عبدالصمد الخولاني
أنت الآن تنعم بحرية الاختيار، تنعم بفرصة النجاة، تنعم بفرصة السعادة، أنت الآن في دار عمل، أنت الآن في دار توبة، أنت الآن في دار تصحيح، أنت الآن في دار مغفرة، أنت الآن في دار مسابقة، وما دام القلب ينبض فأنت في بحبوحة، باب التوبة مفتوحاً، باب المغفرة مفتوحاً، باب التقرب إلى الله مفتوحاً (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات) (البقرة: 148).
إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها، فما دامت هذه الساعة، أو هذا اليوم، أو هذا الأسبوع، أو هذا الشهر خصه الله بخصوصية خاصة من التجلي والتوفيق واستجابة الدعاء، فعلى الإنسان أن يكون في الموقع الذي أراده الله عز وجل لذلك.
لقد جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والسلف الصالح شهر شعبان استعداداً وتهيئة لشهر رمضان الكريم، حتى تأخذ النفس استعدادها الأوفى للبدء بموسم من أطهر المواسم.
كما أن في شهر شعبان ليلة النصف منه، هي من أفضل الليالي، فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعافيه، ألا كذا؟ ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر”.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحن، وقاتل النفس المحرمة”.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال لأصحابه: أتدرون لِمَ سُمي شعبان؟. قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: “لأنه يتشعب فيه خير كثير لرمضان”.
وعن الحسن عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “أربع ليالي يفرغ الله الرحمة على عباده إفراغاً، أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى”.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟. قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا نظروا إلى هلال شعبان أكبوا على المصاحف يقرؤونها، وأخرج الأغنياء زكاة أموالهم ليتقوى بها الضعيف والمسكين على صيام رمضان، ودعا الولاة أهل السجن فمن كان عليه حد أقاموا عليه، وإلا فخلوا سبيله، وانطلق التجار فقضوا ما عليهم حتى إذا نظروا هلال رمضان اغتسلوا واعتكفوا.
كما أن لليلة النصف من شعبان أهمية خاصة من المنظور الإسلامي، إذ ورد فيها عدة أحاديث عن رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم بيَّنَ فيها فضل ليلة النصف من شعبان وأهميتها.
تحويل القبلة
ترتبط ليلة النصف من شعبان بتغيير قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وذلك في السنة الثانية للهجرة في الخامس عشر من شعبان الموافق نوفمبر 623م.