> إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية(اليمنية)الجامعة لكافة مكونات أبناء الوطن في مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية،أن نحيي مثل هذه المناسبة الكبيرة والغالية(العيد الوطني السادس والعشرين..)
محفوظ البعيثي
* تأتي احتفالات شعبنا اليمني هذه الأيام بالعيد الوطني السادس والعشرين لقيام الجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق الوحدة ، لتؤكد بأن هذا الشعب العظيم الذي صنع فجره الجديد وأعاد الاعتبار لتاريخه العريق وحضاراته الضاربة في أعماق التاريخ الإنساني وأستعاد كرامته وحريته ،يوم 22 مايو 1990م ،لن يفرط مرة أخرى بوحدة ترابه الوطني المقدس..،مهما تعاظمت المغريات والمؤامرات..،بعد أن عاش لسنوات طوال جحيم وآلام ومعاناة التشرذم ،والضعف والتبعية والحروب والصراعات الأهلية،التي استنزفت سيلا جارفا من دماء خيرة أبناء الوطن،والكثير ..الكثير من الإمكانيات الاقتصادية والمادية في البلد.. ،وبعد أن أفشل مخططات ومحاولات عديدة لقوى الاستعمار والكهنوت،لوأد حلمه بالقضاء على الاستعمار الأجنبي وأنظمة السلاطين والمشائخ وقوى التخلف .. وحلمه بإعادة لحمة الوطن،خلال أكثر من 129عاماً،بقصد تحقيق المزيد من مصالحها(المستعمر الأجنبي وأنظمة التخلف والكهنوت..)والاستمرار في احتلالها واغتصابها للسلطة والثروة والوطن ،على حساب حرية وكرامة ومصالح وتضحيات وتاريخ وحضارة الشعب اليمني..
* إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية(اليمنية) الجامعة لكافة مكونات أبناء الوطن في مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية،أن نحيي مثل هذه المناسبة الكبيرة والغالية(العيد الوطني السادس والعشرين..)التي أعادت لبلادنا مكانتها وأهميتها بين بلدان العالم، بإقامة الاحتفالات الرسمية والجماهيرية الكبيرة ،المتضمنة للفقرات والكلمات والقصائد الوطنية والثقافية والإبداعية المعبرة عن عظمة هذا المنجز الخالد،وعن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب اليمني في سبيل إعادة تحقيقها،لتعرف شعوب وحكومات العالم ماذا تعني وحدة الوطن اليمني لليمنيين،وتدرك أن شعبنا يستحيل أن يساوم على وحدته وعرضه وحريته،مهما قدم من تضحيات بشرية ومادية.. كما أنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نردد ونعزف هذه الأيام ،في مدننا وقرانا وسهولنا وودياننا ومنازلنا ومقرات أعمالنا وجامعاتنا ومدارسنا و..و..الخ ،وبصوت جماعي يزلزل الجبال وأعداء الوطن في الداخل والخارج ،النشيد الوطني :
“رددي أياتها الدنيا نشيدي
ردديه وأعيدي وأعيدي
وأذكري في فرحتي كل شهيد
وأمنحيه حللآ من ضوء عيدي…الخ”
الذي تقشعر من روعة وجلالة كلماته،أبدان اليمنيين الشرفاء داخل الوطن وفي مختلف دول الاغتراب والمهجر،الذين دأبوا على تجسيد مضامين نشيد الوطن ووحدته،وحبهم وإخلاصهم لبلدهم وشعبهم،في حياتهم اليومية ومختلف أعمالهم ومهامهم ..
* إننا حين نؤكد أهمية الاحتفال بقيام الجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق الوحدة في 22مايو عام 1990م،فإن ذلك التأكيد يأتي في حقيقة الأمر كتعبير بسيط جداً عما تجيش به قلوبنا نحن اليمنيين من مشاعر فياضة وعما تعبر عنه وجوهنا والسنتنا ،من عشق وحب لوطننا ولهذه المناسبة التي تعد الأهم والأعظم من كل المنجزات التي تحققت لليمن في التاريخ الحديث..
هدف واحد
لقد ظلت الوحدة اليمنية حلماً يراود اليمنيين لأكثر من قرن من الزمن وكانت هدفاً من أهداف ثورتي 26سبتمبر1962، و14 أكتوبر 1963م ،وهدفا وشعارا للجبهة القومية ومن ثم للحزب الاشتراكي اليمني الذي أطرت الجبهة القومية نفسها فيه ، وكان هذا الهدف الوطني السامي يردد من قبل مختلف الطلاب والطالبات في كافة مدارس الشطر الجنوبي سابقا قبل إعادة تحقيق الوحدة “لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية، وتنفيذ الخطة الخمسية،وتحقيق الوحدة اليمنية”،وفي سبيل هذا الهدف الواحد لليمنيين في شطري الوطن، خاض نظاما الشطرين حربين في عامي 1972 و 1979 إلا أنه لم يستطع أي من الشطرين إعادة تحقيق وحدة التراب الوطني بالقوة،وعندها اتجه النظامان الشطريان تحت ضغط كبير من قبل ابناء الشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه نحو الحوار ،انطلاقاً مما نصت عليه اتفاقية القاهرة وبيان طرابلس واتفاقية الكويت، وما نصَّت عليه حول قيام وحدة اندماجية بين الشطرين، وتشكيل لجان الوحدة،وسرعان ما بدأت مجدداً خطوات العمل الوحدوي بإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة، وإزالة المواقع والحواجز والنقاط العسكرية من المناطق الحدودية المصطنعة بين الشطرين،وكذا تشكيل المجلس اليمني الأعلى برئاسة رئيسي الشطرين،واللجنة الوزارية برئاسة رئيسي الوزراء، وتكثيف اللقاءات القيادية والوزارية بين شطري الوطن،إلا أنه وقبل أن يتحقق حلم أبناء شعبنا اليمني المتمثل بإعادة وحدة ترابهم الوطني اندلعت أحداث 13 يناير 1986م وخرج الرئيس علي ناصر محمد من الشطر الجنوبي، ومعه عدد كبير من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم حينذاك إلى الشطر الشمالي، مما أدى إلى توقف تنفيذ ما تبقى من الخطوات والمباحثات الوحدوية لما يقارب العامين،وفي أبريل 1988م عقدت أول قمة بين قيادتي شطري اليمن في مدينة تعز، اتفقتا فيها على مواصلة تنفيذ الخطوات والمباحثات الوحدوية واستكمال الجهود المشتركة التي تصب في سبيل إعادة تحقيق الوحدة والتأكيد على أهمية المشروعات الاستثمارية المشتركة، ومنها ما يتعلق بالثروات الطبيعية في محافظتي شبوة ومارب، وتتالت اللقاءات بين قيادتي ومسؤولي الشطرين،التي تم فيها الاتفاق على تنشيط عمل لجنة التنظيم السياسي الموحد، ووضع تصور مشترك للعمل السياسي الموحد، وإعداد برنامج زمني لإبرام دستور دولة الوحدة، والاتفاق على إلغاء النقاط القائمة بين الشطرين، واستبدالها بنقاط مشتركة، وتسهيل حركة تنقل المواطنين بين الشطرين والمرور بالبطاقة الشخصية، وعدم فرض أي قيود على المواطنين والبحث عن مصادر تمويل لربط الطرق بين الشطرين،كما أثمرت تلك اللقاءات جملة من الأعمال الوحدوية التي تمَّ الاتفاق عليها حينها، وأهمها إنشاء شركة مشتركة للاستثمارات النفطية والمعدنية، وتسمية أعضاء لجنة التنظيم السياسي الموحد، وتبادل الشطرين مشروعات حول شكل دولة الوحدة وطريقة إنجازها ، وفي 2نوفمبر 1989م عَقَدَت بتعز،لجنة التنظيم السياسي الموحد دورتها الأولى واتفقت على مناقشة أربعة بدائل للتنظيم السياسي، وأقرت البديل الثاني القاضي بالإبقاء على كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني في وضع مستقل وإتاحة حرية التعدد السياسي والحزبي،وفي 22مايو1990م تم الإعلان عن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية ورفع العلم الجديد للوطن في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن وتتالى رفعه في مختلف مدن وقرى وجبال وسهول ووديان الجمهورية،وفي مباني كافة سفاراتها وقنصلياتها في مختلف بلدان العالم التي تقيم معها علاقات دبلوماسية.
“محبوبتي اليمن “مسك الختام
وفي الأخير نختم بمسك الحديث والفن والإبداع…الذي ينمي الثقافة الوطنية ويحصن المواطن اليمني من محاولة غسل الدماغ الموجهة له من قبل العديد من الوسائل الإعلامية المحلية والعربية والدولية ،والتي تستهدف تغيير أفكاره واتجاهاته تجاه وطنه،بأفكار واتجاهات فئوية وسلالية ومذهبية ومناطقية ،تحقق لأعداء الوطن أهدافهم المتمثلة في تقسيم اليمن إلى دويلات، والسيطرة عليها والتحكم بقراراتها ومواردها ..نختم بأبيات شعرية من قصيدة “محبوبتي اليمن” التي كتبها الشاعر اليمني الكبير الراحل حسين أبو بكر المحضار – رحمة الله تغشاه – وغناها صاحب الصوت الشجي الفنان اليمني الكبير كرامة مرسال –رحمة الله عليه-:
حبّي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن
حبّي لها أمّي سقتنا اياه في وسط اللبن
إن عشت فيها لأجلها عانيت
وإن غبت عنها أنا لها حنّيت
والحاصل إن الحب شيء ماله ثمن
مَنْ قال محبوبتك مَنْ؟ قلت اليمن.