صنعاء/ علاء الشلالي
تعتبر قضية (نقص المياه) في العاصمة صنعاء من أهم المشكلات التي تفاقمت وزاد من وقعها العدوان الأمريكي السعودي الغاشم على بلادنا والذي تسبب بمعاناة كبيرة لساكني صنعاء، وكما هو متعارف عند الجميع أن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بأمانة العاصمة هي الجهة الخدمية الأولى التي تقدم خدمتي المياه والصرف الصحي، وبعد مرور عام على بدء العدوان إلى الآن ومؤسسة المياه نجحت في العمل على استمرار تقديم خدماتها رغم كل العقبات والظروف السيئة التي أحاطت بها على نطاق ستة مناطق إدارية مستقلة موزعة جغرافيا بحسب مديريات وأحياء وحارات العاصمة صنعاء.
“الثورة” استشعاراً منها بأهمية استمرار خدمات المياه والصرف الصحي المقدمة من المؤسسة الحكومية، تتناول في هذا الموضوع الصحافي ما يحتاجه المواطن من مؤسسة المياه، ونقل شكاوى المواطنين للمسؤولين المعنيين في المؤسسة، وتناقش القضايا والمشكلات المرتبطة بالخدمات المقدمة.
البداية كانت من “المنطقة الأولى” والتي تضم مديرية (آزال) ومديرية (صنعاء القديمة) وجزء من مديرية (شعوب) وجزء من مديرية (الصافية) وهي من أكبر المناطق الإدارية من حيث الكثافة السكانية, ويشكو عدد من المواطنين الساكنين في إطار المنطقة الأولى من قلة توفير المياه وبالتحديد في حارات وأحياء صنعاء القديمة.
يقول محمد السراجي “55 عاماً” ويسكن في شارع خولان: أطالب بأن توفر مؤسسة المياه “مياه المشروع الحكومي” أقل شيء ثلاث مرات في الشهر، والمشروع سيكفي إذا ضخت المياه على ذلك النحو، وحتى إذا وجد في البيت الواحد أكثر من خزانين فإنه سيكفي لكن في الوقت الحالي نحن نعاني، ومع ذلك فإننا نبادر بتسديد فاتورة المياه تعاوناً مع الظروف التي يعاني منها الوطن.
ومن وجهة نظر مخالفة يقول عبدالرحمن الفرانصي –محامي، ويسكن في حارة محمود بصنعاء القديمة: إن خدمات المياه كانت قد بدأت في التحسن في الأيام القليلة التي سبقت العدوان, ومنذ بدء العدوان قل ضخ المياه حتى وصلت قيمة “وايت” الماء إلى 13 ألف ريال، وهناك حارات لا يصل إليها مشروع المياه إلا مرة واحدة كل شهرين، وهناك تلف في شبكة المياه، وقد قدمنا شكوى للإدارة المختصة بالمياه في المنطقة الأولى ووصل فنيون لحارة محمود وحارة سوق البقر بصنعاء القديمة ووجدوا أن المياه لاتصل ووعدونا بإيجاد حلول المشكلات، ولكن دون جدوى.
بينما تقول الحاجة فاطمة حيدر، وهي تسكن في باب السباح: انه في الآونة الأخيرة تحسنت خدمات المياه في الحي الذي تقطن فيه وانه إذا وفرت مؤسسة المياه خدمة المياه بهذا الشكل فسوف نسدد فاتورة المياه ولو على أقساط ميسرة، لأننا نضطر لسداد قيمة “وايت” الماء غصباً عنا وليس برضانا, وخزانات ماء السبيل لفاعلي الخير لا تفي بالغرض.
أما أحمد أحمد الصملي، تاجر ويسكن في حي باب السلام يقول: رسالتنا للقائمين على توفير المياه للأحياء السكنية، يجب الانتظام في ايصال المياه للمواطنين وصيانة شبكات المياه حتى نكون مقتنعين اقتناعاً كاملاً في تسديد ما علينا من رسوم لمؤسسة المياه.
فيما يشكو جميل سويد، يسكن في حي غول البلس بمنطقة نقم، من تأخر توصيل شبكة المجاري إلى الحارات التي يسكن فيها ويطالب إدارة المنطقة الأولى بسرعة توصيل المجاري.
بدورنا اتجهنا إلى إدارة المنطقة الأولى التابعة للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بأمانة العاصمة صنعاء للبحث عن إجابات شافية لتساؤلات المواطنين والتقينا بمدير عام المنطقة محمد يحيى الحيفي، والذي أوضح: أن أزمة المياه في المنطقة الأولى بالعاصمة صنعاء تعتبر الأخف ضرراً من بقية المناطق بالرغم من وقوع المنطقة في السلسلة المحيطة بجبل نقم الذي يستهدف يومياً من قبل العدوان الغاشم.
وأضاف الحيفي: إلى الآن لم تستطع المنطقة تقدير خسائرها جراء العدوان بسبب الاستهداف اليومي للمنشآت الحيوية، وإذا سلمت المديريات التي تتبعها المنطقة الأولى من الاستهداف فإنها لا تسلم من التهديدات اليومية فهناك ثلاثة آبار مياه واقفة ولا يستفاد منها نتيجة قربها من جبل نقم ولا يستطيع المهندسون الدخول أو الاقتراب منها بسبب استهداف طائرات العدوان لأي معدات ثقيلة تدخل إطار جبل نقم.
ويقول الحيفي: مع ذلك لم نيأس ونقوم بتزويد المواطنين في إطار المنطقة بالمياه بشكل دوري وبتوجيهات من الإدارة العامة للمؤسسة، وفي الحقيقة لم تعد مؤسسة المياه تقدم خدمات المياه والمجاري فقط، الآن نقوم بعمل توليد الطاقة الكهربائية لتشغيل الآبار والمضخات وكلها بواسطة مولدات ديزل يعني جهد فوق الجهد، ونقوم بصيانتها من فترة إلى أخرى، بمعنى أنه زادت الأعباء على المنطقة بشكل كبير وزادت نفقات التشغيل وأعباء كثيرة نتيجة العدوان.
وعن سؤالنا حول مشكلة تأخر وصول المياه, أجاب الحيفي قائلا: المشكلة هذه كبيرة ولكن الإجابة بسيطة وهي أن السبب الرئيسي في حدوث هذا الشيء هو المواطن الذي يمتنع عن تسديد فاتورة المياه والصرف الصحي.. المؤسسة تقوم بتحديد جدول توزيع المياه بالتعاون مع أمانة العاصمة وبحسب التنسيق يتم إيصال المياه للمواطن في الشهر مرتين، أي كل 15 يوماً.. وهناك تجاوب من المواطن بأن نحصل على الأقل 40 % من إيرادات قيمة المياه المباعة للمواطن, ولكننا لم نصل في المنطقة من الإيرادات إلى 10 %.
وعن مشكلة ضعف وصول المياه في بعض أحياء شارع خولان يقول الحيفي: بالنسبة للمياه لا يوجد ضغط بمختلف الأماكن، المواطن كان متعوداً أن يضخ له الماء أسبوعياً, الآن كل اسبوعين لعدم تجاوب المواطن كل 22 يوماً، والسبب شفط المياه من قبل بعض المواطنين، وعدد من المخالفات التي لا يمكن حصرها ولو يتعاون المواطنون لكان الأمر جيداً.
وعن شكاوى بعض حارات صنعاء القديمة حول تردي الخدمة يقول: صنعاء القديمة تعاني من صعوبات في إيصال المياه لها، لذا وضعها خاص والمواطنون هناك يواجهونها بقلة الإيرادات وكثرة مخالفات للأسف وبالنسبة لشبكة المياه في صنعاء القديمة فالشبكة هناك سطحية ومستحدثة وتم تبديلها على الشبكة البلاستيكية القديمة أثناء عمل الرصف في المرحلة الأولى وتغيرت مرة أخرى أثناء استبدال الرصف الحجر القديم بالجديد، وتم الاستبدال مرة أخرى، وبالنسبة لغير صنعاء القديمة فالمنطقة قامت بتركيب شبكات حديثة بلاستيكية فرنسية تعتبر من أفضل الشبكات الموجودة عالمياً وليس محلياً.
وفي ذات السياق يؤكد المهندس أحمد وهاس المدير الفني بالمنطقة الأولى للمياه: أن المخالفات التي يرتكبها المواطنون تتسبب في عرقلة عمل وأداء الفنيين العاملين في المنطقة.
ويقول وهاس: نحن نبذل مجهوداً كبيراً لملاحقة من يرتكب المخالفات كشفط المياه وحرمان الآخرين، وقلع العدادات، والتوصيل من الخطوط الرئيسية دون الرجوع لإدارة المنطقة، والعبث بالشبكة، والمشكلة المزعجة المتمثلة بإهدار المياه في الشوارع نتيجة عدم وعي بعض المواطنين، وقد قمنا بحملات تفتيش متواصلة، فذات مرة قمنا بالنزول إلى أحد أحياء صنعاء القديمة وفي يوم واحد بأربع فرق مهمتها كانت تركيب عدادات للحي، ولم تخرج فرق التفتيش من الحي إلا وبعض المواطنين قد سارعوا بقلع العدادات، وهنا نقول يجب أن تتدخل السلطة المحلية والأجهزة الأمنية واللجان الشعبية لضبط المخالفين وقد قمنا بإرسال مذكرات وشكاوى إليهم وأبدوا استعدادهم بالتعاون معنا، وحقيقة الأمر إذا لم يوجد تعاون من المواطن نفسه فالضرر سيعم الكل.. هذا الكلام ليس فيما يخص المخالفات فقط بل في الموضوع الأهم والأهم وهو سداد فاتورة المياه والصرف الصحي فتجاوب المواطنين في تسديد فاتورة المياه والصرف الصحي يعني استمرار الخدمات المقدمة من المؤسسة، نستطيع أن نقول إننا لم نصل إلى طريق مسدود ولكن نخاف أن نصل إلى أن نعلن توقف خدمات المؤسسة وهذه حقيقة يجب أن يعرفها الجميع، المواطن يعرف أن وايت المياه التجاري اليوم يباع بـثلاثة آلاف ريال وأحياناً يصل إلى خمسة آلاف ريال، وإذا توقفت خدمات مؤسسة المياه فسوف يصل إلى 14 ألف ريال، صحيح أن المواطن يطلب الوايت الماء يتصل بصاحب الوايت ويأتي إليه مباشرة لكن لو توقفت خدمات المنطقة والمؤسسة فلن يصل الوايت الماء إلا بعد أسبوعين أو ثلاثة، لذا نقول على المواطنين المبادرة بسرعة تسديد المديونية التي عليهم.
وفي جوابه عن سؤالنا حول لماذا يطالبون في المنطقة الأولى المواطن البسيط بسداد المديونية ويتركون المسؤولين والتجار، أجاب وهاس: الآن أغلب من نستهدفهم بالمطالبات هم القطاع التجاري والنقل والشخصيات الكبيرة، وبالعكس المواطن البسيط من ذوي الدخل المحدود نحاول أن نخفف مديونيته بإيجاد حلول متعددة منها تسهيل تقسيط المديونية التي عليه، وحتى التجار والمسؤولين نتعامل معهم وفق ذلك ولكن معاملة خاصة للمواطن البسيط مع انه لا يستجيب كما أن الاستجابة من مشتركينا من رجال الأعمال وأصحاب الشركات التجارية لاتصل حتى إلى 5 % بمعنى أن ما يصل من إيرادات لا يغطي حتى النفقات التشغيلية للمنطقة، والمنطقة الأولى لوحدها كانت تصل الإيرادات فيها شهرياً مابين 50 إلى 60 مليون ريال، الآن لا تصل إلى 10 أو 12 مليون ريال في الوقت الحالي، وهذا في الظروف المتحسنة وأحياناً لاتصل إلى 5 ملايين مع أن قيمة المبيعات تصل إلى 70 مليون ريال في إطار المنطقة الأولى فقط التي فيها ما يقارب 120 موظفاً من الكوادر الفنية والإدارية وفي جوابه حول إمكانية تخفيض 50 % من مديونية المواطنين لمؤسسة المياه.
يقول المدير الفني بالمنطقة الأولى: هذا الشيء وارد لكننا لا نستطيع أن نعفي ولا يحق لنا قانوناً، نستطيع أن نسميها صرف مساعدة لصالح الفاتورة تصل إلى 20 % للمتجاوب معنا والذي يقوم بتسديد المديونية التي عليه، والحد المسموح لنا للتخفيض هو من 10 الى 20 % ويجب أن يعرف الجميع أن مبلغ الاشتراك للوحدة الواحدة من المياه التي نقوم بتوفيرها للمواطن قيمته تعادل ثلاث وايتات من وايتات الديهاتسو التي يشتريها المواطن، ونحن لا نقول أن المواطن ملزم بدفع المديونية التي عليه كاملة ويدفع باستطاعته مثل الاشتراك الشهري وبجانبه أي مبلغ من المديونية السابقة التي هي عليه، وبمفهوم آخر يعني لو يشتري المواطن وايتين ماء في الشهر بملغ 6 آلاف ريال ولو تجاوب معنا المواطنين وسوف نستطيع أن نوفر لهم المياه يوماً في الأسبوع.
وحول ما ذكره بعض المواطنون الساكنين بمنطقة غول البلس في نقم حول تأخر توصيل المجاري لهم يقول وهاس: إن 90 % من المديريات والحارات التي تختص بها المنطقة الأولى تم توصيل شبكة المجاري والصرف الصحي فيها ومنطقة غول البلس استثنائية وسيتم الانتهاء من توصيل المجاري فيها حال استقرار الوضع الاقتصادي كونها حارات ضيقة وتحتاج لإمكانيات فنية .
Next Post