الوقفة السياحية في كوكبان

في صباح يوم رائع بالشباب  الذي تحرك من العاصمة صنعاء إلى حصن كوكبان للمشاركة في الوقفة السياحية المنددة والمستنكرة للأعمال إلا إنسانية التي طغت على سلوك التحالف الأمريكي البريطاني السعودي الخليجي والتي تجاوزت حدود الاستهداف العسكري وأصبحت الهوية اليمنية هي غايتهم بدءا بالمواقع الآثارية في مأرب وصرواح والجوف وبراقش وتعز وإب وذمار وصنعاء وعدن وحبان وعزان والبيضاء ورداع وحرض وحجة وصعدة  بعنف همجي بربري يؤكد الحقد والكراهية المدفونة في الصدور لتلحق بعدها  المدن والمعالم التاريخية والحصون والقلاع وتكون المرمي الثاني للغارات الجوية المتواصلة التي لم تنس قصف  الحمامات الطبيعية بنيرانها المدمرة ولم تألوا جهدا في ملاحقة الأسر اليمانية في منازلها وفي حلها وترحالها آخذة في برنامجها  تدمير البنية التحتية والمصانع والمعامل وقوارب الصيادين وموانئهم ومواقع تجمعهم ومصادر أرزاقهم إضافة إلى استهداف شرايين الحياة وخزانات المياه والآبار الارتوازية والتقليدية والمدن الترفيهية لألعاب الأطفال وهي بقايا لمدن قديمة كانت في تاريخ مضي تخدم أطفال أوروبا أبي حقد العدوان إلا تدميرها وتدمير الحدائق والمنشآت السياحية والمواقع الطبيعية والبيئية والمدارس والمعاهد والجامعات اليمنية وأولها جامعة الملكة أروى الجامعة المهتمة بالتعليم الأكاديمي السياحي والتي رفدت السوق السياحية اليمنية بدفع متوالية كما هو حال جامعة الحديدة وكذا جامعة مدينة تعز وجامعة مدينة إب وهما مدينتان مشهورتان بالمدنية وإن كانت تعز أكثر حضوراً وقد حولهما الأمريكان إلى ساحة حرب  كما هي برامجهم في العراق وسوريا وليبيا بل ضاعفوا جهدهم الجبار في تدمير المنشآت الرياضية وخاصة الصالات الرياضية  والملاعب الدولية ومقرات وملاعب الأندية الرياضية وهم بذلك يرون أنهم يؤدون رسالتهم الإنسانية ويعلنون حملتهم التوعوية للديمقراطية والحرية لمجاميع من  الأمة اليمنية، أنهم في غمرة النشوة والزهو وهم يقتلون كل منابع ومصادر الحياة من غذاء ومياه وكهرباء ودواء وطاقة ، أنهم يسعون سعيا حثيثا  لإبادة اليمانيين ، وذلك جهدهم الديمقراطي الأمريكي بالإف16، وبصواريخ كروز وغيرها وغيرها تلبية لرعونة مجلس التعاون الخليجي ورغبتهم الشديدة في هدم الجسور والطرقات ومعابر السيل والسدود والمزارع إمعانا في الإضرار بالإنسان اليماني والذي بلغ حد قصف مدينة كوكبان السياحية التاريخية وحصنها المنيع الذي صمد في وجه كل غاز وطاغي في زمن ماضي وتحملت عوامل التعرية الطبيعية والرياح والعواصف قرونا ليأتي الأمريكان في استعراض للقوة  فيهدمون عددا من المنازل فوق رؤوس سكانها النيام في أمان الله وفي مدينتهم الخالية تماما من أي موقع عسكري أو نشاط محصور وبسيط يشير إلى عسكرتها لأن مساحتها المحدودة والمكشوفة في قمة سفح جبل لا يمكن أن يكون ملاذا عسكريا ، إنها مدينة مدنية خالصة عهدها العالم مزارا سياحيا لكل من يزورها فيها بضع فنادق تقليدية بمعمارها اليمني البسيط الذي يعتمد الحجر والطين والخشب المادة الأساسية في البناء يعتبرها السياح حالة فريدة بالنسبة لهم برغم بساطتها إلا أن طبيعة السكان المتعايشة والمضيافة والمرحبة دوما بالضيف أيا كان ومن أي مكان وبلد في هذا العالم، كوكبان هي من يشكل الراحة النفسية ويولد الطمئنينة في قلوب زوارها الذين يأتون جماعات أو فرادى بوسائل المواصلات أو سيراً على الأقدام نهاراً أو ليلاً فهم جميعاً في موضع الاهتمام والرعاية والعناية من السكان لأنهم يرون في السياح تجدد مصادر استمرار حياتهم وتنوع أرزاقهم إلى درجة أنهم يرون السائح جزءاً منهم ، فإذا مر يوم من عمر المدينة بدون سياح يفقدون هذا الجزء الغالي الذي يشاركهم الحياة وهو ما فقدوه مع هذا العدوان الظالم الذي لم يكتف بذلك بل عمد وبإصرار وتعمد نسف المدينة التي بالكاد تتحمل مرور الطيران الحربي من فوقها أما أن ترمي بصواريخ تزن الطن وما زاد عن ذلك الوزن محملة بمواد شديدة التفجير والتدمير وبتكرار لا يدل إلا على غياب الضمير الإنساني وغياب الأخلاق والقيم  وفقدان للدين والعروبة  كانوا عرباً مأجورين أو أجانب مرتزفة ومن شذاذ الآفاق، هذا هو العالم المتحضر الذي يبيد البشر في كل بقاع الأرض متخصصاً بفناء وتدمير البلدان مالكة الحضارات والتاريخ ومهبط الأديان السماوية.
كوكبان المنكوبة دمر حصنها التاريخي التقليدي في بنائه، في طرف منه  كان المدخل الرئيس الوحيد إليها وكان  تدميره مقصوداً لعزل أي إنقاذ سريع لسكان كوكبان الذين لم يفقدوا إرادتهم وإيمانهم فكانوا الأقوياء برغم العدوان وقد ساعدهم في تحمل ذلك العنف والقسوة طبيعتهم المعتمدة على الصبر والثبات فهم أهل علم وشعر وفن وعمل وزراعة لا يعرفون الكلل والملل  يعتمدون على السياحة في كل فصول السنة يرفضون بقوة أن تكون مدينتهم المتلحفة بالسماء المحاطة بأذرع الغمام والمظللة بالسحب وبعناية الرب الخالق موقعاً أو ملاذاً عسكرياً وما قبلوا في جل تاريخهم سوى الشرطة المدنية حفاظا على  أمنهم وأمن السياح ومع كل ذلك الحرص يأتيهم بغتة العدوان الأمريكي نعم العدوان أمريكي تخطيطاً وتكتيكاً، وبدو ن أمريكا ما كان وقع هذا العدوان الذي زرع الألم والجراح في مدينة السياحة والسلام ، سبعة من الشهداء الأبرياء بينهم أم وطفلتها وأبقار وماعز وبوكلين يساعدهم في حياتهم القاسية وذاك مكسبهم وثروتهم إلى جانب منازلهم التي تهاوت وتراكمت فوق أجسادهم البريئة الطاهرة وليحدث ضغط الهواء الناشئ عن القصف الجنوني السافر عن قبحه أضراراً في كل منزل  ومسكن بدائي في المدينة لتصبح خرائب لا يسمع فيها إلا صوت الرياح وصفيرها كأنها في عالم الجن والأشباح  ، هذه المدينة عاشت لحظات الرعب والنكبة والكارثة والوجع والألم وصوت أنين الجرحى وصراخ الأطفال وعويل النساء المكلومات بفقدان الجيران والأقارب والأبناء وفي ظلام الليل الدامس الذي ضاعف رعبه تفنن الغازي بقصف أبراج الهاتف النقال ليمن موبايل وإم تي أن المستخدمة من قبل السكان إضافة إلى تدمير مبنى الاتصالات ومبني السنترال الوحيد في مدينة تنقصها كل الخدمات ، لقد قطعت الاتصالات ففقدوا الاتصال والتواصل بأقاربهم وأحبابهم وأصدقائهم  فلم يجدوا مؤنسا لهم حتى قدم أهل القرى والمدن الصغيرة المجاورة بجهدهم الإنساني المحدود  للمساعدة في الإنقاذ وفتح منفذ للخروج في شدة برد الشتاء وبعون من الله تمكنوا بعد عناء وخوف وخشية من معاودة القصف من فتح مخرج صغير وانتشال الأجساد من تحت الركام، أن ما حدث جزء من الإبادة لأمة الحضارة والإنسانية إبادة لأبناء اليمن ، المسالمون والمتعايشون  مع هذا العالم الصامت الذي يتحمل الإثم  والوزر والمسؤولية الإنسانية نتيجة هذا الموقف الذي لا يعطي قيمة للإنسان ولا يحترم المبادئ والقيم وشعارات الحرية وحقوق الإنسان المرفوعة في منابر برلماناتهم ومقرات حكوماتهم.
كوكبان مدينة السياحة والتراث والموروث الشعبي مدينة أقل ما يمكن وصفها وأهلها ، بأنها مدينة السلام والمحبة يهجرها سكانها في غسق الليل المظلم قسراً وفي حالة من الرعب والفجيعة والخوف والقلق المستمر مع تحليق الطيران الحربي فوق رؤوسهم ، لم يعد لهم مكان يؤويهم إلا المسار إلى المجهول بعد أمن واستقرار وقناعة بالحياة البسيطة ، والسؤال الذي يدور في فكرهم وفي أعماق أنفسهم ، ماذا استفادت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل ودول مجلس التعاون ومصر والسودان والمغرب العربي وباكستان من تدمير المساكن فوق سكانها وماذا كانت تشكل هذه المدينة السياحية من عائق عسكري لهم ، ليأتي الجواب من كل الجبال المحيطة بهم، انه الطغيان والاستكبار وتحدي الخالق الرب جل شأنه في علاه . يا أهل كوكبان إن حكام الجزيرة العربية فقدوا ارتباطهم بالعروبة وبالدين وبالقيم فساروا في مسار الشيطان وصاروا لايميزون بين الحق والباطل متعطشون للدماء فكانوا أدوات طيعة لأمريكا والممول للحرب علي بلاد العرب والإسلام وتمزيقها .
إن هذا التصرف المشين من الإدارة الأمريكية بإدارتها للعدوان لموقف مسيئ للشعب الأمريكي وشعوب أوروبا بكاملها وسيظل عاهة تدينهم وتؤكد جرائم زعمائهم و قاداتهم  وطياريهم على مدار التاريخ الإنساني ولن تنسى هذه الجرائم مهما طال الزمن.
– وفي لحظات الوداع لهذه المدينة سمعنا أصواتاً مجروحة على مدينتهم وباب أرزاقهم وحياتهم وحياة أسرهم وأبنائهم، تقول  نريد مناشدة العالم والأصدقاء السياح والزوار لمدينتنا أن يرفعوا معنا أصواتهم عاليا ضد هذا العدوان والإجرام والوقوف إلى جانبنا لإعادة إعمار كل ما تهدم وترميم كل الأضرار وإعادة الحياة والأمل لمدينة السياحة شاكرين كل مشارك في هذه الوقفات المعبرة لكننا نريد عملا وجهدا يعيدنا إلى ديارنا وإلى حياتنا ويعيد مدينة العلم والفن والإنسان والسلام والسياحة .
إنها مناشدة إنسانية موجهة لكل أوروبا والعالم فهل من مجيب في ظل هذا الجبروت والعنف والإرهاب الدولي، ،مناشدة للشعوب العربية والإسلامية لكي تعير اليمن اهتمامها وتمنع عنه العدوان
نريد شعب مجلس التعاون الخليجي أن يقول كلمته الصادقة والمؤمنة لوقف هذا النزيف الدموي الذي لن يقف في اليمن بل سيشمل الجزيرة العربية إن كانت لديهم نخوة وعزة وعروبة وإسلام ، أيها العالم  لقد أقفلت كل الأبواب وأوصد العدوان كل المنافذ ولم يعد أمام أهل اليمن إلا المواجهة والتقدم والموت نعم الموت بشرف ، والموت هو مرة واحدة وليكون في المعركة  ولا يكون تحت الأنقاض ولا يكون موت الجبناء ، وهذه هي عزيمة وإرادة الأمم الحرة والتي لاتقبل الظلم والطغيان
فهل من مستجيب في ظل هذا العدوان العالمي الذي يشرعنه مجلس الأمن الدولي ، إنها كما يقولون لعبة الأمم وصراع الحضارات وإبادة الإنسان والسيطرة على العالم ولك الله ياكوكبان يامدينة السياحة والسلام ولأهلك الحب والعزة والكرامة وعلو الهامة ياقلعة السلام.

قد يعجبك ايضا