هبة النيل للصحراء
عبدالمجيد التركي
كان المصريون القدامى يلقون بأجمل الشابات إلى النيل كل عام، كقرابين، ليبقى الماء وفيراً.. لكنهم الآن يُلقون بالجُزر والشهادات والأوسمة والكرامة والجيوش كقرابين لملك الصحراء سلمان بن
عبدالعزيز.
في اليوم الأول من وصوله مصر قلَّدوا سلمان بن عبدالعزيز أعلى وسام في الدولة، وفي اليوم الثاني منحوه شهادة دكتوراه فخرية من جامعة القاهرة، مع أنه يجب منع الشهادات الفخرية احتراماً
لمسيرة العلماء وجهودهم، وفي اليوم الثالث منحوه جزيرتين بلمح البصر، وتم التوقيع على هذه المنحة بين شخصين، دون الرجوع إلى مجلس النواب، ودون استشارة أحد.
الجزيرتان مذكورتان، في كتاب الجغرافيا للصف السادس الابتدائي بمصر، أنهما جزيرتان مصريتان، وفي كتاب تاريخ سيناء الذي تم تأليفه قبل وجود شيء اسمه السعودية يذكُر أن الجزيرتين مصريتان.. وهذا ما سبَّب صدمةً في الشارع المصري حين سمعوا بعد توقيع الاتفاق أن الجزيرتين للسعودية وأنها قامت بتأجيرهما لمصر أيام العدوان الثلاثي نكاية بإسرائيل، والآن عادت الجزيرتان، وهذا كلُّ ما في الأمر.. وتناسوا الجنود الذين ضحوا بأرواحهم لأجل هذا أيام العدوان الثلاثي. المصريون بطبعهم شعب يجيد صناعة النكتة، ويحوِّلون الألم إلى ابتسامة وضحكة ساخرة، لأن السخرية لا تأتي إلا من الألم، ولذلك تجد الكُتاب الساخرين يعيشون ألماً متواصلاً، لأنهم يتألمون نيابة عن العالم.. ولأن شعب مصر يجيد النكتة فقد أطلقوا هاشتاق في تويتر بعنوان: عوَّاد باع أرضه..
فمنهم من كتب تحذيراً للأهرامات بالاختباء تحت الأرض كي لا يبيعها السيسي، ومنهم من يحسد سكان الجزيرتين الذين سينامون وهم مصريون ويستيقظون وهم سعوديون.. والبعض قالوا أن السيسي أكَّد أن المعلومات التي في كتاب الجغرافيا هي غلطة مطبعية.