عبدالوهاب محمد شمهان
■ منظمة السياحة العالمية منظمة دولية تهتم بالسياحة الدولية وتنظيمها وإعانة الدول على الارتقاء الفني بمنظومة المؤسسة السياحية المشرفة على قطاع السياحة في الدول الأعضاء ، وهو ما استفادت منه وزارة السياحة اليمنية وبذلت جهدا كبيرا لتطوير تلك العلاقة التي كان لها شأن كبير في تنمية القدرات والدفع بوضع المنظومة القانونية، إن صح التعبير، التي كانت محل احترام وإن كانت بحاجة إلى التطوير الذي يفرضه الواقع والممارسة وما يظهر من خلالها من قصور وهذا قبل أحداث 2011م وبزمن قصير كان اليمن يتقدم بثقة وفق رؤية مرسومة ومحددة وبخطوات ملموسة هيئت لمزيد من اهتمام المنظمة العالمية للسياحة باليمن كمقصد بحاجة إلى الأخذ بيده نحو تنمية سياحية تبنى وفق أسس سليمة تواكب نمو وتطور المقاصد السياحية الدولية وتضاعف في مسار منظم وعقلاني من نمو علاقات التعاون السياحي مع المنظمة إضافة إلى توطيد التعاون المثمر مع أمينها العام وخبرائها الذين زاروا اليمن وفرض حماسهم الدافع الذي أجبر كل من عملوا معهم واكتسبوا على أيديهم الكثير من الخبرات واستفادوا من النصائح والدروس القيمة عبر ورش العمل الفعلية التي حققت المشاركة بحس وطني وانساني ، فالسياحة خدمات شاملة تقدم لكل الناس ويستحقها كل السياح بفئاتهم العمرية ومستواهم المادي وطبيعة قدراتهم وأعمالهم ومهام رحلاتهم، فهم جميعا محل الاهتمام والرعاية والعناية ، ويستحقون توفير الأجواء المناسبة لقضاء فترة زيارتهم، و إجازاتهم ، أو فترة النقاهة وحضور مؤتمرات أو ورش عمل إلخ ،
– إن الخدمات السياحية مدفوعة الثمن تقدم بتعدد مستوياتها الى أفواج مختلفة في المستوى المادي والثقافي والحضاري ، وينبغي على جميع من يمارسون مهنة تقديم الخدمات بجميع أنواعها مراعاة أصول المهنة وأهمية التعامل الإنساني الراقي الذي يراعي السائح واحتياجه وكيفية اختيار الأسلوب المناسب للتعامل معه أو لمساعدته ، وتعد تلك الخدمات المقدمة وما يتم استهلاكه أو شراءه من هدايا وغيرها من قبل السياح والزوار جزءا من الصادرات في الكثير من البلدان.
– إن العلاقة المتقدمة مع المنظمة العالمية للسياحة التي حدثت في ثلاث فترات الفترة الأولى من عام 2006 وكل فترة كان لها أنموذجا خاصا بها يميزها عن غيرها حيث عملت وزارة السياحة وفق أسلوب الرقابة الصارمة في مرحلتها الأولي وفي نطاق السياسة العامة والظروف المصاحبة وكل مرحلة تميزت بجهد كان له أثره ومكانته في تنمية العلاقات مع المنظمة العالمية للسياحة وإن كانت المرحلة الأولى قد تركت حضورا دوليا وعلاقات متواصلة مع المنظمة وفقا للوضع السياسي المحيط ، حيث هيئت فيها أغلب مقومات النجاح وإن لم تكن جميعها فالمنغصات تظل رفيقا ومفترقات الطرق التي تقلل من النجاح كثر في بلادنا خاصة ومن عمق الحكومة ، إلا أن التواصل مع المنظمة خلال تلك المرحلة تواصل وبجدارة جعل اليمن في قائمة اهتمامات المنظمة مما لفت عناية الكثير من أعضائها نحو تحسين العلاقات السياحية مع الجمهورية اليمنية الذي يعود بروح الشباب عبر وزارة السياحة إلى المؤتمرات والفعاليات والأسواق والمعارض السياحية الدولية ، حتى كان التراجع والتوقف من بداية أحداث 2011م نتيجة لأسباب مختلفة تسببت في نكسة أو كارثة غير متوقعة حلت على وزارة السياحة، حيث بدأ الانقطاع التام عن المنظمة وإن وجد بعض التواصل فهو بلا فاعلية ولا يعود بمنفعة على الوزارة أو على القطاع السياحي حتى الربع الأخير من العام 2012 تقريبا حيث بدأت المرحلة الثانية للسياحة التي وجدت أمامها كماً من المعوقات داخل الوزارة وخارجها استطاعت الوزارة من تجاوز الأغلب منها وركزت بمرونة على إعادة روح التعاون وانعاش الثقة في إطار قطاعاتها وسعت لإعادة الروح السابقة للتعاون وتبادل المعلومة وتكامل القيادة وإعادة تواصل العلاقات مع المنظمة العالمية للسياحة ومع أمينها العام الذي رحب بزيارة اليمن واعلان حملة سياحية تنطلق مباشرة من مدينة صنعاء القديمة تشارك المنظمة بخبرائها يصاحبها إعلان حملة إعلامية سياحية عبر قنوات تلفزيونية عالمية ، وبدأ الترتيب الأولي لتلك الزيارة بما في ذلك ترتيب عدد من المقابلات السياسية والاقتصادية، لكن المواقف السياسية غلبت على مصلحة اليمن فداست على السياحة بالأقدام من خلال الرفض وخلق مبررات للتنصل من الاستجابة ومع ذلك تكررت المحاولات بطلب الموافقة، لكن أصحاب القرار في الموافقة تغافلوا تماما عن الموضوع ولم يمنح موضوع مشروع الزيارة الاهتمام المستحق ، ومع ذلك الموقف الذي يدفع للإحباط ، إلا أن الوزارة عملت على استمرار تواجد اليمن في حوالي 12 معرضا وسوقا سياحية دولية أو أكثر، مركزة على الاتجاه نحو الشرق نحو آسيا من خلال المشاركة في الأسواق السياحية المنظمة في كل من الصين الشعبية التي تعد من أهم الأسواق الجديدة لتفويج السياح الى المقاصد السياحية وكذلك اليابان وسنغافورة وماليزيا وكان لذلك الحضور أثره الكبير بعد توقف في التأكيد على وجود واجهة سياحية اسمها اليمن والتي أظهرت قدرتها على الاستمرار، الأمر الذي كان له أثره السياسي أيضا في وقت الحكومة في أمس الحاجة لإبراز نشاطها، والى عودة علاقات التعاون التي كانت بحاجة إلى الدعم الحكومي ، وما أن ظهرت المرحلة الثالثة التي كان يؤمل أن تكون الحركة فيها أكثر نشاطا وأكثر حرصا ودافعا وخاصة أن الفرصة متاحة بأكثر من المرحلة السابقة لإبراز النشاط السياحي كجانب إنتاجي اقتصادي خدمي وأعد إلا أن اهتمامات وزارة السياحة اقتصرت على تحسين المظهر المكاني الذي شكل البداية ، فاقتصر التركيز في البحث عن مقرين جديدين للوزارة والمجلس مما أضاف أعباء مالية كبيرة عليهما كل على حدة ثم التركيز على التواصل مع رجال الاعمال اليمانيين العاملين في المملكة وفق أجندة مرسومة ركزت على الاستثمار في سقطرى فهي كانت محط اهتمام الكثير دون وجود استراتيجية جديدة للحفاظ على مركزها كمحمية بيئية دولية ، فاختلف التوجه نوعا ما عن السابق وفق رؤية لم توضح في حينه ، حتى يمكن الإشادة بها وبالجهود المكوكية التي بذلت، أو لنقدها، لكن الاهتمام كان يتجه نحو إنعاش الاستثمار في الجزيرة دون وجود دراسة وافية حديثة لتنمية الارخبيل الذي كون محافظة سقطرى ، لتأتي ثورة 21 سبتمبر واستقالة الحكومة ، ومن تلك اللحظة انقطعت الصلة والتواصل مع المنظمة حتى وإن بذلت جهودا لإبراز الموقف الصحيح للوضع السياحي اليمني وما لحق به وفي عدد من المناسبات بما فيها ذكرى مرور عام على العدوان وتوضيح ما لحق بالسياحة وما يبذل لاستمرار بعض من النشاط السياحي برغم الحرب ،
والحقيقة المؤسفة أن منظمة السياحة العالمية لا تراعي الجوانب الإنسانية وتمضي في علاقتها مع الحكومة المعترف بها تحت مسمى الشرعية وفق ما تمليه عليها مصلحتها وسياسة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، ولا يمكن القول غير هذا، لأن المنظمة دخلت في إطار المسار الدولي وجمدت العلاقة مع وزارة السياحة اليمنية في صنعاء وكأنها (أي المنظمة ) إحدى منظومات التحالف على اليمن، حيث يفيد المختصون في الوزارة عدم الحصول على أي رد إيجابي أو سلبي منها ، وهو ما يؤكد رفض تعاملهم إلاعبر الرياض بما يسمى الحكومة التي هي اليوم في حالة صراع بين قوى النفوذ المسيطرة، وللأسف أنه اصبح وزير السياحة العامل من الرياض يعمل وفق سياسة مرسومة الاتجاه والمسار ، تحدد له ما يجب أن يعمل وبما يتوافق مع العدوان وتأكيد الحصار فاتجهت اهتماماته الى الاهتمام بأرخبيل سقطرة التي وضعت ضمن اهتمام الامارات وسيطرتها ، وهنا تحولت الجزيرة البيئية الى جزيرة عسكرية وتجميع وتدريب، كما أكدته بعض الصحف ليصمت صوت الحق ويعلو صوت العدوان الغاشم الذي أحدث التدمير الشامل للكثير من البنية السياحية وظل ما يحدث لليمن من تدمير وسفك للدماء وبدم بارد في غياهب الشرعية ودعاتها فلم يسمع لأي منهم استنكار أو شجب لهذا العدوان الموجه ضد كل اليمنيين ، عدا الدعوة لاستمرار عاصفة الحزم والإشادة بقوات التحالف وما تصنع عبث وفوضى وتشريد وهدم للحياة ، وما تفرض من حصار تحول إلى مصدر ارتزاق لها .
– إن السياحة اليوم تتطلب نظرة موضوعية سليمة تراعي تنفيذ قوانين السياحة وتعمل على مساعدة الوزارة على تحقيق السياسة العامة للدولة وتستكمل رؤيتها في إعداد استراتيجية السياحة لكيفية التعامل مع التنمية السياحية والاستثمار والقطاع السياحي وإعادة الخدمات والأنشطة في ظل العدوان وبعد العدوان ، وفق أسس عمل تراعي المنظومة التشريعية السياحية ووحدة الرؤية الواجب التوافق عليها خدمة للمصلحة العامة وخدمة للسياحة اليمنية التي تعد مسؤولة عن عدم المساس بقيم المجتمع اليمني المحافظ والمتطلع للعيش بكرامة والمتعايش مع كافة الأمم والشعوب والثقافات في ظل السيادة الكاملة واستقلال القرار السياسي ووحدة اليمن لتعود عملية إعادة بناء العلاقات الطيبة مع المنظمة العالمية للسياحة لأنها الأكثر تفهما وتقبلا لعودة التعاون مع وزارة السياحة اليمنية في صنعاء والأكثر تخصصا ومسؤولية والأقرب اليوم للخروج من قبضة السيطرة والضغط بعد تغير الموقف الدولي والاتجاه نحو وقف العدوان ولاحاجة لجامعة عاصفة الحزم .