لحظة يا زمن..تلوينات
محمد المساح
وينفلت من بين أيدينا الزمان ، وكأنه سحبة قوس في أوتار كمان .
وتنفرط الأيام عود كهرمان يتفرفط النور والحنان والأمان ، وينفلت من بين أيدينا الزمان.
” سيد حجاب”
عن الوردة الموشكة على الذبول، وهي ترمق القطار يعبر حولها بعنفوان الصباحات ، وردة الروح دمعة اليتيم صرخة المظلوم ؟
عن الجثة تلملم أشلاءها بغية الاقتحام وأخذ الثأر عن الهواء المحقون بالوباء والكراهية ، نتنفسه ليل نهار والأطفال الذين يبحثون عن المستقبل في قعر القمامة عن الشاعر الذي يحتضن مخطوطه كطفل نجا بأعجوبة من براثن الأنقاض والشاعر الأعمى الذي ينتظر الفجر في القصيدة على ضوء شموع تهتز على متن سفينة جانحة في خياله ورؤاه ؟
كان على رشفة الشاي أن تعبر طريقاً وعراً وطويلاً كي تصل إلى الفم .
” سيف الرحبي”
لم تعد تشدني الشوارع التي شخت فيها ولا مرايا المقهى ، لأن الشوارع محشوة بالغبار ، والمرايا تستحيل حوائط ، كلما أقتربت منها ؟
الغبار.. الغبار من أين يأتي ؟
هل هو الزفير يصاعد من رئات التماثيل والموتى ؟
أمة من التماثيل هنا أمة تتنفس القديم وتستنسخ الماضي ، أم هو الظلام يحتفي بالظلام ، والأرض بالعائدين إليها ؟
لم يأت من هناك .
لا الموج ساقه إلى عيوننا ، ولا خيول الخان .
أو مكانس الملاك ، لم يأت في السفن معلباً كالزيت والزيتون ، أو مهرباً كالريح والفوضى ، لكي يداهم الحقول أو يباغت المدن .
لم يأت من روما ومن برلين .
ولم تقع على بيوتنا أبراج شيكاجو وسور الصين ، كان هنا في دفتر الصحراء ، منتظراً مراوح الرياح كي يطير هكذا مغلقاً وجارفاً.
” محمد سليمان .. دفاتر الغبار”