عبدالناصر ؟ لا غيره !!
عبدالرحمن بجاش
كان صباح الخميس بهيا, وصار أكثر بهاء باللون وأستاذه الكبير عبدالجبار نعمان, وكوكبة من شباب يأتي بهم إلى البيسمنت علاقتهم باللون والنغم والضوء, وأي جمال يحل في الربى . عطًر الأستاذ جلستنا المفعمة بلحظة إنسانية قصوى دمعت معها العقول قبل القلوب ذكريات حميمة إلى النفس, تكشف أعماقنا يمنيين بسطاء طيبين برغم أن هناك من رمى اليمن الموطن والوطن الإنسان في الوحل كما قال مبدع آخر ياسين غالب, من يحيل الجدران إلى نوت موسيقية يموسق على أوتارها مبدع آخر نبيل قاسم يبدو لك دائما ذلك المندهش, والدهشة دائما مقدمة لفنان دائما ما يأتي محملا بذكريات جميلة بهيجة كما هو الأخضر توزع ألوانا مبهجة من العام 2011م كما قالها نبيل قاسم نقلة كبيرة ونوعية لعبدالجبار .
قال الأستاذ : ولدت ودرست القرآن في المعلامة بذبحان, كان (( المعالمة )) يكتبون على ألواحهم, وأنا أشخبط, ليوعز إليَّ الفقيه أن (( أزين الألواح )) .
ذهبت إلى عدن حيث كان أبي هاربا من الجور هناك, وفي بيت الفضول بعدن تلمست أول خطواتي, وفي عدن (( أم الدنيا )) بدأت الشخبطة الفعلية, لأذهب إلى صنعاء بعد 26 سبتمبر 62 بعد أن حلت (( الثورة )) في الربى .
إلى صنعاء طلعت, كان يومها الأستاذ قاسم غالب وزيرا للتربية والتعليم : (( ذهبت إليه وأنا الشاب الصغير, قلت له أنني أتمنى أن أسافر إلى مصر لدراسة الفنون, قال لي : سيأتي بعد أيام مستشار الرئيس جمال إلى صنعاء, فكانت لدي مجموعة من اللوحات, هيأتها, وزدت رسمه لعبدالناصر العظيم .
جاء صلاح هدايت – وكان مستشارا علميا للرئيس -, افتتح المعرض, سلمته رسمه عبدالناصر)), وقلت له : أتمنى دراسة الفنون في مصر .
ذهب الرجل والوزير, قلت لنفسي : لن يتذكرني أحد أمام ما كان يشغل الجميع أيامها.
عرفت فيما بعد أن الرجل سلم اللوحة لعبدالناصر, علق جمال : معقول هذا الفنان في اليمن ((هاتهو لي)), ليس غير عبدالناصر الإنسان يفعلها .
لم أصدق نفسي ولا إذني بعد أيام والأستاذ قاسم غالب يرسل إليَّ, وكذلك السفارة المصرية : (( استعد غدا للسفر إلى مصر )), صعقت : معقول, كان كل شيء معقولا, وجدت نفسي على طائرة الجهد الحربي, إلى الأرض جلست, إذ لم يكن بها كراسي, ليكن, الأهم أن أصل إلى مصر .
في مطار القاهرة استقبلني أحدهم, وأخذني إلى فندق, صباح اليوم التالي جاءت سيارة وأخذتني إلى حيث لا أعلم, وجدت نفسي أمام صلاح هدايت الذي رحب بي, وطلب أن أنتظر لدى مدير مكتبه .
أخذني بسيارته إلى حيث لا أعلم أيضا, كنت مبهورا بشوارع القاهرة, ملابسي بسيطة, إذ لم أتمكن من الشراء في صنعاء بسبب العجلة في السفر,دخلنا إلى بيت من طابق واحد, جلست إلى كرسي, سمعت أحدهم قادما إليَّ, كان جمال عبدالناصر بشحمه ولحمه وقامته المهيبة, لم أصدق (( معقول أنا في بيت الزعيم)) كان كل شيء حقيقيا عندما احتضنني بروح الأب, قائلا : أهلا : بص هناك ملفات عن الزراعة في اليمن والمعادن في اليمن وووو, أدرسوا وعودوا لبناء ((بلدكو)), سأل هدايت : عملتو أيه ؟ رتبوا أموره ليلتحق بالكلية الايطالية للفنون الجميلة, وزاد : منحته على حساب رئاسة الجمهورية, كانت19 جنيها في ذلك الوقت !!! . ذهبوا بي إلى معرض كبير لاختار ملابسي – يضحك -, لم أجد على مقاسي شيئاً, فذهبوا بي إلى قسم الأطفال, تفوق نعمان, فذهبوا به إلى ايطاليا لعامين في منحة للمتفوقين وعلى حساب الرئاسة .
بعدها لم يكرم أحدا عبدالجبار بعد عبدالناصر هو اللحظة يعاني ولم يمد أحد يده إليه !!! .
ذلكم هو جمال عبدالناصر, ذلك هو زمنه, لله الأمر من قبل ومن بعد .