تقاطيع
محمد المساح
في فصل الشتاء تعودت أن أنام في ركن مخبزة، أكور نفسي كالقنذ ألصق ظهري إلى جدار الفرن الساخن.
حين أفيق في الليل لأغير وضعي أو لأبول, أجد فوقي قططاً تنام، أحياناً استعذب شخيرها الخفيف الذي يشبه هدير معمل بعيد, أستلذ أيضاً كل صوت حزين، يصلني من بعيد أو همساً عن قرب.
بعض الأغاني التي أسمعها من المقاهي البعيدة كانت حزينة ورائعة سمهان، أم كلثوم، عبدالوهاب وفريد الأطرش, هؤلاء كانوا المفضلين عندي من العالم العربي.
“محمد شكري ـ الخبز الحافي”
قصدتهم في موعد العشاء, تطلعوا إلى برهة ولم يرد واحد منهم تحية المساء وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة في طبق الحساء نظرت في الوعاء هتفت “ويحكم دمي” فأنتبهوا لم يأبهوا.
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة وظلت الشفاه تلعق الدماء.
“أمل دنقل”
أخيراً سأختار لي كتباً وأقول هي الأصدقاء وطناً أقسمه بخطاي ـ كما أشتهي ـ وطناً ركن خان.. سماء سأرسم نافذة في الجدار وسرب طيور تحط على غصن قلبي تشاغلني بالغناء أخبئ في شرشفي حلماً للمساء أتوهمه امرأة لا تخون.
هكذا أنتقي عزلتي.. وسأعتادها غير أني إذ أشتقت للآخرين سأجلس قلبي إلى الطاولة وأحصي له الطعنات.
ضعه فوق السندان وأطرقه بلا رحمة أطرقه.. أطرقه، أطرقه بشدة أطرقه يا حداد أطرقه.. كي يتمدد.. هذا القلب ويصبح جسراً يوصلني للنسيان.
يا زارع الجنة إزرع لنا ريحان ففي غد.. ستنجلي المحنة وتذهب الأحزان.
“الشاعر العراقي ـ يوسف الصائغ”.