عبدالوهاب محمد شمهان
السياحة في اليمن لن تنمو ولن تزدهر إلا مع الحياة والنشاط وحركة الناس وانتقالهم من مدينة إلى أخرى والسفر منها وإليها بحرية وأمن وأمان ، السياحة والسلام جناحا الحياة الآمنة المليئة بالقلوب الطاهرة التي غسل أدرانها الغيث والهثيم ونزع من تربة قلبها نبتة الحقد والشر والظغينة وزرع نبتة التعايش والسلام وحرية وكرامة الإنسان ، تعز تمثل مقصداً من مقاصد السياحة اليمنية ومقصد الأحرار ودعاة السلام ، تستحق منا اليوم بعد الم وحزن ونزوح وخراب ديار وفقد أبناء وإخوة، إن نظللها بالسلام أن نؤمن شوارعها وأزقتها ومسالكها ودروبها وكل ربوة فيها نعيدها حديقة لنزهة الأطفال، الأطفال التي كانت تضحياتهم أغلى وأثمن من كل التضحيات وكل فسحة خضراء وكل واد يكون ملتقى الأسر ، الأسر التي حرمت غمضة العين كمداً لما أصابها من الجراح من آبائها وإخوتها وأبنائها لنجعل من تعز منظار المستقبل القريب والبعيد مستقبل البناء والإعمار وعودة الحياة وعودة تعز وعودة الشنيني بتوابله وجبنه وشارع عصيفرة بالتجارة، وجمال، و26،والجحملية بحزنها، وفرحها، وشبابها، وذكرياتها، مع شاهي مخسو ومطعم عبدالرب التاريخي والعرضي وجامع العرضي وصالة والجمهوري وسوق الصميل وبير باشا والمرور و….و….و…..وكل ذرة رمل وحصوة وحجر وصخر فيك يا تعز تستحق الحياة ومن أجلها يكون السلام ، السلام الذي ينبع من صفاء النفوس وتدمير الحواجز وهدم التحصينات وتسليم المنازل لأهلها وتفريغ الشوارع والمداخل من نقاطها وزراعة زيتونة في كل موقع نقطة ليكون السلام من الداخل من القلب من روح المعاناة وكبد الألم لنزرع الخير ونواجه ربنا بالتوبة والرحمة ونرفع راية السلام والعزة والنصر على أنفسنا والطغيان والشيطان ودعاة الحرب والغزاة ، تعز السياحة والثورة والعلم والتجارة والصناعة والتسوق تحتاج لأبنائها فلذات الكبد ينتشلونها من فوهة بركان خمد لكنه ما زال مشتعلا بوقود المكايدة والمناكفة والمرابطة في المرابض والمرتفعات وجوانب الوديان ومع مرور الأشهر والسنين لن يكون هناك منتصر ومهزوم سيكون المنتصر تعز وأبناء تعز لأسواهم المنتصر العائد النازح المظلوم المنهوب من حرم رزقه وداره وكسر باب متجره وكان فيدا ومغنما بالباطل وبحكم ما أنزل الله به من سلطان ، النازح الذي دمرت مدرسته وفقد راحته ، أما من تآمروا و أشعلوا فتيل الحرب وجلبوا الأعوان والتعزيزات ومن فتح الأبواب للمرتزقة وأوغل الحقد في الصدور ونشر الحرب في الأرياف والربوع نقول لهم إن كانتم صادقين وللحق متبعين فقد حان صمت المدافع كلها ولعلعة الرصاص ودوي الصواريخ والإنفجارات إن كنتم تحبون اليمن كفى تدميراً وتخريباً لتعز كفى عنفاً وعنترة على تعز عودوا جميعاً وضعوا أيديكم بيد بعض وتلاحموا إخوة متحابون كما كنتم واتجهوا صوب العدو الذي لن يصمت إلا بنزع أرضكم وخيراتها عودوا لحماية حدودكم وسواحلكم وجزركم المحتلة عودوا لبناء اليمن الواحد إن كنتم لدعوة السلام صادقين كونوا جميعاً جيش اليمن، لا يجدي الانفراد ولا تجدي القوة ولا يجدي الإقصاء والتهجير والانتقام، فالإقصاء والتهجير لا يقل خطورة عن العدوان لأنها بذرة شر تأكل في جسد الوطن كدودة الأرض وهو مبتغى أعدائكم الذين سيتخلصون منكم جميعاً فرداً فرداً وجماعات، إن واجبكم أن ترفعوا عن شعبكم الاستجداء والوقوع في براثن العطاء وكل يضع نصب عينيه أن العدوان لا يوقفه إلا ثبات أهل اليمن الواحد فلا جدوى من اتفاق والكل يحمل السلاح والكل لايقبل الآخر والكل يرى الحق في صفه والكل على خطأ ، والحق مع اليمن الواحد الموحد المتعايش يا أهل اليمن هل توحدون الله إن كنتم كذلك سوف توحدون صفوفكم التي بعثرها أعداؤكم، إن لعبة الأمم وصراع الحصارات تطبق عليكم كما طبقة على إخوانكم في العراق وسوريا وليبيا وسيناء وكان العرب والمسلمون هم الجند والجيش المقاتل وهم المهزومون دوما، فأنتم للحرب وقود، وقد قلبتم الآية وصرتم كبني إسرائيل تخربون بيوتكم بأيديكم وتشردون حرائركم، فقدتم الإيمان اليماني والحكمة اليمانية وأصبحتم أضحوكة العالم يابناة الحضارة وحماة الإسلام ألا تذكرون خطبة الوداع ، فأين الأتباع ، لقد جعلتم اليمن ميدان معركة لتصفية حسابات بين أعدائكم بأيديكم ، والأعداء هم ذاتهم من يزيدون في الإنفاق على الحرب لقتل بعضكم بعضا وكلما قربتم إلى الصلح يزيدون من إمدادكم بالسلاح ليس حبا فيكم ولا في سواد عيونكم، إنه الحب للغاز والنفط المخزون في أرضكم وسواحلكم ومياهكم والحب في إذلالكم والسيطرة عليكم، إنهم يهدمون كل مراكز التعليم ليعيدوكم إلى الجهل والفقر والمرض إلى عصور القرون الوسطى وربما للعصر الحجري لو كان في أيديهم القدرة، إنهم يريدون أهل اليمن جميعا بدون استثناء عبيدا وجواري في خدمتهم، فلا تزينوا العبودية والاحتلال وأدوات الاحتلال القادم من الغرب والشرق والعروبة .
وأعود للسياحة والسلام يا أهل السلام فالسياحة ترمومتر الاستقرار والأمن ومقياس الحركة والنشاط والازدهار، والسياحة والسلام لن يكونان إلا بكم وبسواعدكم فلستم أقل شأناً من شعوب العالم أنتم أسياد الأرض وأسودها وأنتم حكماء الأرض وعمارها فلا تهنوا ولا تكونوا عبيداً طائعين.
السياحة نقرنها بالسلام لأنها تعتمد على الإنسان الآمن المطمئن في أرضه المتسيد على خيراتها القادر على العطاء القوي بفكره وعلمه وإيمانه المتجه نحو الحياة المزينة بالسلام في هذه البيئة تكون السياحة وإن لم نعد أنفسنا في كل مناحي الحياة لن تكون هناك نهضة من أساسها ولن تكون هناك السياحة كما نريد ونحدد وإنما كما يريد العدو، فما علينا إلا الاتجاه نحو السلام الداخلي أولاً وتوحيد الأمة اليمانية.