” آل سعود” والرهانات الخاسرة ..؟!!

طه العامري

قرار دول مجلس التعاون الخليجي ضد المقاومة العربية الإسلامية ممثلة بحزب الله اللبناني باعتباره ” منظمة إرهابية ” شكل بصدوره صدمة لكثير من الجماهير العربية التي كانت تعشم نفسها بأن دول مجلس التعاون الخليجي سيكون لها موقف متميز من القضايا العربية , وأن هذه الدول لن تذهب طواعية خلف ” المشروع والدور السعودي ” الموغل في السير على طريق المغامرة غير آبه بما يترتب على مثل هذا السلوك من تداعيات مؤلمة تتجسد بصورة ” حراب مسمومة ” تنغرز في الجسد العربي بذرائع وتبريرات واهية تسوقها ” الرياض ” ومرتزقتها وإعلامها المأجور بصورة جد مقززة حد الوقاحة السافرة التي تفقد النظام ” الوهابي ” في نجد والحجاز كل مبررات وجوده ناهيكم عن مشاريعه الوهمية في المنطقة التي يسعى جراء كل هذا السلوك إلى تحقيقها وأبرزها تغطية “الفراغ السياسي ” في الإقليم وهو الدور الذي لم تعد ” الرياض ” مؤهلة له ولا قادرة على القيام به والحال كذلك ينطبق على حليفتها ” تركيا ” التي أفقدها ” أردوغان ” كل إمكانية الحاضر والقادم الحضاري وأخرجها من كل الأدوار التي كان لتركيا أمل في القيام بها في المنطقة لتبقى ” دمشق ” وحلفائها هم صناع الفعل العربي الراهن والقادم وهو الدور الذي سيشكل صداً أمام حسابات ومشاريع الكيان ” الصهيوني ” الذي يدرك أن نهاية الحرب في سورية وخفوت مدافع الإرهابيين يمثل صدمة لهذا الكيان الذي لم يخسر رهانه في تفكيك وإسقاط الدولة والمجتمع في سورية والعراق وضرب المقاومة العربية الإسلامية في لبنان , بل إن هذا الكيان خسر أيضا حلفاء تقليديين كانوا يشكلون له الغطاء ويستمد منهم شرعية وجوده في المنطقة وأهم هؤلاء الحلفاء هما ” تركيا ” والنظام ” الوهابي ” في نجد والحجاز الذي ارتبط دوره ووجوده بدور ووجود الكيان الصهيوني وشكل ” نظام الرياض ” لعقود ولا يزال جداراً لحماية هذا الكيان ورافداً من روافد ارتكاز هذا الكيان في المنطقة ..
أعرف أن هناك أنظمة خليجية وجدت نفسها في مسار أجبرها قهراً وقسراً وعنوة على مجاراة نظام ” آل سعود ” وحساباته الإستراتيجية اتقاء لشر هذا النظام وبحثا عن فرص المعادلات السياسية الكفيلة بفرملة السلوكيات الجنونية لهذا النظام المهدد بالتآكل من الداخل بفعل صراعات تتأجج في مفاصله وهي الصراعات التي هرب منها أحد أجنحة الصراع إلى ” العدوان الغاشم وغير المبرر ضد اليمن ” وأيضا إلى محاربة ” المقاومة العربية الإسلامية _ حزب الله ” واعتباره ” منظمة إرهابية ” في محاولة من أحد أجنحة الصراع في ” الأسرة المالكة ” إلى خلط الأوراق الداخلية ومحاولة إيجاد ” عدو وهمي ” ناهيكم عن رغبة هذا الطرف ” الوهابي المتصهين ” في مفاصل الحكم الوهابي , في إثارة النعرات والصراعات المذهبية كوسيلة متاحة تحقق له غايتان .. الأولى خدمة الكيان ” الصهيوني ” الذي يستقر ويستمر على ضوء هذه المشاريع والمخططات التي ينفذها نظام ” آل سعود ” .. الثانية هو إلهاء الرأي العام في نجد والحجاز عن قضاياهم الحقيقية عبر إشغالهم بقضايا ثانوية تصرف أنظارهم عن جوهر وأهم قضاياهم الحقوقية والحياتية والاجتماعية والسياسية , وأهم ما في الغايتين هو إيجاد مبررات لهذا النظام تمكنه من إحكام قبضته الحديدية على الداخل الشعبي ومنعه من القيام بأي تحرك رافض لسياسة النظام وتجاوزاته لحقوق ومتطلبات هذا الداخل , فالصراعات الخارجية بالنسبة للنظام السعودي تمثل له حاجة لقمع الداخل وتطويعه بدعوة وذريعة أن أي تحرك من قبل الداخل هو ” عمالة ” للخارج وهكذا يعيش النظام الوهابي في إدارة شؤون البلاد خاصة منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية التي جعلت منها ” الرياض ” بمثابة ” بعبع ” تخوف به مجتمعات وشعوب وفي المقدمة طبعا شعب نجد والحجاز الذي وجد نفسه مجبراً على الصمت خشية التهم الجاهزة التي يسوقها النظام ..!!
بيد أن دولاً مثل الإمارات والكويت وسلطنة عمان في مسار القضايا التي يثيرها نظام ” آل سعود ” وخاصة القضايا المذهبية والموقف من حزب الله والمقاومة , وبغض النظر عن العلاقات القائمة بين هذه المسميات والكيان الصهيوني وحدود مساحتها , إلا أن لهذه الدول تحفظات ورؤى لكنها لا تجرؤ على الإجهار بها خشية من رد فعل انتقامي من قبل “الرياض ” خاصة وهي اليوم تعاني من الهزيمة والانكسار في سورية والعراق واليمن وبروز ” إيران ” بدور إقليمي فاعل في المنطقة واعتراف العالم بها كدولة إقليمية ذات قدرات نووية وإمكانيات مادية وصناعية وإرث حضاري متراكم , هذا الدور الإيراني قد نتفق أو نختلف معه لكنه في المحصلة حقيقة يجب التعامل معها وهو ما تسعى ” الرياض ” إلى إنكاره والتمسك بأوهام طوباوية لا قيمة لها إلا في مخيلة مرتزقتها الذين بدورهم ينكرون معها هذه الحقيقة ليس لأنهم على حق وأنهم منطقيون بل حرصا على ما تجود به ” الرياض ” من مكارم لا يتمنوا أن تزول ..؟!!

قد يعجبك ايضا