القضاة يتعرضون لاعتداءات متكررة والجهات القضائية العليا تتعامل باستخفاف


لقاءات/ نافع الحكيمي –
في البدء قال القاضي شائف علي محمد الشيباني مساعد رئيس هيئة التفتيش القضائي لشؤون الأعضاء بمكتب النائب العام: إن هذه عادة فاسدة وليست ظاهرة لأنها متفشية منذ أمد بعيد من الفترة الماضية واعتاد عليها الناس الذين لهم نفوذ اجتماعي أو هم في السلطة على أهانه الغير حتى تمادوا بها إلى هذا الشطح بالتمادي على رجال للسلطة القضائية .. مشيرا إلى أن مشكلة القضاء اليوم لم تعد كما كانت مع المشايخ أو المتنفذين اجتماعيا فقط وإنما مع من هم أعوان للسلطة القضائية من رجال الضبط القضائية من مدراء الأمن ومدراء المديريات وغيرهم وهؤلاء ورثوا هذه العادة واعتادوا عليها وألفوا على هذا الأمر ولم يستطيعوا أن يخضعوا للقوانين و يشعر أحدهم بأن عضو النيابة هذا اصغر منه وظيفة أو سنا .. متناسيا أن هذا قاضُ والقاضي وظيفته عبارة عن ولاية وليست مجرد مقارنة بين درجة أعلى ودرجة أدنى وإنما قاضُ له ولاية عامه..
وأِضاف: إن الشعوب كلها عندما تريد أن تخضع السلطة التنفيذية لقانون تلجأ إلى القضاء وتهدد السلطة التنفيذية ابتداء من رأس السلطة التنفيذية حتى اصغر موظف فيها ..ونحن نلجأ إلى تهديد القضاء بالسلطة التنفيذية وازدادت هذه العادة وخاصة في الوضع الراهن المورث من سابق .. ونحن على أمل كبير في الانتقال إلى الدولة المدنية الجديدة التي ستقتلع جذور هذه العادات السيئة التي ورثناها طيلة الحكم السابق.
الدوافع
وأوضح القاضي الشيباني أنه عند البحث في الدوافع التي أدت إلى هذه العادة السيئة والفاسدة نجدها بدأت نتيجة اعتياد السلطة التنفيذية على التغول على السلطة القضائية بمعنى فرض هيمنتها على السلطة القضائية .. ذلك أن السلطة التنفيذية مكونة في الأصل من عناصر ليسوا في جملتهم مدنيين فهنالك من تأقلم على الحياة العسكرية التي تعرف بنوع من الأمر والنهي وحاضر يافندم ونفذ ومن ثم تظلم وهذه كلها عندما يتحول هذا الرجل من الكادر العسكري إلى الكادر المدني للعمل لا يزال في عقله معششاٍ فعل الأمر والهيمنة والسلطة فتؤثر عليه في كثير من شؤون حياته المدنية وتعامله مع الآخرين حتى يتمادى في نفس الوقت ليصل به إلى حد التمادي على القضاء ..
الاسباب
وعن أسباب تكرار هذه الاعتداءات يقول مساعد رئيس هيئة التفتيش القضائي بمكتب النائب العام: إن أولئك أصحاب الرتب العسكرية تربيتهم العسكرية هي التي أرادوا أن يعكسوها على حياتهم المدنية ونفس الشيء للمتنفذين مجتمعياٍ حيث يجدون أن أوامرهم بين رعيتهم وأبناء رعيتهم وموظفيهم وخدمهم وحشمهم تنفذ دون نقاش فأرادوا أن ينفذوها ويخضعوها على الآخرين بما في ذلك السلطة القضائية حيث ينظرون بأن عدم تنفيذها يعد أهانة في حقهم فاعتادوا أن لا يعصى لهم أمر والاعتقاد السيئ بأن الإنسان فوق القانون يجعله يتعامل مع الجميع بذلك بما فيهم القضاء .. حيث يظن أنه فوق القضاء معتقدا أن القاضي لا يستطيع أن يحبسه أو حتى إلزامه بالحضور وهذا اعتقاد سيئ.
ثانيا: عدم ملاحقة هؤلاء بقوة القانون حيث أنهم يلاحقون عرفا وبطريقة القبيلة والتصالح وتنتهي اغلب هذه الاعتداءات بالصلح ومن ثم فإن من يقومون بهذا الاعتداء لا يبالون بما سيغرمون به بعد ذلك ولا يبالي بان يعتذر وثم تنتهي القضية أشبه بمن يقوم بجريمة فتأتي به لتحلفه هل ارتكب الجريمة أم لا ليأتيه الفرج ..ظهور هذه العادة وتفشيها وتنفيذ العقوبة إلى ما ندر هذه المشكلة .
الثالث: الجهل حيث أن قانون الإجراءات الجزائية في المادة رقم (13) وهي من المبادئ الأساسية تعطي عضو النيابة العامة ودون تكليف بمجرد أن يبلغه احد المواطنين بأن شخصاٍ ما مودع في سجن غير قانوني أو مودع في سجن إيداع غير قانوني عليه أن ينتقل بنفسه إلى ذلك المكان وان يتخذ الإجراءات القانونية حيال ذلك وهذا يعني أن لكل عضو نيابة أن يتحرك دون اخذ تكليف من رؤسائه وهذا يجب أن يفهمه ليس فقط مدراء الأمن ومدراء المديريات وإنما أيضا المشايخ وغيرهم ممن يحتفظون بأماكن توقيف وغيره يجب أن يفهمه الجميع وأيضا أعضاء النيابة ومسئوولوهم أن من حق عضو النيابة في دائرة اختصاصه الحق في التحرك وتفتيش الأماكن التي علم بوجود محتجزين بها وإطلاق المحبوسين بغير مسوغ قانوني بمجرد إبرازه للبطاقة القضائية وليس أمر التكليف كما يحق لكل مواطن أن يبلغ عن أي فعل مخالف للقانون مثل احتجاز حرية مواطن أو إيداعه حبساٍ غير قانوني واعتبرها من دعاوى الحسبة أي لكل مواطن أن يحتسب ويتجه إلى النيابة العامة بصفته محتسبا للإبلاغ عن جريمة احتجاز لمواطن من غير مسوغ قانوني أو إيداعه في غير الأماكن المحددة قانونا .. وهنا يفرض القانون على عضو النيابة الانتقال واتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة وبدون تكليف..
وبهذا الخصوص أيضا نجد أن المادة (27) جعلت جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار الخاصة و الاهانة والتهديد بالقول أو الفعل أو الإيذاء الجسماني البسيط من جرائم الشكوى ما لم تكن قد وقعت تلك الأفعال على مكلف بخدمة عامة أثناء قيامه بواجبه أو بسببه أو موظف عام بمعنى أنها إذا وقعت على موظف عام لا يصح التنازل عنها ولا ينهيها التصالح بل تستمر بالدعوى الجزائية وللنيابة العامة أن تحركها ولو بغير شكوى بمجرد البلاغ وتحقق فيها طالما لديها إمكانية التحقيق وهي مسألة مهمة يجب مراعاتها .
الحلول
وعن الحلول أكد القاضي شائف الشيباني أن إيقاف هذه العادة يرتكز على فرض العقوبات اللازمة وتطبيق القانون وإحالة قضايا الاعتداء إلى المحاكم وعدم قبول الحلول الوسطية التي تنتهي بالصلح والتحكيم (التهجير) لأن هذه الوقائع لا تتعلق بحق القاضي أو الموظف العام فقط وإنما تتعلق بالوظيفة العامة التي هي حق للمجتمع كله..
مشيرا إلى أن من حق الموظف العام أن يتنازل عن حقه بما أصابه من ضرر ولكن لا يصح للنيابة العامة أن تحفظ القضية أو تصدر قراراٍ بأن لا وجه لتناول القضية أو تنهيها بالتنازل أو الصلح لأن الاعتداء على احد العاملين بالوظيفة العامة ليس من جرائم الشكوى التي يتم التصالح بها ويجب أن ينتهي بحكم على من يعتدي على موظف عام أو العاملين في الوظيفة العامة حتى يعلم الشخص أو غيره أن مجرد التهجير أو الصلح لن يوقف سير الإجراءات القضائية هذا بصورة عامة وبصورة خاصة.
بما أن هذه العقوبة حق للمجتمع وليس للشخص فينبغي أن نقرر انه لابد من تنفيذ العقاب ومتابعتهم لتنفيذ دولة القانون وقانون العقوبات لدينا حدد عقوبات على من يعتدي على الموظف العام بصورة عامة وحدد عقوبة من يعتدي على رجال القضاء سواء بالقول أو الاشارة أو الفعل أو الكتابة.
داعيا أعضاء النيابة العامة أن يستغلوا هذه الوقائع الجديدة عند انتهاء المشكلة أو معالجتها من قبل مجلس القضاء الأعلى مع الجهات المختصة وأن يتم تحديد يوم معين في ساعة معينة بعمل نزول لأعضاء النيابة العامة جميعهم في كافة أنحاء البلاد إلى جميع أقسام الشرطة وأماكن التوقيف والسجون بما في ذلك الأمن السياسي والأمن القومي والتفتيش فيها تنفيذا لصلاحياتهم من ناحية ليعلم الجميع بها ولكي نعلم أيضا بأن الرسالة قد وصلت إلى الجهات المعنية والمسئولين عن مدراء الأمن ومدراء المديريات وغيرهم بأن للنيابة العامة هذا الحق وفقا للقانون وبدون تكليف رسمي بأن يدخلوا هذه المنشآت ويقومون بالتفتيش عليها والاستماع للمحبوسين وأن يصدروا الأوامر للقائمين عليها والتي يجب عليهم تنفيذها فورا ومن ناحية ثانية نكون قد افدنا الآخرين بالإفراج عن المودعين ظلما في تلك السجون والحجوزات.
وأدعو الإخوة الأعضاء عبر المنتديات القضائية إلى أن ينسقوا فيما بينهم في جميع الفروع بالجمهورية لتحديد يوم معين في ساعة معينه تصاحبهم وسائل الإعلام للنزول إلى أماكن التوقيف وفرض هيبة القضاء وتنفيذ القانون والتأكد من وصول الرسالة.
ضعف
ومن جهته قال الأخ نبيل الجنيد عضو النيابة العامة لأمانة العاصمة عضو اللجنة الإعلامية للمنتدى القضائي بان سبب تنامي ظاهرة الاعتداء على السلطة القضائية عدة أسباب منها ضعف مجلس القضاء الأعلى الذي شكل على محاصصة مناطقية وحزبية وسيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية .. فقدان الشعب لمكانة القانون في المجتمع بسبب السياسات التي انتهجها مجلس القضاء السابق المسيئة للقضاء والقضاة بشكل عام .. عدم توفير الإمكانيات اللازمة لحماية مقرات السلطة القضائية وأعضائها .. التهاون في وقائع الاعتداء على أعضاء السلطة القضائية من قبل مجلس القضاء وعدم اتخاذ إجراءات قويه وحاسمة ضد المعتدين وفقا للقانون بما يحفظ هيبة القضاء.
مشيراٍ إلى أن الاعتداء الذي حصل من قبل مدير ورئيس معين والثورة انتهى باتفاق المجلس مع أمين العاصمة بعدم توقيف كل منهما ويشير الاتفاق ضمنا إلى حفظ القضيتين المنظورة أمام النيابة الجزائية المتخصصة وذلك يؤكد عدم استقلال النيابة العامة في التحقيق والتصرف وأن اليد الطولى للسلطة التنفيذية.
استهجان
هذا وقد اجتمعت فروع المنتديات القضائية لـ(11) محافظة في محافظة عدن وقال القاضي عبدالكريم محبوب رئيس الرابطة القضائية بأمانة العاصمة أن الاجتماع كرس لمناقشة إخلال مجلس القضاء الأعلى بتعهداته السابقة بينه وبين المنتديات على تنفيذ مطالب حقوقية وأخرى اصلاحية بجهاز السلطة القضائية كان يجب تنفيذها بأغسطس من العام المنصرم إلا أن مجلس القضاء أعطى نفسه فرصة مقدما التزاما حتى نهاية الشهر الجاري .. مشيرا إلى أن المجتمعين خرجوا باتفاق على الإضراب الشامل عن العمل بدءا من يوم الخامس من مايو القادم إذا لم ينفذ مجلس القضاء الأعلى التزاماته والتي منها انجاز مشروع السلطة القضائية .. مضيفا إنه تم تقديم دعوى لإلغاء عدد من المواد التي تمس باستقلالية القضاء وتتعارض مع الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا وهي محجوزة للنطق بها في الأيام القادمة.
وأكد القاضي محبوب أن الملتقى أدان الاعتداءات المتكررة على القضاة والقضاء وأعضاء النيابات واستهجن الصمت من السلطة القضائية ممثلة بالمجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية محملا الأجهزة الأمنية كامل المسؤولية في سرعة ضبط المعتدين .. موضحا أن ما قامت به النيابة الجزائية المتخصصة من افراج على المعتدين مباشرة يعد خطأ حتى وان كان الاعتداء على مواطن عادي نتيجة توجيهات تلقتها النيابة الجزائية المتخصصة بالافراج وهذا يزيد من إهانة القضاء ..
إفشال الحوار
فيما أكد القاضي عبدالحفيظ البناء رئيس الشعبة المدنية الأولى بأمانة العاصمة الأمين العام للمنتدى القضائي فرع الأمانة استمرار الإضراب وتصعيده لإضراب شامل بدءاٍ من السبت وحتى نهاية الأسبوع الجاري في جميع المحاكم والنيابات بأمانة العاصمة باستثناء محكمة ونيابة الجزائية المتخصصة ..وذلك نظرا لأنها متخصصة في التحقيق بالقضايا الجسيمة والتي منها الاعتداء على موظف عام والقضاة منهم . مشيرا إلى أن المنتدى سيجتمع بعد ذلك للنظر بما تم أو تحقق اثر الإضراب لتقرير ما إذا سيتم دعوة الإخوة في بقية المحافظات للإضراب الشامل ..
وأوضح القاضي البناء أن حملة الاعتداءات على القضاة التي واكبتها حملة اعلامية للتشويه تستهدف الدفع لإيقاف العمل بالقضاء وإيقاف مصالح الناس ومن ثم افشال مؤتمر الحوار الوطني.. مشيرا إلى انه تم الاعتداء على 34 قاضيا وعضو نيابة خلال الشهرين الماضيين اغلبهم من الأمانة.

قد يعجبك ايضا