بن أندرسون
– صموئيل اوكفورد – بيتر سالزبوري
انطلقت مجموعة من طاقم تصوير الفايس من مدينة صنعاء القديمة في العاصمة اليمنية , إلى فندق بالقرب من ميدان التحرير كانت السماء مشرقة مع وهج القمر, لكن كان هناك ضوء آخر, كانت الحرب مستعرة في اليمن وأدت إلى تدمير الكهرباء, وكان تزويد المولدات بالوقود ضئيل وعلى قدر من الحرص الشديد.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين , تعودنا على الأصوات التي تصدرها طائرات التحالف بقيادة السعودية والتي تحلق فوق رؤوسنا, فيما تقوم مضادات الدفاع الجوي بالتصدي لهذه الطائرات والتي تقوم بإطلاق الصواريخ على ما يزعم التحالف عنها “أن هذه الصواريخ تقوم باستهداف أهداف عسكرية حيوية”.
كنا نعتقد أننا في مأمن وبعيدين كل البعد عن مناطق الاستهداف, إلا انه وبدون أي تحذير, تم قصف المنطقة التي لا تبعد عنا حوالي 200متر وكان صوت الانفجار قويا يصم الأذان. لذا هرعنا إلى رواق الفندق تبعه انفجار أخر محدثا أضراراً في النوافذ. لقد استمرت الانفجارات العنيفة لنصف ساعة أخرى.
في مكان آخر في اليمن, ترى تحت الطريق خنادق بالغة الصغر تحتقن فيها المياه وقد استهدفت بضربات عنيفة وعشوائية, وبالتالي عرفنا من خلال هذه الخنادق إلى إي حد السلاح المستخدم من قبل التحالف يقوم بضرب أهداف مدنية . لكن نتساءل بدهشة ما الهدف الثمين الذي قامت باستهدافه هنا هذه الصواريخ؟
لقد اكتشفنا ذلك في اليوم التالي. لقد كانت مقبرة:
لقد قامت المملكة السعودية في العام الماضي بشن حرب على أفقر بلد على مستوى العالم العربي ، وقد قال في وقت سابق من هذا الشهر مسؤول رفيع في الإغاثة التابعة للأمم المتحدة أن الضربات والقنابل العشوائية التي تستهدف مناطق مدنية ـ والتي أدت إلى قتل وتشويه الآلاف وكذا أدت إلى نزوح ملايين من السكان ـــ “تنتهك القواعد الأساسية للقانون الإنساني الدولي.”
وأعلنت لجنة برلمانية بريطانية عن نيتها فتح تحقيق في الادعاءات التي تقول أن السلاح البريطاني الذي يباع من قبل شركات بريطانية للسعودية ـ والذي يقدر بـ 4.2بليون دولار ــ يستخدم لارتكاب جرائم حرب في اليمن. وجاء هذا الإعلان عقب رسالة قامت بإرسالها لجنة برلمانية مستقلة في المملكة المتحدة إلى الحكومة تطالبها بالتوقف عن بيع السلاح للمملكة السعودية, ودعت إلى إجراء تحقيق مستقلا يوضح سلوك المملكة أثناء الحرب على اليمن.
تورط بريطاني أمريكي في جرائم الحرب:
واعتماداً على ما تتمتع به المملكة من الترسانة المهولة التي دأبت في تشييدها على مدار العقود الأخيرة, فيما تشير أبحاث الكونجرس الأمريكي أن المملكة أنفقت ما يزيد عن 100مليار دولار على الأسلحة الأمريكية منذ عام 2010م.
كما تعد المملكة المتحدة موردا رئيسيا, فبدون المبيعات الهائلة ( والتي يزعم أنها غير صالحة) من الأسلحة البريطانية للمملكة السعودية, لقد كانت صناعة الأسلحة البريطانية غير قادرة على الصمود. والآن السعودية تمتلك الكثير من الطائرات البريطانية في سلاحها الجوي أكثر مما تمتلكه المملكة المتحدة نفسها.
قصف حفلة زفاف وأكواخ مصنوعة من القش :
ففي قرية وهجة وهي عبارة عن مجموعة من الأكواخ المصنوعة من القش تقع على الساحل الجنوبي الغربي من اليمن. في 28سبتمبر العام الماضي قام القرويون بالاستعداد لإقامة عرس لرجل من القرية يدعى مرسال محمد علي سيتزوج بامرأة من القرية المجاورة.
وكما هي التقاليد في اليمن يتجمع الرجال والنساء في أماكن منفصلة كلا منها عن الأخر بحوالي 100 قدم. وكان طيران التحالف يحلق فوق القرية, لكن سكان القرية لم يلقوا لهذا التحليق بالاً فالطائرات تحلق فوق القرية بشكل مستمر منذ أن بدأت الحرب.
وبعدئذ قصفت الأكواخ بغارتين تفصل الغارة الأولى عن الثانية دقيقة واحدة. وبعد الحديث إلى القرويين الذي أجرته الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان, قدر عدد الضحايا بحوالي 60 قتيلاً نتيجة الغارتين, في حين أشارات تقارير محلية مبالغ فيها بأن الضحايا نتيجة هاتين الغارتين كانت ضعف هذا العدد.
لقد سمعنا عن هذه الغارة بعد دقائق قليلة من حدوثها. وفي اليوم التالي غادرنا صنعاء متجهين إلى قرية وهجة وهناك تحدثنا إلى القرويين الذين اخبرونا أنهم استطاعوا العثور على بقايا فقط من أعضاء الموتى. أما الجلد والعضلات فقد تناثرت على أغصان الأشجار. وحينها التقطت امرأة بعض البقايا ولوحت بها لنا.
وصرخت” لقد قتل الجميع!” ” طفلي, أختي, وكل أسرتي!”
قال أهل القرية لا يوجد مقاتلين في القرية, ولم يأت أحد إلى هنا قبل العرس. ولم تصل إلى هنا أي إمدادات عسكرية. ويتساءلون: لماذا حصل هذه؟ لقد نجى العريس و العروس من الهجوم, لكن الاحتفال الذي أقيم لهما قد أصبح اثراً بعد عين. وهذا هو الحال مع كل الشباب الذين هم في طريقهم إلى تأسيس حياتهم الزوجية يتم إنهاء فرحتهم بواسطة الهجمات المستمرة.
إلغاء قرار تشكيل لجنة دولية سهل ارتكاب المزيد من الجرائم:
على الرغم من الاحتجاجات التي يقومون بها لإثبات البراءة, إلا أن السعودية قد قامت مرارا بمنع أجراء تحقيق مستقلا على المزاعم التي تتهمهم بارتكاب جرائم حرب في اليمن. ففي شهر سبتمبر 2015, قام المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد رعد الحسين بمناشدة الدول الأعضاء بالقيام بتحقيق دولي مستقل لانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة التي تقوم بها في اليمن.
وتلقت هولندا دعوته, وتعمم مشروع القرار في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف إلى أنشاء هيئة تحقيق جديدة في اليمن. وقد لاقى الاقتراح دعما من بعثات الأمم المتحدة الأخرى, إلا انه مؤخراً أنشئت حملة منسقة معارضة لهذا القرار هذه الحملة بقيادة المملكة السعودية وحلفائها الخليجيين.
وقد كشفت تفاصيل عن مسؤولين وموظفين في حقوق الإنسان في جنيف كيف تم تراجع هولندا عن القرار إثناء مباحثات مع السعوديين عقبها تم إلغاء القرار. وقد استبدل, كما اخبرنا, بالنص السعودي الذي يقول إن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مخول فقط لتقديم المساعدة التقنية للجنة التحقيق الموجودة وهي ما تسمى “الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض” , ولمراقبة الوضع على الأرض ورفع تقرير إلى مجلس الأمن.
لقد أنشئت “اللجنة اليمنية” في شهر سبتمبر عام 2015, ولم تعلن بدا التحقيقات رسميا إلى الآن, على الرغم من قيامها بزيارة إلى الرياض للاطلاع على مركز التحكم والقيادة الذي يتم فيه التخطيط للعمليات العسكرية الجوية للتحالف.
وقال الباحث في حقوق الإنسان والذي تحدث إلى أشخاص مقربين جدا من الرقابة على تطور اللجنة ونبه اليمنيين مرارا بشأن هذه المسألة. ” استطيع القول إن اللجنة إلى الآن لم تقم بعمل حقيقي ,” وقد توقع مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد الحسين, أن يوجه إلى اللجنة انتقاد حاد فيما يتعلق بمدى التطور الذي قامت به اللجنة وذلك أثناء حوار 10مارس ألا انه قال عوضا عن ذلك انه يتوقع أن يتم مناقشة عمل اللجنة في شهر يونيو.
عدد كبير من الدبلوماسيين والمسؤولين في الأمم المتحدة والذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم لكي يتحدثوا بصراحة اخبروا الفايس نيوز أن هناك معارضة قوية من الرياض لأي قرار جديد في ما يخص اليمن حتى عن علاقات غير مباشرة بأخطاء محتملة.
– موقع: الفايس نيوز الأمريكي
ترجمة: أنيسة معيض
قد يعجبك ايضا