شهيد الثقافة الوطنية
عبدالرحمن غيلان
التشييع المهيب لجسد الشهيد المجاهد المنشد الكبير لطف القحوم بعد صعود روحه لجنائن الأمان الخالد ، يجسّد حقيقة كرامة هذا الوطن بشبابه المبدعين الذين أضاءوا حُلكة هذا الفضاء المعتم الذي رسمه العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني وأدواته في الداخل .
هذا الاحتفاء الكبير بزفاف الشهيد المتألق في حضوره الدائم ورحيله الآنيّ يعني أن النضال الإبداعي هو وجه هذا الوطن .. وهو شوكة متجددة في حنجرة الأدعياء ممن باعوا وطنهم لأجل حفنةٍ من المال المدنّس .
هذا المهرجان العظيم الذي وارى جثمان شهيد الوطن ، هو إعلان أكبر بأنّ سلاح الكلمة واللحن والثقافة هو السلاح الأبقى ، وأنّ هذا الشهيد الذي قدّم روحه فداءً للوطن وساهم في دكّ عروش العدوان ، هو ذاته الذي أيقظ القلوب وأشعل الأرواح وشنّف الأسماع بزوامله المتوثّبة وأناشيده المتزمّلة بحقيقة هذا الوطن العصيّ على الغزاة .
إنّ هذا الزخم الجماهيريّ الكبير الذي لامست خطواته قيثارة الأرض باتجاه مثوى جسد الشهيد ، يدرك جيداً أنّ لحن الحياة الذي رافق التشييع بصوت الشهيد وبزمجرة رعود حنجرته الاستثنائية ، هو اللحن الأسمى ، والكلمة العظمى ، والأداء الرابض في الأفئدة لشعلة الحق والإستنارة والنصر القادم .
المجد والخلود للشهيد البطل المقدام ” لطف القحوم ” .. ولا عزاء يليق بروحه المتوقدّة إلا بمواصلة إبداعه ، وتمثّل إرثه الإبداعيّ ، واتخاذ عطائه مهرجاناً دائماً تمرّ من خلاله قوافل الحياة باتجاه الخلاص الكبير من العدوان الآثم وكل خيوطه الدالة على قميصه الرديء .