الإعلام الرسمي وفقير اليهود

حسن الوريث

مما لاشك فيه أن للإعلام دوره الكبير في مواجهة العدوان السعودي وفضح جرائمه باعتبار الإعلام جبهة صامدة وقوية لا تقل أهمية عن الجبهة العسكرية والجبهة السياسية في هذه المواجهة التي ربما تبدو غير متكافئة من ناحية الإمكانيات التي يمتلكها العدوان سواء في المجال الإعلامي أو غيره ومن ناحية الاهتمام أيضا فدول العدوان تهتم اهتماماً غير عادي  بالإعلام وتوفر له كافة الإمكانيات, بينما نحن هنا إعلامنا وخاصة الإعلام الرسمي الذي يعتبر إعلاماً من الدرجة الثالثة في نظر المسؤولين على الإعلام في اليمن برغم أن بعض كوادر الإعلام الرسمي يحاولون أن يعملوا كل ما بوسعهم من أجل أن يبقى موجوداً بمعنى أن بقاء الإعلام الرسمي يعود إلى اجتهادات ذاتية وليس إلى غيره, ونظراً لأهمية دور الإعلام الرسمي فقد تم تدمير مقراته من قبل العدوان واستنساخ قنوات ومواقع بديلة عنه لما له من أهمية في الوصول المباشر إلى المجتمعات بينما نحن لا نلقي بالاً لأهمية هذه الوسائل وجعلنا مصيرها في أيادي المالية والبنك المركزي وغيرهما.
عموماً وسائل الإعلام الرسمية يفترض أن يكون الاهتمام بها أكبر ورفدها بكل الإمكانيات المطلوبة لأنها تلعب دوراً مهما على المستويين الداخلي والخارجي ولو أنها الآن أصبحت لا تقوم بذلك الدور بسبب غياب الاهتمام بها وعدم توفر الإمكانيات المطلوبة لها كما يجب أن يكون هناك اهتمام كبير بكل العاملين فيها وتوفير احتياجاتهم حتى يتفرغوا للعمل والإبداع فقط وربما أن القائمين الآن على الإعلام الرسمي لم يفهموا طبيعة عمله ودوره وكيف يجب أن يستفيدوا منه فقد وصلت وسائل الإعلام الرسمي إلى أسوأ حالاتها من كافة النواحي الفنية والمهنية والإدارية والمادية وهي الأهم باعتبار المال عصب الحياة وكما يقال الإعلام محرقة المال فإذا أردت إعلاماً قوياً يجب عليك أن تنفق عليه الكثير من الأموال وهذه النقطة بالذات لا تعجب المسؤولين على الإعلام الرسمي وتراهم يتحججون على وزارة المالية أو البنك المركزي, بينما الخلل لديهم هم لأنهم إما أنهم لا يفهمون طبيعة عملهم ودورهم وبالتالي لا يستطيعون التسويق للإعلام ودوره الهام والكبير في المجتمع وخاصة مواجهة العدوان أو أنهم لا يريدون أن يتعبوا أنفسهم في الملاحقة والمتابعة لذلك تجدهم يرمون بالحجة على جهات أخرى ويتخلصون من مسؤولياتهم التي من المفترض أن يقوموا بها وهنا تكمن الكارثة التي حلت بوسائل الإعلام الرسمي .
أنا أشبه وسائل الإعلام الرسمي مثل فقير اليهود الذي كما يقال لن يدخل الجنة كما انه عاش معذباً في الدنيا بفقره وحالته المادية السيئة, فوسائل الإعلام الرسمي والعاملون فيها يعيشون في حالة من الفقر والفاقة والعوز ووسائلهم تفتقر لأبسط الامكانيات كما أن الكل يتهمهم بأنهم إعلام السلطة ويلمعونها وان الأموال تصرف عليهم وبالتالي فالإعلام الرسمي وكوادره في قفص الاتهام من الجميع ولا ينالون الرضا كما أنهم يعيشون في فقر مدقع ومعاناة قل نظيرها حيث ان العاملين في وسائل الإعلام الخاصة يتمتعون بالأموال والإمكانيات التي لا توجد لدى الإعلام الرسمي, فتخيلوا أن وسائل الإعلام الرسمي لم تتسلم مستحقات موظفيها من الانتاج الفكري منذ أكثر من عام ونصف وأن مرتبات العاملين فيها لا تصرف إلا في العاشر من الشهر الثاني وبعد ملاحقة ومتابعة من الموظفين أنفسهم ولكم أن تتخيلوا أن الموظف في وسائل الإعلام الرسمي يعيش وقته موزعاً بين أقسام الشرطة ومكان العمل بسبب الديون التي تتراكم عليه وتريدونه أن يبدع ويتفرغ للإبداع وهذا هو حاله.
اعتقد أنه يجب على المسؤولين على الإعلام الرسمي أن يلتفتوا إليه ويقفون وقفة جادة لتصحيح الاختلالات التي رافقت الفترة الماضية وتحسين أوضاع منتسبيه والاستفادة من كافة الكوادر الموجودة والتي تم تسريبها وأحياناً تطفيشها, فالإعلام الرسمي يمتلك من الكوادر المتميزة الكثير والكثير وهذه الكوادر معظهم يقبعون في المنازل يبحثون عن عمل والبعض منهم اتجه إلى العمل في قطاعات خاصة والبعض ربما يتم استقطابه للعمل مع وسائل إعلام العدوان التي تغري الناس بما تدفعه من أموال هائلة
وأنا هنا لن اتحدث عن نماذج لأنها كثيرة ومعروفة وبالتالي فعلينا أن نقوم بمسؤولياتنا المناطة بنا بأمانة أو ترك المجال لأناس آخرين يمكن ان يتحملوا المسؤولية بجدارة واقتدار حتى يعيدوا للإعلام الرسمي هيبته وقيمته التي فقدها وكوادره التي تسربت وأن تستفيدوا من الإعلام الرسمي في مواجهة العدوان السعودي باعتبار الإعلام هو الجناح الثاني للمواجهة إلى جانب الجبهة العسكرية والسياسية التي تعتبر الجناح الآخر ولا تجعلوا الموظف في الإعلام الرسمي يعيش كفقير اليهود وتخسروا المواجهة الإعلامية أمام العدوان ..
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد .

قد يعجبك ايضا