بقلم: نيك كـُمينغ-بروس جنيف (صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ترجمة خالد النظاري)
صراع بات له عام كامل قد يتسبب بكارثة إنسانية في اليمن، الذي يعتبر من أفقر دول العالم، حسبما أفادت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي مشيرةً إلى أن “الأطفال هم الذين يدفعون الثمن الأكبر.” ولقد قال اليونيسيف (صندوق الأمم المتحدة للطفولة) في تقرير صادر عنه إن آثار الصراع وتدهور الأوضاع الإنسانية قد ظلت تقود اليمن “إلى نقطة الانهيار”، مضيفا أن البلد يواجه خطر التحول إلى دولة فاشلة. وقال اليونيسيف إن ستة أطفال على الأقل يقتلوا أو يشوهوا كل يوم في القتال طيلة العام الماضي، مسميا ذلك “غيض من فيض” لأن هذا العدد لا يمثل سوى الحالات التي تم التحقق منها.
وقالت المنظمة إن الرقم في أغالب الظن أعلى من ذلك بكثير. على مدى العام الماضي، سعت قوات التحالف التي تقودها السعودية إلى إعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي تم إخراجها إلى المنفى بالقوة من قبل المتمردين الحوثيين وحلفائهم.
وقد تمكن السيد هادي من الوصول إلى مدينة عدن الجنوبية في سبتمبر، لكن الخطوط الأمامية بالكاد تغيرت منذ ذلك الحين، على الرغم من الحملة المكلفة التي تميزت بضربات جوية مكثفة تقودها السعودية. لقد صدر تقرير منظمة اليونيسيف في وقت تتهيأ الحكومة المدعومة من السعودية والمتمردون الحوثيون لوقف الأعمال العدائية المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف الليل بتاريخ 10 أبريل، ومن ثم إجراء جولة من محادثات السلام، وهي الثانية خلال هذا العام، والمقرر أن تبدأ في الكويت بعد ثمانية أيام من بدء الهدنة. وكإجراء يهدف لبناء الثقة في الأعمال التحضيرية لوقف إطلاق النار، أعلنت المملكة العربية السعودية يوم الاسبوع الماضي أنها أطلقت سراح 109 سجين يمني مقابل استلام تسعة أسرى سعوديين.
وأشار مسؤولون عسكريون سعوديون إلى خفض وتيرة القتال هذا الشهر على طول الحدود مع اليمن، لكن ممثل اليونيسف في اليمن، جوليان هارنيس، قال إن القتال في الأيام الأخيرة كان حامي الوطيس حول مدينة تعز التي تشهد تنافس ضار للاستيلاء عليها وإن القصف الجوي الثقيل استمر في شمال البلد. وقالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي إن أكثر من 6200 شخص لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 30 ألف آخرين في العام الماضي.
وذكرت اليونيسيف أن 934 طفلا على الأقل قتلوا في الصراع، 61 بالمائة منهم في غارات جوية، وأن 1,356 آخرين أصيبوا بجراح. “إن الأطفال هم الذين يدفعون الثمن الأكبر لنزاع ليس من صنعهم”، حسب قول السيد هارنيس في بيان. وقد أضاف قائلاً إن: “الأطفال ليسوا آمنين في أي مكان في مختلف أرجاء اليمن.” وقالت اليونيسيف إنها تحققت من 51 هجمة على مدارس في العام الماضي، وفي تصريحات عبر الهاتف من العاصمة صنعاء، قال السيد هارنيس إن المنظمة لاحظت أيضا “ارتفاع هائل” في تجنيد الأطفال، بعضهم لا يتجاوز أعمارهم 10 سنوات، من قبل الجماعات المسلحة لا سيما الحوثيين.
وقال السيد هارنيس إن المدنيين، بالإضافة إلى الضربات الجوية، يجب عليهم التعاطي مع المخاطر التي تشكلها القنابل التي لم تنفجر والذخائر العنقودية التي ألقتها قوات التحالف بقيادة السعودية، وكذا مع الألغام التي زرعتها قوات الحوثيين أثناء انسحابها.
وأضاف أن العواقب غير المباشرة للقتال كانت تأخذ حصيلة أكبر، أبرزها بين صفوف الأطفال، مشيراً إلى الدمار الواسع الذي شهدته البنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمراكز الصحية والكهرباء وإمدادات المياه. وقالت اليونيسيف قبل النزاع، كان يتوفى سنوياً حوالي 40 ألف طفل دون سن الخامسة بسبب أمراض كان يمكن الوقاية منها.
لكن المنظمة تقدر الآن أن العدد زاد بنحو 10 ألف طفل وقع في براثن المرض في العام الماضي بسبب عدم الحصول على المياه النظيفة والرعاية الصحية. “إن هذه لكارثة بالنسبة لي”، هكذا قال السيد هارنيس، مضيفاً “لن يكن هؤلاء الأطفال ليقتلوا لو لم تكن هنالك حرب.” لقد تم إغلاق حوالي 600 مركزا صحيا وتعرض 63 لهجمات، حسبما ذكرت اليونيسيف، مضيفةً أن مستوى تعرُض الأطفال للمرض قد ازداد نتيجة لوجود ارتفاع حاد في عدد الذين يعانون من سوء التغذية الحاد. وعلى الرغم من الصراع، إلا أن الوكالات التابعة للأمم المتحدة ظلت قادرة على إيصال المساعدات إلى معظم أنحاء البلد إذ قامت بتطعيم أكثر من أربعة ملايين طفل ضد شلل الأطفال ومليون وثمانمائة ألف ضد الحصبة، لكنها بالكاد تمكنت من التعاطي مع الاحتياجات الأكثر إلحاحا فقط.
وذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 80 بالمائة من سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليون نسمة يحتاجون شكلا من أشكال المساعدات الإنسانية، علماً أن 19 مليون لا يحصلون على المياه و14 مليون بحاجة ماسة للرعاية الصحية. ولقد قال السيد هارنيس إن اليونيسيف طلبت دعمها بمبلغ 180 مليون دولار من أجل تمويل برامجها في اليمن في عام 2016، لكنها حتى الآن لم تتلق سوى 18بالمائة من هذا المبلغ.
سبأ