> رغم توقف معظم موارد الموازنة العامة
عندما صار الواقع بهذه السوداوية والقتامة وبهذا التعقيد، واجه اليمنيون التداعيات الناجمة عن الحرب من جهة وعن الحصار من جهة أخرى بذكاء أمكن به الصمود طوال عام كامل وهو ما لا تطيقه مجتمعات أخرى.
الاقتصاد اليمني كان مستهدفاً بقوة من قوى التحالف المعادي بقيادة السعودية، وآثار العدوان والحصار أضر بالاقتصاد اليمني كثيراً حيث تراجع نموه إلى 34 % سلباً، في مختلف القطاعات الزراعية والصناعة والكهرباء والنفط والغاز، حسب نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور مطهر العباسي، الذي أشار إلى أن معدل البطالة وصل إلى 60 % وارتفعت أسعار المواد الغذائية الى 35 بالمائة في ظل الحصار الجائر، إلا أن الداخل اليمني وهو يعيش تفاصيل الأزمة في حياته اليومية وفي الالتزام بواجباته كان من الطبيعي أن يتحرك في اتجاه حفظ الوضع في حد يقلل من تأثير هذا الذي يريدونه لليمنيين.
فتمكّن الاقتصاد اليمني من المقاومة من خلال عدد من الإجراءات التي ساهمت في تحصين العملة اليمنية من الانهيار في ظلّ غياب سوق مالية، وفي ظلّ تراجع الموارد العامة للبلد وهو ما راهنت عليه دول العدوان.
إلا أن القيمة الشرائية للريال ظلّت ثابتة رغم محاولات التلاعب بها.
يستورد اليمن أكثر من 90 % من احتياجاته الأساسية، لكن الحصار الاقتصادي تسبب في تراجع عملية الاستيراد، إلى 70 % خلال العدوان وساهم ذلك في الحفاظ على احتياطي النقدي البالغ 4،2 مليار دولار من التآكل.
كما ساهمت تحويلات المغتربين رغم المحاولات التي فرضت رقابة مشددة على تدفّق الأموال من اليمن وإليه، وكان لها دور بارز في تثبيت أسعار صرف العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية.
الصمود الذي بدا على الاقتصاد اليمني بالتناغم مع صمود اليمنيين برزت فيه تلك المعالجات التي تابعت دائما المؤشر الاقتصادي اليمن وبكل حذر وكانت عند كل استشعار بخطر يمكن ان يلحق به حد الانهيار الذي يمكن ان يصيب الشارع بالشلل والموات.. كان البنك المركزي اليمني الورقة الرابحة.
إذ اتخذ البنك جملة من الإجراءات التي دشّنها بعد ساعات من العدوان المفاجئ للحفاظ على ثبات سعر العملة الوطنية واستقرارها، ونجح من خلالها في وقف المضاربة بالريال أمام العملات الأجنبية في السوق غير النظامي، وزاد من ثقة المستثمرين والمودعين بالعملة.
فيما قام البنك المركزي بحظر التعامل بالعملات الصعبة في جميع المعاملات التجارية والخدمية الداخلية، وعزز المكانة السيادية للعملة اليمنية.
الأمر الذي لاقى انتقادات واستهجان إلا أنه سرعان ما تبين رجاحة القرار إذ تم اكتشاف محاولات لسحب العملات الصعبة والمضاربة بأسعار الدولار في السوق.
في هذا السياق أيضا كانت تردد الكثير من التصريحات والتناولات الإعلامية حول عدم قدرة اليمن صرف رواتب موظفيها ومن بين تلك التصريحات ما كان قد أفاد به جمال بنعمر المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى اليمن.
إذ أكد في احاطته لمجلس الأمن الدولي مهمته في اليمن في فبراير العام الماضي عن أن هناك احتمالا بانهيار قيمة الريال اليمني وأن تعجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين خلال الأشهر القادمة، وأن اليمن أمام مخاطر الانزلاق إلى الحرب الأهلية.. إلا أن محمد بن همام محافظ البنك المركزي اليمني أكد في وقتها أنه رغم الأوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها اليمن حاليا إلا أن الاستقرار الاقتصادي والنقدي ما يزالان تحت السيطرة.
نافيا صحة الإشاعات والأخبار التي يحاول البعض الترويج لها بشأن عدم قدرة الحكومة على سداد مرتبات موظفي الدولة بجهازيها المدني والعسكري، وهو ما تبين خلال العام الماضي 2015م إذ ظل الوفاء بدفع رواتب الموظفين قائما دون تأثر، اذ استمر صرف رواتب الموظفّين على امتداد اليمن.
عدم قدرة الحكومة اليمنية على دفع المرتبات كان اسطوانة مكرورة لحكومة باسندوة أواخر 2014م، حتى وزيرة الإعلام السابقة نادية السقاف كتبت مقالاً في صحيفة “الجمهورية، أواخر 2014م خلاصته نحن ع الحديدة “الرواتب بح”، ولا منقذ لنا سوى “الشقيقة الكبرى”.
أكثر من مليون موظف يمني يتقاضون مرتباتهم الشهرية في مختلف المحافظات اليمنية برغم العدوان والحصار وفي ظل توقف معظم موارد الموازنة العامة للدولة، في البلد الذي يعتمد في 70% من إيراداته المالية على عائدات النفط، وبرغم تراجع عائدات الإيرادات الضريبية والجمركية.