لحظة يا زمن.. لم أبتعد…
محمد المساح
لم أبتعد..
ثمة في الأفق الكتابي العربي كثير من التعب, لا التعب الذي يرهق البصر وحده , بل التعب الذي يرهق البصيرة كذلك .
يقول هذا التعب إننا نعيش في عالم من الارتياب والشبهات , في غياب شبه كامل عن كل معيار يتيح لنا أن نميز بين الواقع والمظهر الخادع , هكذا يهيمين منطق الشك في كل ما يقدم نفسه على أنه الواقع .
يكفي أن نحيا في ظل الأوحد السياسي, أو السياسي الأوحد, يقول هذا التعب .
يكفي أن ننحني إعجاباً وخشوعاً أمام الحجاج , أو السفاح , ابن حنبل أو ابن تيميه , يقول هذا التعب يكفي أن نعيش في زمن لم يعد زماننا , ولم يعد إلا استيهاماً , يقول هذا التعب .
لم أبتعد..
ويكفي أن تكون الكتابة العربية هرباً واحتماءً، إعادة إنتاج لما يجب أن نتخلص منه، نسجاً لأقنعة أخرى، ولطغيان آخر، تسوية بين البشر والأشياء، عنفاً، وعقيدة، وشرعاً، مدحاً وهجاءً، ركاماً من المفردات يدعم الركام الفكري التقليدي، سياسة تحجب السياسة، ولغة تحجب اللغة، يقول هذا التعب.
لم أبتعد..
هكذا استطراداً، أحيي باسم الكتابة العربية سرداً وشعراً، القبيلة الهندية الحمراء قبيلة “سيمينول” التي لم توقع حتى الآن معاهدة سلام مع “نظام الولايات المتحدة الأمريكية” وثقافتها الإبادية.
“أدونيس”