تصريحات الجبير أسلوب جديد لاستمرار الحرب على اليمن
حسن الوريث
* تصريحات الجبير وزير خارجية نظام بني سعودي التي قال فيها إن الحوثيين جيران ويمكن التفاوض معهم تصاب بالدهشة والانزعاج في الوقت نفسه فحينما يقول إن الحوثيين جيران ويمكن التفاوض معهم فكأنه اختصر القضية مع طرف واحد أو فصيل واحد من الشعب اليمني وكأن بلاده لم تقتل الشعب اليمني بأكمله ولم تحاصر كافة ابناء الشعب وكأنها لم ترسل طائراتها وصواريخها إلا لقتل الحوثيين لحالهم فيما الواقع أن السعودية اعتدت على جميع أبناء الشعب اليمني وحاصرتهم وهي الآن تريد اختصار الموضوع في قضية واحدة لتخرج نفسها من الجرائم التي ارتكبتها.
كما قلت إن هذه التصريحات أصابت من سمعها وتابعها بالدهشة والذهول من هذا الكلام لعدة أسباب منها أن هذا الكلام الصادر يصور القضية على أنها بين السعودية وبين الحوثيين وهذه مغالطة كبيرة فالسعودية تقتل الشعب اليمني بأكمله وتحاصره وليس الحوثيين وحدهم أو المؤتمريين لحالهم وثانيها أن هذا الكلام جاء والسعودية ما تزال تشن عدوانها على اليمن كل اليمن ولم يتوقف لحظة واحدة وثالثها وهو الأهم في اعتقادي أنها محاولة من النظام السعودي لشق الصف الوطني بالحديث عن أن التفاوض لن يكون إلا مع أنصار الله دون غيرهم وبالتالي فتوقيت الكلام خطير جداً لأنه يأتي الآن بعد أكثر من عام على بدء العدوان على اليمن وبعد أن وصل الجميع بمن فيهم المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى قناعة تامة بفشل هذا العدوان في تحقيق كافة أهدافه سواء منها المعلنة أو تلك غير المعلنة.
هل عرف الجبير اخيراً أن الحوثيين جيران ولا بد من التفاوض معهم ؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها ؟ وهل فعلاً النظام السعودي صادق في هذا الكلام ؟ أم أنه يدخل في تنفيذ الخطة البديلة التي أطلق عليها ” ب ” والتي تتضمن وقف الحرب والقصف بالطيران مقابل بقاء الدعم للمرتزقة على الأرض على اعتبار أن السعودي أيقنت أن تدخلها المباشر فشل ولم يحقق أهدافه وبالتالي تريد السعودي الخروج من المشهد على أساس أن الأزمة يمنية – يمنية؟ . وربما تكون السعودية ومن ورائها أمريكا وصلت إلى قناعة بأن يتم الانتقال إلى الخطة ” ب” وفقاً لنصائح خبراء سياسيين وعسكريين من مراكز الاستشارات التي تعمل للتخطيط في الحرب على اليمن وهذه الخطة تقتضي بأن تنتقل السعودية إلى دور جديد يتمثل في لعب دور الوسيط والراعي للمحادثات اليمنية وبأنها غير معنية بما يحدث في اليمن وهذا ما لمسناه من تصريحات الجبير وبعض المسؤولين السعوديين حول اليمن وبأن الحوثيين هم جزء من النسيج الاجتماعي وبالتالي فلا بد من قبولهم كمكون يمني كبير وله مكانته في المجتمع اليمني وأن موضوع انتماءهم أو أيدلوجياتهم تخصهم هم وليس هناك ثمة مشكلة لدى السعودية من ذلك.
بالطبع فإن النظام السعودي وعبر الجبير عندما يقول إن حل الأزمة اليمنية لا بد أن يكون سياسياً فإنه يأتي في سياق تنفيذ المخطط البديل للتدخل المباشر والذي يتمثل في الانسحاب من التدخل المباشر ومواصلة تمويل المرتزقة بالمال والسلاح لإبقاء الصراع بين اليمنيين وتصويره أمام العالم بأنه بين أطراف يمنية إضافة إلى حديث الجبير عن الحرب على القاعدة وداعش والتنظيمات الإرهابية ومواجهة خطرها في اليمن كذريعة أخرى ومبرر ربما يبدو مقبولاً لدى الجميع وبما يتيح استمرار التدخل واختطاف القرار اليمني وتفكيك اليمن إلى دويلات تظل متناحرة فيما بينها.
مما لاشك فيه أن النظام السعودي يحاول أن ينفذ بجلده وبما ارتكبه من جرائم في اليمن عبر تغيير خططه وتكتيكاته سواء العسكرية أو السياسية لأن حجم الورطة كبير وفي اعتقادي أن الخروج منها ليس بالأمر الهين والسهل وأن الشعب اليمني لا يمكن أن ينسى ما اقترفته السعودية في حقه ولا بد من حل القضية حلاً جذرياً يعالج كافة المشاكل كافة التراكمات وما حصل في الفترات السابقة وخاصة تداعيات العدوان ويؤسس لعلاقات جديدة بين الشعبين تنطلق من المصالح المشتركة ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية أما إذا استمر النظام السعودي في تعنته فإنه يسرع في كتابة نهايته التي ربما باتت قريبة بسبب تدخلاته في العراق وسوريا وليبيا وعدوانه على اليمن.