لسنا قطيعا!!!
عبد الله الأحمدي
هناك أناس لديهم قناعات راسخة لا يمكن التنازل عنها، أو تغييرها. القناعات ليست أحذية يمكن تغييرها في أي وقت. الاشتراكي غرس في الكثير من أعضائه أن السعودية هي العدو التاريخي لليمن. هكذا قال المؤسس عبدالفتاح إسماعيل، وذلك ما تؤكده الوقائع التاريخية المشهودة، فما الذي تغير حتى تصبح السعودية صديقة لليمن؟! بالتأكيد لم يجد في الموضوع ما هو أحسن، وما زاد الطين بلة هو ذلك العدوان الذي شنه نظام آل سعود على فقراء اليمن، وتسبب في قتلهم وتدمير مصالحهم، وإفقارهم، وتشريدهم، وتجويعهم. الجيد أن قيادة الحزب الاشتراكي لم تؤيد العدوان علنا كغيرها من أحزاب الريال، وإنما اتخذت موقفا أشبه بالتقية، في الأخير التحقت بالزفة، لم يكن هناك ما يبرر هذه الهرولة، سيما وأن المال لم يتدفق إلى جيوب الكثير من القيادات. السعودية لها موقف من الأحزاب اليسارية، ولازلنا نتذكر الاحتجاج الذي قدمته السلطات السعودية للدنبوع على اجتماع عقده نائب الأمين العام الدكتور المخلافي لكوادر الحزب في الرياض. السعودية لا تحب الأحزاب وخاصة اليسارية. الانقسام الاجتماعي حول الموقف من العدوان ضاربا في كل المكونات. وللأمانة لا يمكن التبرير للعدوان مهما كانت الظروف. أن يتشاكل اليمنيون، أو حتى يصلون إلى الاقتتال ليس إشكالية، لكن الاستقواء بالعدوان هي أم المشاكل. تعرفون أن الاستقواء بالخارج هي مشكل تاريخي، خسر فيه اليمنيون الكثير. على كل حال الناس ليسوا قطيعا، حتى يتم سوقهم إلى حظائر آل سعود. تاريخ الحزب في هذا الموقف ينقلب رأسا على عقب، ممكن أم يختلف الناس على شرعية هذا أو ذاك من الحكام، أما عن العدوان فإنهم لا يختلفون. المسألة واضحة، ولا تحتاج إلى حذلقة. لقد حذرنا من تداعيات العدوان على كل المستويات، وها هي النتائج بدأت بالظهور، في شكل تمزق للبلد، وتطهير مناطقي، وتجويع وإفقار، والبقية تتبع. يا هؤلاء إن الصراع يدور بين قوى الاستبداد والتسلط وتجار الحروب، واليسار وقوى الحداثة ستكون الخاسر الأكبر، وقد تبدت أولى بشائر هذه الخسارات في اغتيال الكثير من مناضلي اليسار، وفي إحراق وسرقات المقرات لأحزاب اليسار، وعلى رأسها الاشتراكي. أن الحرب العدوانية لن تنتج إلا التشوه والقبح، ولن تقوي إلا المستغلين والمستبدين، وتجار الجريمة والحروب. الحروب لا تخدم التحديث والديمقراطية، فالمليشيات والعصابات لن تبني دولة، ولن تؤسس لحداثة، والكثير يعلم أن لين من يتبنون المقاومة من يكفر الديمقراطية والحداثة وله موقف من اليسار والقوميين. إن تورط قوى الحداثة في مشروع الشرق الأوسط الجديد، سيشكل نهاية هذه القوى، خاصة وهي تعلم أن الإمبريالية الأمريكية هي من يقود هذا المشروع المدمر للإنسان والهوية. إن الأمة لا تجتمع على باطل، ونحن لن نكون إلا مع شعبنا، ولن تغرينا الأموال أو الوعود، أو المناصب، ولن نخسر أكثر مما خسرنا سابقا.