الغزو الوهابي الإرهابي
الحسن بن علي
اجماع المثقفين الثوريين في العالم العربي, أن أخطر ما في الصراعات الطائفية التي يطلق عليها خطأ (المذهبية) هو أن أسباب الخلاف الأساسية قد تزول ولكن يبقى الخلاف قائماً، لأسباب عديدة منها عدم وضوح الرؤية، والخلط بين الثابت والمتغير، والشك الذي لا يسنده دليل، وربما سوء الظن الذي لا يقوم على أساس صحيح، بالإضافة إلى سبب رئيسي هو أن قوى الطغيان والفساد في العالم العربي، وعلى رأسها المملكة السعودية وأعراب دول الخليج التابعين لها، تجعل من الصراعات الطائفية غطاء لحماية مصالحها في احتكار الثروة والسلطة وتحقيق أطماعها التوسعية في أراضي الدول الأخرى وخاصة اليمن.
قبل غزو (الإخوان المسلمون = التجمع اليمني للإصلاح) وملحقاته (السلفيون) التكفيريون من أتباع النظام السعودي الوهابي (حزب الرشاد السلفي – الجناح السعودي الوهابي) وغيره، وعصابات الوهابيين التكفيرية الإرهابية، كان اليمن نموذجاً رائعاً للتواؤم والسلام والتعايش السكاني والجغرافي (المناطقي) والمذهبي، لا يعرف توتراً بين مكونيه الرئيسيين، (الزيود الشيعة) و (الشوافع السُّنّة)، اللذين يقتسمان عدد السكان بشكل تقريبي، بالإضافة إلى أعداد قليلة من السكان (إسماعيلية) يتركز تواجدهم في منطقة (حراز)، وذلك على رغم أن السلطة السياسية العليا الحاكمة استمرت، بحكم كفاح وتضحيات الحامل الاجتماعي لها ضد الغزاة وعوامل أخرى، يهيمن على معظم مفاصلها فقهاء وعلماء وسياسيون ينتمون إلى ما يطلق عليه (الجغرافيا الزيدية) وذلك منذ تأسيس نظام الإمامة في عام 898هـ، وحتى إعلان الجمهورية عام 1962م. وساعد على ذلك أن الفقه الزيدي، بالإضافة إلى ثوريته واعتداله، وكونه فقه العقل والاجتهاد والاستنارة والعدل والتوحيد والثورة على الظلم والفساد، فإن مصدر هذا الفقه الثوري هو المذهب الزيدي الهادوي الذي يعتبر أقرب مذاهب الشيعة إلى أهل السنة وخاصة أتباع المذهب الشافعي في نسخته المطورة التي ظهرت بعد كتاب (الأم) للإمام (الشافعي)، الأمر الذي جرد، ولا زال معتنقي المذهبين من شبهة الغلو المذهبي أو التطرف الديني والتعصب الطائفي، وجعلهم يعيشون كل تلك القرون في وئام تام قبل دخول الفيروس المذهبي السعودي الوهابي إلى اليمن وتمدده فيها منذ عام 1962م وحتى انبلاج فجر ثورة 21 سبتمبر 2014م.