انحطاط الضمير الغائب ..!!
عبدا لله الصعفاني
ما الذي بقي من الحزبية والأحزاب في زمن العدوان وموسم البيع والشراء الفوري والآجل؟ للسؤال صدمته وللإجابة وجعها .. ولليمنيين رب اسمه الكريم . وعبارة البيع والشراء تأخذك بعيداً حيث الشقيق في أكثر من بلد يبيع في دمك عابراً في مواقفه البحر والنهر والصحراء على نحو “وكم ذا بمصر من المضحكات” .. غير أن أهل البيت يبقون أحق باللبن .. لبن السؤال .. ماذا بقي من الحزبية والأحزاب وماذا بقي من رجالها .. رجال اليسار ورجال اليمين .. رجال بلاد العرب أوطاني ورجال
الإسلام هو الحل؟
بلاش السؤال عن ماذا بقي من الحزبية والأحزاب .. لنباشر ونسأل ماذا بقي من مواقف فكرية وخطوط نضالية بعد أن بيعت المشاريع ؟ فمثلاً لقد بيع القومي الناصري الذي قام صلبه على مناهضة الرجعية بأثمان التذكير بها من قبيل طحن الطحين كما بيع المشروع الأممي الاشتراكي المناهض لما كانوا يسمونه الامبريالية بطريقة الخوض فيها يدخلك في القول ”
توضيح الواضحات من الفاضحات ” .
وغير خاف ما انتجه مشروع الإسلام هو الحل من منتجات تحولت فيه السماء إلى مصدر للقتل والتدمير على الذي يشرحه واقع الحال ، تماماً كما هو حال آخر وليس أخير منتج إعدام العشرات في أبين في تذكير بجرائم مماثلة صادرة عن ذات المنتج . لا مواقف فكرية تدحض قول الراحل عبدالرحمن الإرياني ” الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة ” وإنما
متواليات من بيع الخطوط الوطنية والقومية والأممية بمجرد ظهور أول مزادات الشراء حيث أصيب من بقي من المواطنين العرب الأحياء بصدمات عنيفة في إيمانهم بحرية الأوطان وبالقومية العربية ووحدة الأمة وبالعدالة الاجتماعية والإنسانية .
في اليمن المنكوب بالكثير الكثير من نخبه المتعلمة نشاهد كيف تجاوز هؤلاء رؤوس العدوان أنفسهم وهم يبررون ويحرضون ثم يدفعون أبناء الوطن الواحد إلى
الاقتتال وإذكاء النعرات الطائفية والمناطقية وزرع الفرقة والاختلاف والشقاق لتتطاول الأسئلة بارتفاع جبل النبي شعيب ، كيف للوطني أن يبيع وطنه بالتجزئة والجملة ويبارك قتل الآلاف من الأبرياء وتشريد مئات الآلاف ويهدم مقدرات تتجاوز أكثر من نصف قرن من الإعمار لتنال من الموروث التاريخي والأثري نفسه .
لقد دارت عجلة أيام اليمنيين بالتناقضات الماحقة للفكر الذي انحدر أكثر فأكثر بتداعيات الربيع المزعوم حتى صار إشعال النيران هو الأصل والانشغال بإخمادها هو الضمير الغائب وإن حضر فمن باب ذر الرماد على العيون والكيد وسط أزمة عدم التعلم من دروس التاريخ وعدم القراءة العميقة لما بين سطوره . ما الذي بقي من الفكر ؟ بل ما الذي بقي من ضمير ومن إنسانية مع هذا التخلي عن قيم المروءة والنبل والشهامة وحب الوطن، وقبل وبعد ذلك الخوف من الله .. ولولا بقايا مخلصين وجباه ساجدين وأنين مظلومين
ودعاء ثكالى ومكلومين لما شاهدنا شعباً يمنياً يحاول على الدوام القفز فوق التحريض وفوق التقاتل المجتمعي ويسأل من الله الثبات والعزيمة على الرشد رغم المعاناة والأوجاع .
وعوداً على بدء .. تلوث فكري وسياسي أصاب عقولاً تصدرت صفوف الحزبية والجهوية، كررت وما تزال تكرر التفريط بسجلات نضالية كانت قواعد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تحسبها نظيفة .. نقية فإذا نحن أمام مشاهد من الاسترزاق والبيع وسط تحولات دراماتيكية للمواقف الوطنية والسياسية يتصدرها أوادم لكل المراحل والمراجل . وإذا لم يكن هذا هو الانحطاط فما هو الانحطاط؟!