عبدالرحمن طه
السعودية، هل هي دولة حقًأ؟ وهل يمكن للولايات المتّحدة الاعتماد على دولارات البترول في حفظ تماسك المملكة، متجاهلة السياسات الأوتوقراطية والمدّ الوهابي؟ أم أن الوقت قد حان لدراسة احتماليات السقوط؟
في تقريرهما بجريدة “ذا أتلانتك”، يحاول أليكس دو فال وسارة تشايس الإجابة على هذه الأسئلة بتحليل المتغيّرات في المشهد السياسي الاقتصادي، السعودي والعالمي.
بالنظر إلى هيكل الدولة السعودية، يُجادل دو فال وتشايس في كونها دولة أصلًا. من أوجه مختلفة، يمكن النظر إلى السعودية على أنها شيءٌ من اثنين، لكنّ كليهما أبعد ما يكون عن اعتقاد الولايات المتّحدة بأنها آخر مملكة مستقّرة في بحر الشرق الأوسط الهائج.
شركة السعودية، ومديرها الملك سلمان يتمثّل عمل شركة السعودية الرئيس في تحويل النفط إلى وسائل لشراء الولاء السياسي: يذهب جزيل العطاء، من أموال وامتيازات تجارية، إلى أفراد العائلة المالكة. بينما يُلقى القليل لعامّة الشعب، مدعومًا بقبضة أمنية بتسليح أمريكي، تقضي على التوترات بلا عناء.
حتى مع انخفاض أسعار النفط، والتدخلات العسكرية في اليمن وغيرها -بما يصاحبها من نفقات عسكرية واقتصادية- لا يبدو أن السعودية ستواجه مشاكل في التمويل اللازم.
لكن، كما يشير تقرير الجريدة، فإن التوسع في إنتاج النفط على الرغم من انخفاض الأسعار قد يعني حاجة ملحّة للعملة الصعبة. وقد يعني، أيضًا، أن سعر الولاء يرتفع في السوق السياسي، وهذا التضخم لا يبشر بخير، ويهدّد بانحدار المملكة في هوة الإفلاس السياسي.
لقد اضطر الملك سلمان إلى الإنفاق ببذخ لضمان ولاء رجال الملك عبدالله. وهو ما يمكن مقارنته بالتضخم الذي حدث بجنوب السودان، والتي التهمت نخبتها الحاكمة أموال النفط، ولم يشبعوا حتى بعد انتهائه، لتنحدر البلاد إلى الفوضى، وأيضًا بالصومال التي أدّى جشع نخبتها إلى إقصائها من السوق السياسي.
هل تجد مقارنات “ذا أتلانتك” للسعودية بحنوب السودان والصومال مهينة؟ قد لا يكون الاقتراح التالي مسليًا.
منظمة إجرامية عملاقة
بينما تطالب الشعوب في كل مكانٍ بنزاهة الحكومات، تتداخل النخبة السياسية وطبقة رجال الأعمال في شبكة احتكارية: أموال طائلة تُستغلّ في استثمارات خاصة ونفقات مسرفة بالخارج، والدولة بأكلمها تخدم مصالح هذه الشبكة، حتى ليمكن مقارنتها بأوكرانيا يانوكوفيتش في الجشع والفساد.
في ظل المناخ العالمي من الاعتراضات والاحتجاجات ضد الحكومات، تظل الأصوات في السعودية خافتة. أبرز المطالب السياسية تأتي من جانب الأقلية السعودية الشيعية. لكن من غير المحتمل أن هذا سيدوم طويلًا. إن الأغلبية السعودية حظيت بقدر كاف من التعليم يجعل من الصعب الاستمرار في الرضا بالفتات الذي يلقيه شيوخ المملكة لهم دون أن يستمعوا إليهم. أمّا العمالة الوافدة فقد ازداد عددها بقدر كبير، وربّما يظنّ مسئولو السعودية، شأنهم في ذلك شأن باقي دول الخليج، أنه يمكنك استغلال العمالة الفقيرة الوافدة أيًا كانت الظروف، وأنّهم لن يبلوروا مطالبهم الخاصة قريبًا. لكنّهم قد يكونوا مخطئين.
لقد كان بن لادن معارضًا للمملكة، وفي محاولةً منها لإسكاته قامت بتصديره لينشر الإرهاب في أقطار العالم الإسلامي. لكن هذه الاستراتيجية قد ترتد أحيانًا، فمعارضة بن لادن للسعودية ما زال لها وقعها في أذن الكثيرين من العرب، وتلقفها كثيرون من بعده.
والملك سلمان لا يبدو أنه يتمتع ببراعة أخيه غير الشقيق عبدالله. لقد استعمل عدّة إجراءات مألوفة ومتوقّعة من أي نظام أوتوقراطي: الإعدامات، الحروب، إشعال الصراعات الطائفية لإثارة الحماسة الوطنية.
سيناريوهات ما بعد السقوط
ماذا يمكن أن يحدث إن ضعفت قبضة الملك سلمان على الحكم؟ يسرد تقرير “ذا أتلاتنك” الاحتمالات المخيفة:
صراع بين الفصائل المتحاربة على الحكم، مع ارتفاع أسعار الولاء المستمر؛ حربٌ شرق أوسطية بين إيران والسعودية – ليس من الصعب أن تتطور مواجهات اليمن غير المباشرة؛ تمرّد داخلي، سواءً كان سلميًّا أو جهاديًا مسلّحًا، وهو ليس بالأمر المستبعد؛ نظرًا لأحداث الأعوام الأخيرة في المنطقة.
إن كانت الولايات المتحدة تتكئ على السعودية كقلعة مستقرّة في منطقة مضطربة، فإنها لا يجب أن ترتكب نفس الخطأ الذي ترتكبه كل مرة: يجب أن تضع جميع احتمالات السقوط في الحسبان، وتدرس النتائج الإقليمية المحتملة لسقوط السعودية أو لأفعال حكامها اليائسة لتفادي السقوط، قبل أن تنزلق المنطقة إلى هوة الفوضى الشاملة.
* نقلاً عن ساسة بوست
Prev Post
قد يعجبك ايضا