بنيامين بارت – ناتالي جيبار*
عام على القصف خلف الآلاف من القتلى من أجل ماذا؟ من أجل لا شيء الساعات الأولى من فجر السادس والعشرين من مارس أعلنت المملكة السعودية عن التدخل العسكري في اليمن فهذا التاريخ كان بمثابة الإعلان عن الوقوع في شرك المأزق المأساوي.
وعلى الرغم من جاهزية القوات المسلحة السعودية والتي عززت التدخل العسكري في اليمن بعشرات الآلاف من الطلعات الجوية إلا أن التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية لم يحقق أهدافه
المعلنة في هذه الحرب وبالنسبة للقيادة السعودية الجديدة ولاسيما ذاك العنجهي المتهور الأمير محمد بن سلمان ابن ملك المملكة والذي يشغل منصب وزير الدفاع, فإن قرار التدخل العسكري في اليمن أصبح بمثابة منهج للسياسة الخارجية والتي تعتبر سياسة هجومية عدوانية فاشلة.
أدى الإخفاق الذي منيت به القوات الجوية التابعة لسلاح الجو السعودي إلى تسليط الضوء على عدم فعالية هذه القوات, في الوقت الذي كانت فيه هذه القوات بمثابة عمود الارتكاز الذي تستند عليه قوى التحالف العربي, فسجل الطلعات الجوية للطيران السعودي حافل بعمليات التصويب الخاطئة فهذه الأخطاء اعتبرت بمثابة أخطاء مدمرة. الجمود وإراقة الدماء تسببت الفوضى السائدة في اليمن إلى خلق بيئة مواتية للجماعات الجهادية المتعددة في الجهة الجنوبية لليمن والتي قامت بدورها بشن هجمات عدة.
هذه النقطة بمثابة معضلة تضع الرياض في مأزق حرج هجماتها التي ولدت المآسي الإنسانية وإراقة الدماء بشكل متكرر بين السكان.
ووفقا لهيئة الأمم المتحدة فان الهجمات التي يشنها التحالف هي المسئول الأول عن وفاة ما يقرب من 60 %من إجمالي الضحايا، حيث أن جلهم من المدنيين فقد قتل … من المدنيين منذ العام الماضي.
إن الأخطاء التي يرتكبها التحالف السعودي في حربه على اليمن ليست منا ببعيد ففي منتصف مارس الماضي ارتكب الطيران السعودي مجزرة في سوق الخميس الشعبي في مديرية مستبأ بمحافظة
حجة حيث أسفر عن سقوط 119 مدنياً اعزلاً.
استهدف طيران التحالف المئات من منازل المواطنين والعشرات من المدارس والمصانع والمستشفيات بالإضافة إلى ثلاثة مراكز طبية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود. فرض التحالف على اليمن حصاراً بحرياً بالإضافة إلى صعوبة التنقل داخل البلد فكل هذه العوامل أدت إلى الحد من عمليات توزيع المساعدات الغذائية، فهذا الوضع المتردي أدى إلى وقوع 10 محافظات يمنية من أصل 22 محافظة في شرك المجاعة وفقا للتقارير الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة.
أشار أحد الدبلوماسيين الغربيين إلى أن الحرب على اليمن تعتبر حرباً عبثية, فاليمن يعيش في الأصل في وضع مزر للغاية حيث انه يواجه صعوبات جمة فهو من أفقر دول العالم, ويعيش كارثة إنسانية حقيقية فهذه الفوضى شعور رهيب لا يمكن تحمله.
طيارون غير محترفين للقتال
أشار الجيش الأمريكي ومصادر دبلوماسية أخرى إلى أن سبب هذه الإخفاقات التي منيت بها القوات الجوية التابعة لقوى التحالف السعودي يعود إلى عدم الدقة في تصويب الهدف, وهذا يرجع إلى أن الطائرات السعودية تطير على ارتفاعات عالية جدا فهي ترى في هذا الإجراء أنه إجراء تكتيكي لتجنب أي هجمات صاروخية محتملة وذلك بحسب دراسة استقصائية أجرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مؤخرا.
وفي نفس الاتجاه أشارت بلقيس ويلي الباحثة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن هذه المبررات لا تسوغ لهذه الأطروحة.
فالولايات المتحدة الامريكية تبدو وكأنها تبحث عن مبررات للجانب السعودي الذي يفتقر إلى الناحية العملية منذ البداية فالطيران السعودي بإمكانه تصويب الهدف كهدم جسر على بعد بضعة أمتار فقط.
وفي نفس الصدد, و لكن من جانب آخر فقد عملت صحيفة لوموند الفرنسية على جمع المعلومات المتعلقة بهذا الشأن من مصادر موثوقة ومؤكدة, أكدت من خلالها الفكرة السائدة والتي مفادها افتقار الطيارين السعوديين إلى الاحتراف, كما يجب الأخذ بعين الاعتبار شحة المعلومات الموثوق بها والمتاحة أمام القيادة العسكرية في المملكة السعودية.
لم تتمكن المملكة السعودية من نشر قوات برية على التراب اليمني في حين اوكلت هذه المهمة لدولة الإمارات والتي تعتبر المساهم الثاني في هذا التحالف فقد تلقت القوات التابعة لدولة الامارات ضربات موجعة في شهر سبتمبر المنصرم حيث حصدت أرواح أربعين مقاتلاً من قواتها البرية في عملية عسكرية للقوات اليمنية على معسكر تابع لها في محافظة مأرب الواقعة في الجهة الشرقية لليمن, بالإضافة إلى هجوم صاروخي آخر في منتصف شهر ديسمبر المنصرم على منطقة باب المندب في الجنوب الغربي لليمن راح ضحيته العشرات من قوات التحالف كان قائد القوات الخاصة التابعة للمملكة السعودية على راس قائمة الضحايا.
انتقادات حول التدخل العسكري
أدى القرار الذي تبناه مجلس الامن الدولي – الذي صُوت عليه في شهر أبريل من العام 2015 و الذي عرف بالقرار 2216 – إلى تعقيد الوضع في اليمن أكثر مما هو عليه حيث اعتبر هذا القرار أنه بمثابة حماية دبلوماسية لقرار التدخل العسكري الذي شنته المملكة السعودية على اليمن.
تعمل هيئة الامم المتحدة على دراسة النص الجديد الذي يؤكد على ضرورة العمل على زيادة المساعدات الإنسانية المقدمة بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة أهمية حماية المستشفيات والمرافق الصحية.
تسعى المنظمات غير الحكومية في الولايات المتحدة الامريكية وفي القارة الأوربية إلى فرض حظر على بيع و توريد الأسلحة إلى المملكة السعودية حيث ذاع صدى هذه الدعوات بشكل كبير.
أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة إلى أن الهيئة كانت بصدد رؤية ما إذا كانت دول التحالف العربي قد ارتكبت جرائم حرب في حربها ضد اليمن و ذلك في إشارة منه إلى المجزرة التي ارتكبها طيران التحالف العربي في سوق الخميس الشعبي في مديرية مستبأ بمحافظة حجة.
وردا على هذه المأساة قال المتحدث باسم قوى التحالف تحت قيادة المملكة السعودية الجنرال أحمد عسيري أن العمليات العسكرية في اليمن شارفت على الانتهاء.
ولد هذا التصريح الكثير من الآمال في بداية الأمر حيث كان الهدف الأول من وراء هذا التصريح هو تهدئة الوضع وخصوصا منذ 23 مارس موعد زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي أعلن أنه قد حصل على موافقة الأطراف المتناحرة لوقف إطلاق النار والذي سيدخل حيز التنفيذ في العاشر من هذا الشهر بالإضافة إلى إعلان استئناف المفاوضات في الثامن عشر من ابريل الجاري.
إن الوضع القائم في اليمن لا يدعو إلى التفاؤل في الوقت الذي ترسم فيه الحكومة السعودية البسمة على وجهها بمناسبة مرور عام على بدء الحرب على اليمن.
فخلال الأسبوعين الماضيين لم تتوقف الغارات الجوية على العاصمة صنعاء, و حتى الآن لم يبد أحد الطرفين استعداده لتقديم التنازلات اللازمة لإرساء الاستقرار في البلد.
* لوموند الفرنسية