تحقيق /محمد العزيزي –
أثير قبل أكثر من ثلاثة أعوام قضية وجود زنازين أو سجون وأماكن لحجز المواطنين لدى المشايخ وبعض النافذين في عدد من المحافظات وأظهر عدد من منظمات المجتمع المدني تقارير حقوقية º وعلى ضوء ذلك كلف مجلس النواب لجنة بهذا الخصوص لتقصي الحقائق حول ما أثير من قبل وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني º وخرجت اللجنة البرلمانية بتوصيات قدمت إلى المجلس وأوصى المجلس بعدم حبس أو تقييد حرية المواطنين إلا وفق القانون .. وشدد على إغلاق كل السجون غير القانونية سواء الخاصة بالمشايخ أو الجهات الحكومية غير المخولة بالحجز أو الحبس خارج إطار القانون ..
في الآونة الأخيرة عادت هذه الظاهرة إلى السطح مجددا وبشكل فاضح خصوصا في مديريات المجالس المحلية وعلى الأخص في العاصمة صنعاء حيث تجد أن للضرائب حبساٍ ولصحة البيئة والأشغال العامة حبساٍ والأوقاف حبساٍ ولمديري المديريات حبساٍ .. وكل غرف الحجز غير قانونية … قضايا وناس ناقش هذه القضية وخرج بالحصيلة التالية :
قد لا يصدق القارئ الكريم أن 25 إلى 30 شخصاٍ يتم إيصالهم إلى المديرية كل يوم ويتم حبسهم في غرفة لا تتجاوز 4×4 أمتار في أحسن الأحوال مغلقة الشبابيك بالطوب º إلا أن الكشوفات والمحاضر التي وقعت بين أيدينا تؤكد ذلك º والأدهى من ذلك انك تجد شخصاٍ مسجوناٍ لأنه كان متواجداٍ في مكان تجميع من يراد حبسهم .. يقول هيثم فؤاد سالم انه كان يعمل في إطار المنطقة السادسة في مجال حفر الشارع لغرض توصيل تمديدات كهربائية ضمن فريق من الكهرباء وأن رؤساءه والمدراء المشرفين على الحفر من قبل وزارة الكهرباء سلموه لأحد موظفي الأشغال حتى يتم إحضار ما يفيد أنهم في مهمة وظل في الحبس حتى جاءت النيابة لتفرج عنه .
مواطن آخر قبض عليه في إحدى الصيدليات حين كان ينتظر صاحب الصيدلية إحضار العلاج من الصيدلية المجاورة وتم حبسه لأنه مخالف معتقدين انه صاحب الصيدلية .. أما المواطن حمود طه مهدي كان متواجداٍ في مكتبة الجزيرة أثناء حملة تفتيش لموظفي مديرية الثورة وتم حبسه بسبب ترخيص المكتبة التي لا يملكها حسب محضر نيابة المخالفات .
2000 على كل رأس
لا غرابة من هذه الممارسات لأنه وحسب إفادة احد موظفي الأشغال أن اغلب من يعملون مع المديريات إما أفراد شرطة أو موظفون بالأجر اليومي الذي لا يصرف لهم في كثير من الأحيان بحجة الجباية º حيث لا يفرج على أي شخص إلا بـ2000 ريال على كل رأس من المواطنين ومن يرغب بالخروج من الزنزانة والقسمة تدور على الشلة كما قال .
احد محاضر النيابة يؤكد التزام مدير مكتب الأشغال بمديرية الثورة سعد الغباري انه وبعد النقاش مع النيابة حول المخالفات التي ارتكبت أثناء قيام مكتب الأشغال في المديرية بعمله تم الاتفاق على أن يتم تحرير محاضر ضبط بالمخالفات المرتكبة أياٍ كانت وتحال أولا بأول إلى النيابة مع المخالف إن تم ضبطه والالتزام بتنفيذ أوامر النيابة تنفيذاٍ للقانون وعدم تكرار أي مخالفة .
التفتيش ممنوع
القاضي طارق العريقي عضو نيابة مخالفات مديريتي الثورة وبني الحارث تعرض للاعتداء والطرد بالقوة من قبل مدير مديرية الثورة أثناء قيامه بالتفتيش على حجز المديرية .. وقال القاضي العريقي إنه أدى واجبه عندما رفض تهديدات مدير المديرية كونه يحتجز أكثر من عشرة أشخاص دون مسوغ قانوني .
من جهته أصدر المنتدى القضائي بالأمانة بيانه رقم 13 لسنة 1414 هجري أدان فيه الاعتداءات المتكررة التي طالت عدداٍ من أعضاء السلطة القضائية ومنها اقتحام نيابة غرب الأمانة من قبل مدير مديرية معين وتهديده المباشر لأحد أعضاء النيابة وكذا الاعتداء على أحد قضاة محكمة بني الحارث من قبل أفراد قسم شرطة الحتارش وما حصل من اعتداء على احد أعضاء نيابة المخالفات من قبل مدير مديرية الثورة وإخراجه بالقوة أثناء قيامه بتفتيش الحبس غير القانوني للمديرية .
25 شخصاٍ في يوم
و هنا يقول القاضي حميد حبيش وكيل نيابة مخالفات مديريتي الثورة وبني الحارث انه تبين من خلال التفتيش الدوري والنزول الميداني المستمر لأعضاء النيابة على حجز المديريتين قيامهم بإحضار وحجز حرية أشخاص ليس لهم أي علاقة بالمخالفات المرتكبة من أصحاب العمل أو النشاط التجاري الواقع منه المخالفة لكونهم عمالاٍ أو جازعي طريق حيث وصل بعض من تم احتجازهم ليوم 15|12|2012م إلى 25 شخصاٍ تم القبض عليهم وتوقيفهم في حجز إدارة المديرية بدون حق أو مسوغ قانوني .
وأضاف وكيل النيابة لقد تم استدعاء القائمين على مديرية الثورة إلى النيابة في وقت سابق وتعهدوا للنيابة بعدم القبض أو الحجز لأي شخص وتطبيق الإجراءات القانونية عند مباشرة أعمالهم بأن يتم تحرير محاضر ضبط بالمخالفات المرتكبة وإشعار المخالف بها وإحالة المحضر اليوم التالي إلى النيابة .
أما في حالة مخالفات أشغال الطريق العام من قبل البساطين أشار وكيل المخالفات القاضي حبيش إلى أنه يتم ضبط المخالف وإحالته مع محضر الضبط إلى النيابة مباشرة لعدم وجود محل إقامة محدد له دون حجزه لدى المديرية وفي مخالفات البناء يتم إثبات المخالفة بموجب محضر الضبط يحدد فيه نوع المخالفة ومكانها وإسقاطها على المخطط ورسم الكروكي مرفق فيه قيمة البناء المخالف وإشعار المخالف بها º أما حبس أي شخص بدون وجه حق أو مسوغ قانوني يعد جريمة يعاقب عليها القانون .. مؤكدا لنا أن عدم التزام المديريات بالقوانين واللوائح المنظمة لأعمالهم في مجال ضبط المخالفات وكيفية التعامل معها والإجراءات المتخذة بشأنها هي مكمن الخلل في هذه التجاوزات .
أفراد المنشآت
و استطرد القاضي حبيش بالقول : نيابة المخالفات بأمانة العاصمة وجهت رسالة واضحة للإدارة العامة لشرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات التابعة لوزارة الداخلية بمنع أفرادها من النزول الميداني إلى الأسواق والمحلات التجارية والباعة وأصحاب البسطات بصحبة موظفي مكتب الأشغال العامة للقبض على بعض الأشخاص بدون مسوغ قانوني وبصورة تشكل اعتداء على حقوق وحريات المواطنين واصطحابهم إلى مباني المديريات وحجز حرياتهم بإيداعهم الحبس الذي تم إعداده في المديريات وبصورة أيضا غير قانونية كونهم الذراع الطول بالنسبة لموظفي الأشغال في جرجرة المواطنين إلي المديريات .
لافتا إلى انه ليس من مهام أفراد شرطة حراسة المنشآت النزول إلى الأسواق والمحلات التجارية والساحات العامة للقبض وضبط الأشخاص وإحضارهم بالقوة إلى المديريات وإنما مهمتهم تقتصر على حراسة المنشآت وحمايتها وحماية محتوياتها حسب الغرض الذي أنشئت لأجله هذه القوة ولعدم وجود اختصاص لهم بالقيام بتلك الأفعال .
الخلاصة
غياب الرقابة الفاعلة من الجهات المعنية واللهث وراء الكسب غير المشروع هو وراء إقامة مثل هذه السجون غير القانونية خصوصاٍ وأن البعض أفاد أنهم يخرجون من السجن فور سداد حق الغرامات الخاصة بمالكي الحبس لأن المهم من حملات التفتيش والمداهمة هو إرفاد الجيوب بالمال وليس الخزينة العامة وضبط المخالفات .. وخلاصة القول إننا نعتبر ما جاء في هذا التحقيق بلاغا صريحاٍ لمعالي الدكتور علي الأعوش النائب العام والحكومة والأستاذ عبد القادر هلال أمين العاصمة .