إدارة أزمات التراث اليمني.. ضرورة ملحة فرضتها جرائم العدوان

تحقيق/ عبدالباسط النوعة

حثت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قبل أكثر من شهرين  الجهات المعنية بالتراث اليمني على إنشاء إدارة متخصصة لمواجهة الأزمات في مجال التراث، فبعد أن كثرة حالات الدمار والقصف التي تعرضت لها العشرات من المواقع والمعالم التراثية من قبل طائرات العدوان السعودي والتي طالت أيضاً مواقع أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي وتحت حماية المنظمة المعنية بالتراث الإنساني (اليونسكو) وهي (زبيد – صنعاء القديمة).
فإلى أين وصلت إجراءات إنشاء هذه الإدارة؟، وما هي أهميتها في ظل ظروف العدوان؟

تأتي هذه التوجهات لإنشاء إدارة موحدة لمواجهة الأزمات التي يواجهها التراث اليمني بعد أن تعرض هذا التراث لسلسلة من الاعتداءات نتج عنها دمار وخراب كبير يقف خلفه العدوان السعودي منفذاً ومستهدفاً وقاصداً هذه القيمة الحضارية الكبيرة، وإن كانت هذه الخطوة نحو إنشاء هذه الإدارة قد جاءت بعد قرابة العام من العدوان على اليمن استهدفت خلاله العشرات من مواقع التراث الثقافي.
تنسيق
يقول رئيس هيئة الآثار والمتاحف مهند السياني: إن إنشاء هذه الإدارة الموحدة والمشتركة بين هيئة الآثار وقطاع المخطوطات وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية خطوة هامة لحماية مواقع التراث ومواجهة الأخطار المحدقة بها بقطاع التراث ككل  في مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا نتيجة العدوان والأهم من ذلك أنها تأتي بطلب من منظمة اليونسكو وبالتنسيق معها.
وعن الإجراءات التي اتخذت لإنشاء هذه الإدارة ولماذا تأخر إنشاؤها ، أوضح السياني أن طلب اليونسكو لهذه الإدارة لم يمض عليه الكثير من الوقت ربما شهرين أو أقل ، ومنذ ذلك الحين والتنسيقات واللقاءات مستمرة ومتواصلة مع الجهات ذات العلاقة (وزارة الثقافة وقطاع المخطوطات وأيضاً هيئتي الآثار والمدن التاريخية) وكل جهة تقدم تصوراتها حول هذه الإدارة ومهامها والبحث عن مصادر تمويل لعمل هذه الإدارة الهامة الذي ستعمل على مدار الساعة ودون توقف .
وأضاف: كنا في هيئة الآثار قد شكلنا غرفة عمليات لتلقي البلاغات حول الاعتداءات التي تطال المواقع الأثرية بيد أن اليونسكو طلبت إدارة تضم التراث بشكل عام تحوي الهيئتين وقطاع المخطوطات وحقيقة لم نبلغ بعد قطاع المخطوطات أما هيئة المدن التاريخية فلا زلنا ننتظر ردهم وتصوراتهم خاصة بعد التغيرات الأخيرة في قيادة الهيئة .
أكفاء ومعماريون
من جهتها تقول وكيلة هيئة الحفاظ على المدن التاريخية أمة الرزاق جحاف : إدارة الأزمات مهمة لكن لا بد أن يتولاها مهندسون معماريون أكفاء لهم خبرة طويلة في مجال الحفاظ من جهة وخبرة متراكمة ميدانيا ومعرفيا في مجال الحماية والصون والتدخل السريع للحيلولة دون اتساع نطاق الضرر في الموقع المصاب من جهة ثانية
كما لا بد أن تتوفر لهم الإمكانيات المادية اللازمة لعملهم لكن أن يعهد بهذا العمل لفريق من الشباب وإن كان لديهم حماس للعمل لكن تنقصهم الخبرة والثقافة ومعرفة فلسفة العمارة اليمنية كما هو حاصل الآن  في طريقة تشكيل فريق الهيئة فإن هذا مشروع سيولد هزيلا ولن يتمكن من تحقيق هدفه طبعا أتكلم فقط عن هيئة المدن وليس عن هيئة الآثار .
وأشارت إلى عراقيل اعترضت التنفيذ وأخرت إنشاء هذه الإدارة منها الاختلاف حول الجهة التي ستدير هذه الإدارة فقيادة هيئة المدن تريد أن تكون رئاسة الإدارة لها وهيئة الآثار لم توافق ورأت أن الإدارة تخص الآثار بشكل رئيسي وهنا من  الأفضل أن تكون رئاسة هذه الإدارة للأخت  نائب وزير الثقافة .
تصورات لم ترفع
مدير عام حماية المواقع الأثرية بهيئة الآثار عبدالكريم البركاني أوضح أن هيئة الآثار بادرت قبل أكثر من شهر بإعداد تصورها لإنشاء هذه الإدارة التي تحظى بمباركة المنظمة العالمية المعنية بالتراث .
وأضاف : لازلنا ننتظر تصورات الشركاء في هذه الإدارة والى الآن لم تصل تصوراتهم والتواصلات واللقاءات مستمرة والترتيبات قائمة ونتوقع أن تشهد الأيام القادمة خطوات عملية لإنشاء الإدارة .
وعن مهام وأهمية هذه الإدارة أوضح البركاني أنها ستلعب دورا كبيرا في حماية التراث الثقافي وخاصة لما يتعرض له التراث من أزمات متكررة وسيكون لها دور فعال إذا توفرت الإمكانيات الأزمة وتسخير الدعم الكامل لها سواء من الحكومة أو الشركاء الدوليين المعنيين بحماية التراث .
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
وحول النظرة الأكاديمية لأهمية هذه الإدارة التقينا الدكتورة أمة الغفور الأمير أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة صنعاء والتي قالت :  التراث اليمني يمر بمرحلة سيئة وصعبة منذ سنوات والعدوان كان القشة التي قصمت ظهر البعير وبالتالي إدارة الأزمات مهمة ولكن يجب أولاً إدراك أن إدارة الأزمات بحاجة إلى جهود كبيرة جداً وتكامل وتعاون من جهات كثيرة .
وأضافت : تراثنا  بحاجة إلى إنقاذ سريع  فالمدن التاريخية على وشك الخراب ، زبيد معظم المباني فيها بحاجة إلى ترميم البناء العشوائي يشوه المدينة ومثلها صنعاء القديمة تم تشويهها  بسبب ما ادخل عليها من مواد إسمنتية وغيرها ، علاوة على ذلك المخطوطات والآثار هي الأخرى بحاجة إلى إنقاذ فإذا كانت هذه الإدارة ستعالج الاختلالات وسيكون من يديرها من ذوي الكفاءات والنزاهة واليونسكو ستدعم وتتابع تنفيذ الخطط للحفاظ على التراث بكل أشكاله فهذا هو المطلوب وسيتحقق النجاح وستكون الإدارة مفيدة جداً.
ولفتت إلى أهمية هذه الإدارة وضرورتها في هذه المرحلة التي يتعرض فيها التراث اليمني للقصف والدمار من قبل طائرات العدوان السعودي وتأتي مهمة هذه الإدارة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
– وهنا نتساءل: كم تحتاج الجهات المعنية من الوقت لإنشاء هذه الإدارة الهامة هل ينتظرن حتى انتهاء العدوان الذي يستمر منذ أكثر من عام في استهداف التراث اليمني ؟؟

قد يعجبك ايضا