في ظل الحرص الكبير للبلد المضيف على إنجاحها:

مفاوضات الكويت.. خطوة باتجاه الحل السياسي العادل
سوابق الأشقاء الخيرة في حلول أزماتنا مبعث التفاؤل بإنجاح المشاورات

استطلاع/ محمد محمد إبراهيم
ليست المرة الأولى على مسار نهجها السياسي الطويل أن تعكس بالغ اهتمامها بأية قضية عربية كالقضية اليمنية، فدولة الكويت الشقيقة كانت لها بصمات في مسار حل الأزمات اليمنية المعاصرة اجتماعياً وسياسياً وتنموياً.
هذا إلى جانب رصيدها في حلول القضايا العربية، وهو ما جعلها محط أنظار الجميع في الحالة اليمنية، للقبول بالذهاب إليها، وكان دليل ذلك هو الاستقبال الكويتي الرسمي الرفيع للوفد الوطني “ممثلي أنصار الله  والمؤتمر الشعبي العام”، وهو الاستقبال الذي عكس درجة عالية من المسؤولية والاهتمام لدى أشقائنا الكويتيين بقضية اليمن ومظلوميتها.
في هذه المادة الصحفية سنتتبع دلالات اهتمام دولة الكويت بالعملية السياسية اليمنية، ورؤى المراقبين تجاه الدور الكويتي وأهميته في تهيئة المناخ المناسب لسير هذه المفاوضات.

* الاستقبال الحافل الذي حظي به الوفد الوطني في العاصمة الكويتية “الكويت”، وبحضور رسمي رفيع، عزز قناعة المراقبين بجدية الجانب الكويتي واهتمامه الكبير بضرورة إيقاف الحرب، والدخول إلى عملية سياسية تضمن للشعب اليمني كافة استحقاقاته السياسية والسيادية، وتضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية تجاه ما يعانيه وعاناه الشعب اليمني من ويلات الصراع، وكارثية حرب خارجية، وحصار شامل لأكثر من عام.
كما أن الموقف الكويتي ورعاية قيادة الكويت للمفاوضات، والتعاطي مع المظلومية اليمنية بوازع من العقلانية والإنصاف، وهو الذي اتضح في حفاوة ذلك الاستقبال، وما تلاه من لقاءات جمعت أمير دولة الكويت بوفدي المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله، كلها عوامل عكست مدى التحول الإيجابي في مسار الحالة اليمنية باتجاه عملية سياسية.
هذا ما لفت إليه الناشط الحقوقي المثقف عز الدين الحرازي –معيد في جامعة صنعاء-، مؤكداً أن مفاوضات الكويت هي الأمل الوحيد بعد الله للشعب اليمني في الخروج من دوامة الخراب والدمار والصراعات السياسية، وأن الحل السياسي العادل هو من سينتصر لكل اليمنيين، وأن الوفد الوطني قدم ويقدم صورة مشرفة في هذه المفاوضات، وحفاوة الاستقبال تعكس أصالة أشقائنا الكويتيين.
وقال الحرازي: انعقاد المفاوضات في الكويت بحد ذاته أمر يدعو إلى التفاؤل؛ لأن الكويت وقفت مع الشعب اليمني في أشد المحن والحروب التي مر بها.

الكويت والمواقف الدولية
* يرى مراقبون عرب وأجانب أن الكويت مثلت المكان الأنسب لإجراء المفاوضات اليمنية اليمنية، نظراً لكون الكويت جزءاً من التحالف العربي –سياسياً وليس عسكرياً-، وكون رجال الدولة فيها أيضاً ليس لديهم عقد مذهبية وطائفية تعيق مسار المفاوضات.
الأمر الأهم من ذلك هو أن الكويت تمتلك تاريخاً مشرفاً على مسار حلول الأزمات اليمنية، حيث عقد فيها لقاء الرئيس عبدالفتاح إسماعيل، وعلي عبدالله صالح بعد حرب 1979م بين شطري اليمن، وكانت هذه الاتفاقية أهم محطة من محطات السير نحو يمن الثاني والعشرين من مايو 1990م، كما أن المفاوضات الحالية تأتي بعد جهود كبيرة ومثمرة بذلتها وزارة الخارجية الكويتية خلال الفترة الماضية في توفير الدعم الدولي لوقف إطلاق النار، والمفاوضات، حيث انطلقت برعاية كويتية ورش عمل في الكويت ومسقط بمشاركة فنيين عسكريين من الاتحاد الأوروبي وبرعاية الأمم المتحدة تتعلق بوضع خطة تثبيت وقف إطلاق النار ومراقبتها، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي –حسب المراقبين- يلقي بثقله لدعم عملية السلام، متخطياً حاجز التصريحات والبيانات إلى الاندماج الفعلي في إيجاد حلول للأزمة اليمنية، وعلى نفس المستوى جاء التحرك الأمريكي والروسي داعماً ومؤيداً لجهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.

الحوار.. أولاً وأخيراً
* بما قدمته الكويت من اهتمام تشكر عليه، لكن ذلك لا يعني بالضرورة نجاح المفاوضات، فالأمر يتعلق بأطراف النزاع اليمني، ومدى جديتهم في إحلال السلام، خصوصاً الطرف المسنود بطائرات التحالف والذي يكرر يومياً اختراق وقف إطلاق النار.. هذا ما يؤكده المراقبون السياسيون في الداخل والخارج، مشددين على ضرورة إدراك جميع الأطراف بأن الحوار هو مربط الحل أولاً وأخيراً، اليوم أو غداً.
* الإعلامي/ محمد المحجري يؤكد في هذا السياق أن الظروف التي وصلت إليها البلاد تتطلب من جميع الأطراف تقديم تنازلات مؤلمة، وأن النخب السياسية مطالبة بالنظر إلى هذه الظروف، كحالة استثنائية، ووضع استثنائي لم يعد يحتمل سياسياً واقتصادياً ونفسياً وشعبياً.
وأضاف المحجري: البطولة والنصر في هذه الظروف صارت لمن يصنع السلام، واليمنيون عرفوا منذ الأزل بالشورى، المشهود لهم في كتاب الله العزيز، أضف إلى ذلك أن الحوار كان هو الحل في كل أزمة أو حرب يمر بها اليمنيون، فقد تحاوروا أثناء حرب الجمهوريين والملكيين، ولم يعجزوا عن إدراك سبل التعايش والسلام.
ولفت المحجري إلى أن الحوار السياسي يتطلب في هذه الظروف أن يكون وفق أجندة وطنية لا حزبية، وعلى أساس الشراكة في بناء الوطن،وأي طرف يريد الاستئثار بالسلطة سواء بالإستقواء بالخارج، أو بفرض القوة بعيداً عن صناديق الاقتراع، فهو يسير نحو الانتحار السياسي جماهيرياً وشعبياً، ويجب أن يصب التنافس في خدمة المواطن؛ لأنه تحمل ويلات الحرب والصراعات.
واعتبر المحجري مفاوضات الكويت محطة هامة ليستشعر فيها العدوان أنه يكفي دماء ودمار لليمن ومقوماته من مؤسسات الدولة، والمجمعات السكنية، والمصانع، والجسور، والطرق، وغيرها من مقومات التنمية التي طالها القصف، وأنهكها الحصار، بل إن وصول الحرب إلى هذا المستوى جعلها حرباً بلا أخلاق، وعلى الأطراف المساندة للعدوان أن تدين ذلك كجزء من اعتذارها للشعب اليمني الذي تعرض لأطول قصف في تاريخ الحروب.
وقال المحجري: على الإعلاميين والصحفيين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة والالكترونية تبني خطاب إعلامي وطني رصين بعيداً عن الكيد السياسي، وتصيد العثراث، خطاب يخدم الوفاق، ويبتعد عن إثارة الخلاف الذي يؤدي إلى الاحتقان السياسي والاجتماعي، كما أن على الإعلام السعي الجاد لإرساء ثقافة الحوار والشراكة بدلاً عن ثقافة الإلغاء والإقصاء والتهميش.

محطة تفاؤل
* من جانبه أبدى الناشط الاجتماعي والإداري المثقف/ نصير شائع عز الدين –مدير عام مديرية السلفية، تفاؤله الكبير بمفاوضات الكويت اليمنية اليمنية، والتي تسير برعاية أممية، مؤكداً أن مبعث هذا التفاؤل ينطلق من أسباب جوهرية ومحورية عدة، أهمها أن الكويت دولة عربية رائدة في نهج الحوار كسبيل لحل المشكلات العربية، ولها سوابق خير في اليمن على مر الأزمات اليمنية المعاصرة، فمنذ 1962م ومروراً بأحداث وصراعات الشطرين في 72م و79م و86م، وهي اليوم بهذا الدور تقف في صف اليمن، بل كانت في صف اليمن برفضها للإسهام العسكري الجوي والبري في اليمن، وأنا على ثقة أن الكويت ستسجل في العام 2016م إنجازاً جديداً بدعمها الكبير والرسمي لمفاوضات اليمنيين، وبهذه الأسباب يمكن القول: إن الدور التاريخي الخلاق للكويت في اليمن يمكن له اليوم أن يسهم في تعزيز الجدية وإحراز التقدم المطلوب في هذه المفاوضات.
* الوسط الثقافي والاجتماعي اليمني يعلق آمالاً عريضة على مفاوضات الكويت كفرصة الخلاص من معترك التداعيات الكارثية على المستوى الإنساني والبنيوي للبلد، ولم ينس هذا الوسط ما تعنيه المفاوضات في دولة كالكويت، كان لها إسهام جبار عبر محطات اليمن المعاصرة في حلحلة الأزمات اليمنية، أو في بنية اليمن التعليمية والثقافية، كما أن القاسم المشترك الأقوى بين اليمن والكويت أن كلا البلدين تعرضا لطعنات مؤلمة من جار عربي مسلم.
وفي هذا السياق يعتبر المثقف والأديب/ بشير المصقري مفاوضات الكويت أيقونة الخلاص السياسية الأكثر جدية فيما يتعلق بكل الجولات واللقاءات التي عقدت بشأن الأزمة اليمنية، مؤكداً أن هذه المفاوضات تعد فرصة تاريخية لاحتواء الانسداد السياسي الذي طال أمده في اليمن.
وقال المصقري: ما حملته أدوار الكويت في كونها وجهة للمباحثات وإحداث التقارب بين أطراف الصراع، من دلالات بليغة تؤكد أنه مازال هناك عرب مخلصون لقضايا أمتهم، وحكام أكفاء شرفاء، ودول عربية لم تفقد هويتها العربية والإسلامية، وأنا هنا أتحدث عن الكويت.
ولفت المصقري إلى أن الكويت كانت لها تجربة مريرة ومضنية مع اعتداء الشقيق على شقيقه، الأمر الذي دفعها للعمل من أجل السلام لأبناء الأمة العربية والإسلامية بصدق وضمير وإخلاص منقطع النظير، مؤكداً أن الكويت نجحت في تهيئة المناخ الملائم للمفاوضات اليمنية اليمنية، وتأتى لها ما لم يتأت للمجتمع الدولي وللمنظمات الأممية والدولية والإقليمية الكبرى.
وأضاف المصقري: الكويت أثبتت للعالم أن الخير عمل بسيط ومتواتٍ حين يكون منزهاً من المصالح والانتهازية والتآمر الممنهج على الشعوب والأمم.

قد يعجبك ايضا