استطلاع/محمد مطير
تحريك ورقة مواجهة الإرهاب اليوم في الجنوب من قبل أمريكا والسعودية والإمارات.. ماذا يعني ؟..هل نحن أمام استهداف جديد للوحدة؟…
يضغط هذا السؤال المركزي في القضية اليمنية والمشهد الراهن الذي تعيشه اليمن والمنطقة من اجل الحصول على إجابات معمقة له عبر مراقبين سياسيين.. لأننا أمام منحى خطير ينتقل بالحرب على اليمن إلى مربع خطر جديد عنوانه الأبرز مشجب: مواجهة الإرهاب..!!
في البداية يرى الدكتور عبدالكريم زبيبة –نائب رئيس جامعة ذمار- أن التفكير السياسي وتحليل الأحداث والسلوك في الفعل السياسي يعتبر من اعقد أنواع التفكير البشري, لأن العوامل التي ترسم الفعل السياسي كثيرة ومتداخلة ومتعددة الاتجاهات, فمنها التاريخي والجغرافي والاقتصادي والشخصي .. وبالتالي فإن أي فعل سياسي يقوم به اللاعبون الرئيسيون في مسرح الأحداث يجب أن يأخذ منا ذلك التفكير العميق في الدراسة حتى لا يتم خداعنا ببعض التكتيكات والأفعال التي قد تصرفنا عن الحقيقة والهدف الأساسي, من التحركات الأخيرة التي قام بها التحالف وبالتنسيق مع تنظيم القاعدة للسيطرة على محافظة حضرموت له عدة أهداف, منها:
بعد أن أدرك الكثيرون أن القاعدة وداعش انتشرت وتوسع نفوذها بمجيء التحالف فكان هدف التحالف من التحرك إيصال رسالة مغالطة للعالم بأنهم يحاربون الإرهاب .. إلى جانب أن سحب عناصر القاعدة وداعش من المكلا وحضرموت يمهد الطريق لتيار الانفصال ليتحدث الغازي باسم الجنوب والقضية الجنوبية ..
مؤكدا أن مسرحية الانسحاب تعني إعادة التموضع في مواقع أخرى ، حيث وقد تسربت بعض الأخبار بوصول عدد كبير منهم إلى مارب, استعدادا لاستخدامهم كورقة ضغط لدعم موقفهم في مفاوضات الكويت .
أما الهدف الأكبر من هذه المسرحية –بحسب الدكتور زبيبة- هو التواجد العسكري في المنطقة للمحافظة على المصالح الإستراتيجية والمستقبلية, وفرض الانفصال بحجة محاربة القاعدة .. بالإضافة إلى سعي التحالف للتخلص من بعض الأجنحة العقائدية الخطرة في التنظيم والتي لا تأتمر بأمرهم ..
واستطرد : إلا أنه لا بد من ادراك أن هناك عدداً من الدول الأوروبية وروسيا تغيرت بعض مواقفها السياسية بعد انتشار ظاهرة داعش والقاعدة في المحافظات الجنوبية وهذه المسرحية قد تكون رسالة تطمين بأن جنوب اليمن في حال انفصاله سيكون في أيادي غير داعش والقاعدة.
دويلات متصارعة
فيما ذهب الأكاديمي الدكتور محمد العماري إلى أن الذي حدث في حضرموت .. بما يسمى محاربة القاعدة, يعد مسرحية هزلية ومفضوحة ليس فقط لمن يعرف أهداف الصهيونية العالمية بقيادة أمريكا وإسرائيل وتنفذها صنيعتهم الأسرة السعودية بنجد والحجاز.. لتقسيم المقسم في بعض أقطار الوطن العربي ذات التراكم الحضاري والتوجهات القومية من المثقفين والساسة….فحسب!!..
واضاف : ولكن أصبح معظم الناس البسطاء يعلمون أن المنظمات الإرهابية بكل مسمياتها (القاعدة, داعش..) صناعة وتمويل وحماية الاستخبارات الأمريكية والأوروبية, مدعومة بالفكر الوهابي المتطرف .. وتقوم هذه المنظمات بتنفيذ اجندة معدة ومخطط لها سلفا.. إذ أن ما حدث من تراجيديا وحبكة ملحمية وهمية .. وخيالية لا يصدقها أو يقبل بها إلا المنتفعون أو الذي في قلبه مرض أو لا يزال يجهل خداع وأكاذيب جارة السوء مملكة آل سلول .. حيث أن توطين المنظمات الإرهابية بالمحافظات الجنوبية والشرقية وغيرها .. تزامن مع مشروع الشرق الأوسط الجديد .. وتطور خلال فترة (الربيع العبري) .. وبلغ أوج قوته عند العدوان السعوصهيوني على اليمن 26مارس 2015م .. فأصبحت القاعدة وغيرها من المسميات مسيطرة على حضرموت وغيرها بدعم ومساندة العدوان, الذي دمر كل شيء جميل وقتل الحرث والنسل في المحافظات الشمالية والغربية ..
وتابع :لذلك كان تواجد القاعدة بالمكلا وغيرها منسقا مع دول العدوان لتقوم بدور داعم لتقسيم اليمن إلى أقاليم إدارية تمهيدا لبلوغها أقاليم سياسية ودويلات متصارعة .. تخدم مصالح الدول الاستعمارية الجديدة/القديمة, ومنها بتر محافظة حضرموت من الجسد اليمني .. وإلحاقها بالسعودية على المدى المتوسط والبعيد لتستغل مواردها وأراضيها وصولا إلى البحر العربي .. الأمر الذي اوعز للقاعدة بالخروج , وأيهام العالم بأنهم أخرجوها خلال بضع ساعات وقتل منهم مئات الإرهابيين حيث لم يظهر منهم أحدا !!! ولكن الذي عمله العدوان هو تدمير البنى التحتية والمؤسسات أسوة بما دمره في بقية المحافظات .. أي أن هذه خدعة لكنها مكشوفة يعرفها اليمنيون الشرفاء .. الذين سيظلون شامخين شموخ جبال اليمن العظيم.. مهما كانت المؤامرة الخبيثة وتعددت أهدافها ..
معالم المنطقة
الدكتور مجاهد صالح الشعبي – أستاذ علوم سياسية بجامعة صنعاء- يقول : منذ حرب الانفصال 1994م سعت السعودية بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات أن تدفع نحو الانفصال مزودة الانفصاليين بالسلاح والعدة والعتاد والمال لتحقيق هدفها آنذاك المتمثل في الانفصال, لكنها خابت وخسرت .. واليوم تتذرع بمحاربة الإرهاب, وهذا أمر يدعو للسخرية من عقول هذه الكائنات .. فهم والولايات المتحدة من صنعوا الإرهاب ممثلا بالقاعدة وداعش وجماعة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية التي فرختها المملكة ..
لافتا إلى أن ما يحدث في سوريا والعراق وليبيا ليس ببعيد, فكيف يريدون إقناع العالم أنهم يحاربون الإرهاب وهم في الوقت نفسه من صنع الإرهاب, كما أن حلم ا?مارات في السيطرة على باب المندب يتجدد من خلال هذه العمليات, وإلا ماذا نسمي استماتة قوات العدوان للسيطرة على ذوباب وباب المندب خلال الأشهر الماضية من العدوان.
مشيرا إلى أن ما عرف بعقد إيجار جزيرة سقطرة الذي وقعه الفار هادي مع دولة ا?مارات ماهو إ? احد مؤشرات سعيهم الحثيث للسيطرة على الجزيرة وباب المندب .. وما شهدته مصر من بيع رئيسها السيسي لجزيرتي تيران وصنافير لمملكة آل سعود يعد استكمالا للمخطط الرامي لتغيير معالم المنطقة وخدمة المخطط الصهيوني الأمريكي الذي ينفذ بأموال وأياد سعودية مصرية.
مبينا أن ما يحدث في حضرموت وغيرها من المحافظات من عمليات قتل وتدمير للبنى التحتية تحت ذريعة محاربة الإرهاب, كل ذلك-وبدون أدنى شك يصب في خانة الدفع نحو الانفصال -كونه يخدم مخططات ا?دارة الأمريكية والمشروع الصهيوني الرامي إلى تغيير الخارطة السياسية للمنطقة .. والتي تمثل تلك العمليات إحدى آلياتها.
واستطرد : لكنهم لن ينالوا ما يطمحون اليه .. وسيتم تغيير الخارطة السياسية للمنطقة بالفعل, لكن بأياد يمنية وفق رؤى تاريخية وحقوق سيتم تجديدها لاستعادة الأراضي اليمنية المحتلة في نجران وجيزان وعسير, فهم ومشيخاتهم وإماراتهم إلى زوال بكل تأكيد, واليمن سيبقى واحداً موحداً آمناً مستقراً, (وإن غدا لناظره قريب)..
وسيلة مزدوجة
فيما يرى الدكتور خالد المطري –جامعة صنعاء- أن ما حدث في حضرموت مؤخرا من طرد القاعدة من المكلا وبقية الأماكن التي كانوا مسيطرين عليها ليس إلا تنفيذا لمخطط سابق غايته النهائية فرض الأقلمة المحققة للأهداف التي تسعى القوى الإقليمية والدولية التي اشتركت في تلك الحرب الصورية إلى تحقيقها بالقوة بعد أن فشلت في الوصول إليها من خلال ما يسمى الحوار خلال عهد هادي ..
مؤكدا أن ما حدث هو –أيضا- جزء من الحرب التي شنت على اليمن عموما وليس حضرموت ولكن حضرموت الإقليم الذي شكلوه وجعلوه ضمن مخرجات الحوار النهائية والذي شمل إلى جانب محافظة حضرموت الحالية محافظات شبوة والمهرة وسقطرى هو الهدف الأسمى الذي شنت من أجله هذه الحرب المدمرة .. وبالتالي فإن هيكلة الجيش وتدمير أسلحته القادرة على مواجهة الأسلحة المتطورة و?سيما الطيران لم يكن أمرا اعتباطيا أو عابرا وإنما كان خطوة أساسية وجزءا من ذلك المخطط لأن تدمير الجيش وأسلحته وتشتيت وحداته يمكنهم من تحقيق أهدافهم المرجوة من فرض الأقلمة لكون الجيش يمثل اكبر عائق يقف في وجه تمزيق وحدة البلاد..
وخلص المطري إلى القول: إن ثروات حضرموت وما يشمله كإقليم من مميزات جيبوليتكية سياسية بحرية فرضت استخدام القوة لانتزاعه واستخدام القاعدة وسيلة مزدوجة ..من خلال تركها أولا تسيطر على قلب الإقليم ثم استخدامها كذريعة لبسط تلك القوى السيطرة على كامل الإقليم لتحقيق الأطماع والأهداف الإستراتيجية كوسيلة لمواجهة القوى الدولية والإقليمية في الصراع الاقتصادي القادم..
صناعة أمريكية
من جانبه أكد الأستاذ عبدالوارث صلاح –أمين عام حزب الوفاق الوطني- أن الإرهاب صناعة أمريكية مدعوم ماليا من السعودية وهذه عصا بيد أمريكا تحركها في الوقت الذي تريد وضد أي بلد تريد ومن خلال هذه المنظومة والتي تم تدريبها تستطيع أمريكا إخضاع أنظمة مخالفة لسياستها أو لسياسة الممول والداعم ماليا وهي السعودية.
وتابع : وتحريك هذه الورقة في جنوب الوطن في هذا الوقت بالذات هو الهدف من السيطرة على حضرموت بحجة مكافحة الإرهاب وتثبيت أقدام السعودية والإمارات في الأراضي الجنوبية بحجة أن الدولتين هما من حررتا هذه المناطق واليمن يمر بصراع ولا يستطيع أن يحفظ الأمن في جنوب الوطن, والإرهاب خطر سوف يعم المنطقة وتحت هذه الحجج والذرائع سيتم السيطرة على الأراضي الجنوبية, وهذا ينعكس سلبا على الوحدة اليمنية, ووحدة الصف الوطني, ومن ثم تصبح الوحدة مهددة من جانبين, الأول: المتمثل بالإرهاب والفصائل المسلحة, والثاني: يتمثل في تالسعودية والإمارات ومن خلفهم جميعاً أمريكا, وهذا يضع الشعب اليمني أمام خيارين أحلاهما مر, اما أن تستمر الوحدة وفق شروطنا ووفق مصالحنا وما نريد, وإما الإرهاب ..!.