استطلاع/ احمد الطيار
أصبحت تكاليف مستلزمات شهر رمضان المبارك هماً إضافياً على الأسر اليمنية هذا العام، فنتيجة لمرور عام وثلاثة أشهر من العدوان والحصار الاقتصادي تجد الأسر اليمنية نفسها غير قادرة على تحمل أعباء تلك المستلزمات، وهي التي تكلف اليوم أكثر من 100 ألف ريال على الأقل؛ والسبب ارتفاعات الأسعار من جهة، ومن جهة أخرى تضاؤل الدخل الشهري للأسر لمستوى قياسي في ظل تراجع صرف سعر الريال.
الهم
يؤكد الناس أن مستلزمات شهر رمضان تختلف عن بقية الأشهر العادية، فهناك احتياجات خاصة لسلع بعينة وتضم مختلف أنواع الحلويات والمكسرات والألبان وغيرها تكون حاضرة في المائدة الرمضانية، ومع هذا الاعتراف هناك مشكلة تتعلق بالشراء وهي النقطة الجوهرية هذا العام، فالنقد لم يعد متوفرا للأسر كما يقول محمد الجباري عضو منتدى الأسر اليمنية، إذ أن الدخل لم يعد متوازناً مع الطلبات للأسر على الإطلاق.
الإنفاق
كانت البيانات تتحدث عن قيمة مالية كبيرة تنفق في شهر رمضان من قبل الأسر اليمنية، لكن هذا العام ستتراجع بمقدار 50 % عن العام السابق، وحوالي 70% عن الأعوام قبل العدوان على اليمن، ذلك أن اليمن يمر بوقت عصيب، فالعدوان والحصار الاقتصادي من قبل دول التحالف السعودي ضد اليمن استهدف بشكل مباشر دخل الإنسان اليمني عبر استهداف المنشآت الاقتصادية، ومراكز الأعمال مما أدى لفقدان الآلاف وظائفهم في القطاع الخاص اليمني، وأصبحت مواردهم المالية على المحك، وهذا بدوره أثر على نفقات أسرهم في رمضان، وهنا يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عادل الحوشبي: إن الإنفاق لهذا العام سينخفض إلى أكثر من 50 %، ويمكن الحديث عن 100-150 مليار ريال فقط مقارنة بـ 400 مليار في 2013م.
الأسعار
مستلزمات رمضان باتت واضحة في السوق أنها مرتفعة الثمن مقارنة بالأعوام الماضية بل بالشهور الماضية، وكما يقول محمد الحمادي: إن التقلبات التي رافقت سعر الصرف قفزت بالأسعار لمستويات قياسية؛ نتيجة لمخاوف التجار من جهة، وأيضاً لتفاعل الحصار الاقتصادي، والحرب الاقتصادية التي تشن عليه من الداخل والخارج.
جولة
ارتفعت أسعار الزيوت بشكل كبير بنسبة 30 % وهي الأكثر طلباً في رمضان، وهنا تشكل صدمة للمستهلكين، حيث أن اللتر الواحد حالياً من الأنواع المصنعة محلياً بات فوق 700 ريال، فيما ارتفع المستورد من عمان من 2500 ريال لقنينة فئة 5 لتر إلى 3000 ريال، ومازالت الزيوت المستوردة ترفع سعرها بين اليوم والليلة كما هي في الزيوت السعودية دون مبرر.
وشهدت أسعار المستلزمات الأخرى كالألبان والسمون ارتفاعاً ملحوظاً قدرها نجيب الشرعبي مدير تسويق يمن مارت بـ20 %، فيما البهارات ومكونات الحلويات والبن والسكر قفزت بنسبة 40 %.
العادات
يؤكد الخبراء أن ارتفاع مستوى إنفاق الأسر في رمضان يعود بدرجة أساسية لبروز عادات وأنماط استهلاكية غير حميدة ويدعون في هذا الموسم للاقتصاد المنزلي وعدم الإسراف وهو ما يقولون عنه عدم إرهاق موازناتهم بالديون لشراء تلك المستلزمات التي لم تعد ضرورية في مثل حال اليمنيين، ويعيبون على الأسر اليمنية التي تتسابق على اقتناء مجموعة من السلع الرمضانية بشراهة وتدفع لذلك مبالغ باهظة، فيما يكافح الفقراء وذوي الدخل المحدود وهم الأكثر بروزاً للبقاء على قيد الحياة، ويشير الدكتور يوسف سلمان الأستاذ المساعد بقسم التربية الاجتماعية كلية التربية بجامعة العلوم والتكنولوجيا إلى أن الأسر اليمنية اكتسبت عادات استهلاكية ضارة جعلتها تعتقد أن شهر رمضان يحتاج الكثير من السلع، ولهذا تدخل عدة أنواع من الأطعمة والحلويات وغيرها من المأكولات المائدة الرمضانية فقط، فيما تغيب بقية الأشهر وهذه السلع هي من تسبب زيادة في مستوى الإنفاق الأسري بهذا الشهر الكريم.
الأعباء
تعترف الأسر اليمنية أن تكاليف نفقات شهر رمضان تعتبر تحدياً لموازنتها خصوصاً في ظل وضع كهذا الذي نعيشه نتيجة للحرب على اليمن والعدوان عليها من قبل السعودية والذي أدى لفقدان الأعمال والوظائف لدى شريحة كبيرة من المجتمع إضافة لتشريد الآلاف من الأسر والعائلات من مساكنهم وقراهم في صعدة وعمران وحجة وعدن ولحج وذمار وتعز وغيرها، ويعتقد أن خسارة الأسر قد وصلت لــ1250مليار ريال خلال عام من العدوان فهناك عمال فقدوا دخلهم نتيجة لتعطل المصانع والشركات والخدمات الخاصة والتي تقدر أنها كانت تنفق شهرياً نحو 100 مليار ريال على الأقل كأجور للعمالة.
الفقراء ومحدودو الدخل
في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها اليمن أصبح الفقراء ومحدودو الدخل فئة واحدة فوفقاً لتقرير رسمي عن البنك الدولي هناك أكثر من 79 % من الأسر اليمنية داخل دائرة الفقر أي أنها تعتمد على دخل يومي يوازي 2 دولار أي أن الشهر لديهم بــ60 دولاراً، فيما الفقراء معروفون في اليمن أنهم لا يتمكنون من الحصول على هذا الرقم، وترى معظمهم يساوي دخلهم 20000 ريال أي أقل من 100 دولار في الشهر، ووفقاً لهذه الحسبة فإن اليمنيين معظمهم في خط الفقر، حيث يتقاضى الموظفون الحكوميون دخلاً لا يزيد عن 200 دولاراً للمهن الحرفية، ولا يزيد عن 260 دولاراً للموظف الجامعي، وهكذا تجمعهم دائرة واحدة هي دائرة الفقر، وحين انخفض سعر الريال أمام الدولار بات موظفي الدولة فقراء، حيث فقدوا 35 % من قيمة رواتبهم مقارنة بالدولار.
معاناة
من يعيش حياة الفقراء ومحدودي الدخل سيستشعر فعلا معاناتهم وخير دليل على ذلك الموائمة بين دخل هؤلاء الفقراء ومحدودي الدخل وما وصلت إليه مستويات الأسعار في السوق للكثير من السلع، ويقول عبده محسن (مدرس): إن الأسعار الحالية فضيعة فعلبة الحليب (2.5 كيلوجرام) بــ5600 ريال، والسمن النصف بـ4300 ريال، أما البهارات والمكسرات والتمور فأسعارها مرتفعة منذ العام الماضي، ولشراء مستلزمات بسيطة تحتاج أكثر من 100 ألف ريال، وهذا مبلغ لا يتوفر لأي أحد من الفقراء ومحدودي الدخل؛ لأن احتياجاتهم اليومية لا يمكن توفيرها كاملة فما بالك بمستلزمات تحتاج راتب شهر كامل.