شنيع، وقد عاينوه أو صوره لهم واصف صدوق اللسان، بليغ في الوصف، ونحن لم نعاينها، ولا صورها لنا صادق.
“الجاحظ: عن الجان والأشباح –كتاب الحيوان”

كنت أسير في الطريق مع صديقين لي، ثم غربت الشمس فشعرت بمسحة من الكآبة، ثم فجأة أصبحت السماء حمراء كالدم، فتوقفت وانحنيت تماماً على سياج بجانب الطريق، ثم نظرت إلى السحب الملتهبة، المعلقة مثل دم وسيف فوق جرف البحر الأزرق المائل إلى السواد في المدينة، وقد استمر صديقاي في سيرهما، لكني توقفت هناك أرتعش من الخوف، ثم شعرت بصرخة عالية لا نهاية لها تخترق الطبيعة.
“الفنان النرويجي- إدفاردي مونش وهو يتحدث عن المشهد الذي جعله يرسم لوحته الشهيرة “الصرخة”

قد يعجبك ايضا