عن مشاورات الكويت
د. أحمد صالح النهمي
يتساءل اليمنيون ومعهم كثير من المهتمين بالأزمة اليمنية في دول العالم عن مدى نجاح المشاورات التي ستجريها الأطراف اليمنية في الكويت في إيقاف العدوان على اليمن، والتوصل إلى حوارات جادة تفضي إلى تسوية سياسية بين هذه الأطراف ؟ وما طبيعة الظلال التي يمكن أن تلقيها القمة الخليجية الأمريكية المتزامنة مع هذه المشاورات في التوصل إلى إيقاف العدوان ودعم جهود التسوية السياسية؟
يرى كثير من المراقبين للشأن السياسي اليمني أن طبيعة التفاهمات التي جرت مباشرة بين أنصار الله والسعودية على الحدود، هي التي ستحدد نجاح مشاورات الكويت أو فشلها. فلا قيمة للمشاورات اليمنية اليمنية، فقد أثبتت التجربة أن الطرف اليمني القادم من الرياض، لا يملك قرارا سياديا ، وليس له صلاحية في اتخاذ الحلول إلا في حدود السقف الذي تسمح به السعودية، فهو لا يمثل نفسه بقدر ما يمثل سياسة المملكة ومصالحها، وما يزال لسان حاله يصدح في البلاط الملكي السعودي بما صدح به أسلافه من مرتزقة السبعينيات في القرن الماضي كما عبر عن ذلك البردوني بقوله: أمير النفط نحن يداك …ونحن أحد أنيابك، ونحن القادة العطشى …إلى فضلات أكوابك، فمرنا كيف ما تهوى ..نمسح نعل حجابك ، ونستجديك ألقابا ، نتوجها بألقابك، نعم يا سيد الأذناب ، إنا خير أذنابك .
على أن كثيرا من المراقبين لا يخفون تفاؤلهم بنجاح مشاورات الكويت في إيقاف العدوان، والبدء في مشاورات التسوية السياسية، وهؤلاء يبنون تفاؤلهم على حاجة السعودية الملحة إلى عقد صفقة سلام دائم مع حركة أنصار الله لتأمين حدودها الجنوبية واستعادة مدنها وقراها ومواقعها التي سقطت بأيدي الجيش واللجان الشعبية في الفترة الماضية، ولا سيما وأن عاصفة الحزم التي أطلقها تحالف العدوان بقيادة السعودية قد اثبتت فشلا ذريعا في تحقيق أهدافها، وأن الاستمرار فيها لا يعني سوى الاستمرار في تصاعد الخسائر المالية والبشرية السعودية وتصاعد الانتقادات الدولية لجرائم الحرب التي تخلفها غاراتها في أوساط المدنيين اليمنيين، فضلا عن مخاوف المملكة المتعددة التي أجملها روبرت فيسك في الإندبندنت اللندينة بقوله: إن العائلة السعودية خائفة من داعش ، وخائفة من الشيعة ، وخائفة من إيران وخائفة من اليمن ، وخائفة من أمريكا وخائفة من العدو الصهيوني ، بل خائفة حتى من نفسها ، و من قواتها الأمنية أن تنقلب عليها !!! نعم ، العائلة السعودية خائفة حتى من نفسها ومن خيالها. إذ تشهد المملكة حالة من الانقسام داخل الأسرة الحاكمة والتململ الشعبي في الموقف من حربها على اليمن، ويعتقد أغلب المحللين السياسيين وخاصة في الغرب ، أن هذه الحرب قد تؤدي إلى صراع داخل العائلة الحاكمة وربما إلى انهيار الحكم السعودي.
وسواء تزامن انعقاد القمة الخليجية الأمريكية مع هذه المشاورات بمحض الصدفة أو بتنسيق مسبق، فإن ما لا شك فيه هو أن أمريكا لم تكن بمعزل عن قرار شن الحرب على اليمن والمشاركة المباشرة في هذه الحرب العدوانية على الشعب اليمني لصالح أجندتها السياسية والاقتصادية في اليمن، فهل أدركت أمريكا عواقب المغامرة السعودية باستمرار العدوان وجاءت لإنقاذها، أم ستتركها تستمر في عربدتها العدوانية حتى إذا ما هلكت وحان موعد سقوطها تسلمها لسكاكين الجزارين كما قال مرشحها الجمهوري القادم للرئاسة.
وأيا كان الأمر فإننا على ثقة أن المفاوض اليمني الوطني على قدر كبير من الوعي بمكر العدوان ومخادعته، وأنه سيجسد في هذه المشاورات طموحات أبناء الشعب اليمني وتطلعاته في التخلص من الهيمنة الخارجية واستقلال قراره السيادي وفاء لدماء شهدائه، فما يزال يفاوض من قوة يستمدها من صمود الشعب وقوة جبهات القتال.