بقلم: دانيال لاريسون
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، قامت صحيفة وول ستريت جورنال، بمنح السفير السعودي منبرا لتكرار الدعاية الإعلامية لحكومته.
حيث كرر السفير كل الأكاذيب المعتادة وأنصاف الحقائق التي قالها السعوديون وحلفاؤهم على مدار العام الماضي. لم يؤدِ التدخل في اليمن إلى “استعادة الاستقرار” على الإطلاق، بل إنه تسبب في عكس ذلك تماما من خلال تصعيد وتدويل الصراع اليمني الداخلي. كما أن دور إيران في الصراع ظل بسيطا على الدوام، تأطير الحرب التي تقودها السعودية على أنها معركة ضد توسع النفوذ الإيراني يعتبر تشويها متعمدا لحقيقة التدخل من جانب السعوديين وحلفائهم، وقد نجح هذا التأطير المشوه في جعل العديد من الحكومات الغربية ترى بأن القصف بقيادة السعودية وغزو البلد يأتي كرد فعل مبرر، بدلا من اعتباره عملا عدائيا وغير ضروري كما هي حقيقته.
كما ذكر السفير السعودي أيضا تنامي قوة تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، لكنه حرّف الأسباب وراء قدرتها على التجنيد والتوسع. ففي حين ركز السعوديون وحلفاوهم على قصف اليمن، إلا أنهم تجاهلوا القاعدة في جزيرة العرب وسمحوا لها بالاستيلاء على مزيد من الأراضي في جنوب البلد. لقد أدت حملة “عاصفة الحزم” إلى تمكين الجماعات الإرهابية “القاعدة – داعش” مباشرة، وتفيد بعض التقارير من هناك بأن القاعدة في جزيرة العرب نسقت أحيانا مع قوات على الأرض مدعومة من التحالف السعودي. ومع تصاعد التوترات، قام السعوديون وحلفاؤهم بتأجيج المشاعر المعادية للشيعة، على الأقل منذ بدء الحرب.
بطبيعة الحال، لم يكن لدى السفير ما يقوله عن سقوط ضحايا من المدنيين خلال حملة القصف التي ينفذها التحالف، حيث قالت الأمم المتحدة في عدة مناسبات أن هذه الحملة هي المسؤولة عن معظم الضحايا المدنيين في الحرب.
وقد دفع نمط الهجمات التي قام بها التحالف على أهداف مدنية بعض منظمات حقوق الإنسان إلى القول بأن التحالف الذي تقوده السعودية قد يكون مذنبا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ولهذا، كان السفير كاذبا بشكل فاضح حين قال:
إن المملكة السعودية تعمل مع حلفائها لاتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين والطواقم الطبية والمنظمات الإنسانية والصحفيين في اليمن.
لا شيء من هذا الكلام صحيح. فقد قصف السعوديون وحلفاؤهم “مرارا وتكرارا” أهدافا مدنية في أماكن لا توجد فيها أهداف عسكرية مشروعة. بل إنهم أعلنوا -بشكل غير شرعي- أن محافظة صعدة بأكملها تعد هدفا عسكريا. ومنذ ذلك الحين، قصف التحالف المحافظة بشكل عشوائي مسببا آثارا مدمرة على السكان المدنيين هناك.
سيكون من الدقة أكثر أن نقول إن السعوديين وحلفاءهم لم يتخذوا أي احتياطات لحماية أي من المجموعات المذكورة في كلام السفير أعلاه، ومن المستحيل تفويت النتائج الرهيبة لهذا التهور.
كما أغفل السفير أيضا الإشارة إلى الأزمة الإنسانية الخطيرة الناجمة بشكل كبير عن الحصار الذي تفرضه قوات التحالف بقيادة السعودية على اليمن. عواقب ذلك الحصار شديدة وتزداد سوءا كلما طال أمد الحرب.
الدور الذي يقوم به التحالف في تجويع السكان المدنيين وحرمانهم من الضروريات الأساسية نتيجة الحصار، هو أحد أقل الجوانب التي حظيت بالتغطية والانتباه في الحرب، مع أن هذا الجانب هو السبب في الضرر الأكبر على الشعب اليمني.
وبالنظر إلى الأدلة القوية على جرائم الحرب التي ارتكبها السعوديون وحلفاؤهم في اليمن، فإني لم أتفاجأ من أن السفير السعودي لا يريد أن يعترف بما قامت به قوات التحالف. لكن المثير للاشمئزاز أن يتم إعطاؤه منصة بارزة في وسائل الإعلام الأميركية لتعزيز دعاية حكومته. جرت العادة أن تتجاهل وسائل الإعلام الأميركية الحرب، وهذا في حد ذاته أمر سيئ بما فيه الكفاية. ولكن الأسوأ من ذلك أنها حين تولي اهتماما لهذه الحرب فإن ذلك يكون فقط لإعطاء الحكومة السعودية فرصة لتكرار أكاذيبها.
لا يوجد جرم أكبر من إعطاء الحكومة السعودية منبرا لبث أكاذيبها إلا القرار المشين الذي اتخذته إدارة أوباما قبل عام بتوفير الوقود والأسلحة والمعلومات الاستخباراتية لمساعدة السعوديين وحلفائهم في حرب غير ضرورية ولا يمكن تبريرها. وعلى الرغم من وجود أدلة وافرة عن جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد قليل من الحكومات الغربية الأخرى واصلت تسليح التحالف ودعم جهوده. كان هناك العديد من الفرص منذ ذلك الحين لوقف دعم الولايات المتحدة للحرب، ولكن ذلك لم يحدث. وبدلا من ذلك، أشاد المسؤولون الأميركيون بالحكومات المشاركة في التحالف وتفاخروا بأن الولايات المتحدة تقف معهم. يستمر دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية على اليمن ليكون ذلك الدعم وصمة عار على بلادنا، وخصوصا على الرئيس الذي وافق على هذا الدعم وأجازه.
موقع أميركان كونزيرفيتيف الأميركي
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب