اضربوا بسيف العلم ولن تخذلوا
د/ خالد محمد الكميم
عندما تأتي الدراسات والإحصائيات لتقول إن التعليم العالي في الجامعات اليمنية يعاني من عجز بعدد 1500 كادر جامعي فإننا نكون بصدد طامة علمية لا نظير لها في واقع اليمن.
والطامة الأكبر أن يكون الوطن في حالة حرب ومواجهة شاملة مع عدوان لا نظير له ( لمسخرة شرعيته ) في التاريخ المعاصر ومع ذلك يتسلط الكهنة (المتعلقون بالكراسي ) في الجامعات ولسنوات على القرار المفصلي في المشكلة .. فيساعدوا بذلك أعداء الوطن على تثبيط وإيقاف العملية التعليمية الجامعية ( كما حاولوا في التعليم الأساسي والثانوي).
نعم .. ( وجامعة صنعاء هي النموذج هنا )
فعندما نكون أمام طغاة العلم والمفترض فيهم أن يكونوا الأجل والأكثر خوفاً وخشية من الله في مقاصدهم تحقيقاً لكونهم المقصودين برفعة الله الواردة في محكم آياته .. ( ولا نعمم على كل حال )
ومع ذلك وللأسف إننا نشهدهم يمتهنون الحزبية والخصومة السياسية بأسوأ فهم لها .. بعنصرية لا تليق بهم وبذمتهم أمام الله وخلقه ..
يمارسون دكتاتورية نفسية يعيشونها إلى جانب تحقيق أهداف مرسومة لمن يواصلونهم هي في الأصل خيانة للوطن لأنها تعطيل لأهم صرح ودرجة تعليمية وهو التعليم الجامعي.
يفترض فيهم أن يتصرفوا كعلماء وقامات على درجة من الصفاء والنقاء في تزكيتهم وإيثارهم للعلم وأهله للأجيال التالية .. لا أن يكونوا ( وهو الأشد بلاء ) منفذين لأجندة من هم أصغر منهم علماً وقدراً بل وسناً .. ( من مراهقي السياسة وخطباء ومشايخ دين وقبليين وعسكريين )
نعم .. كثير منهم نايف السبعين والثمانين عاما ويأبى أن يكون له خلف ( ليكون على الأقل خير خلف لخير سلف إن كان يرى في نفسه عالماً بحق .. ) ..
والأولى بمثله أن يبحث عن حسن خاتمة قبل أن يتقاعد أو يقاعد .. لأنه بذلك ينكر سنناً من سنن الخلق في التوارث للحياة في كل مجالاتها .
وفي المقابل .. كوادر يمنية شابة ( بعد أن كلف تعليمهم بالخارج مئات الملايين من الدولارات ) عادوا بعد سنوات بأعلى وأرقي الدرجات العلمية تفوقاً ونجاحاً تحمل الأمل وجاهزون لخدمة وطنهم وكلهم طموح وتفان لإفراغ ما تحصلوه من العلم العظيم ..
ومع ذلك يصابون بالصدمة من حين وصولهم بل ولحد الحسرة
فمن أول تقديم ومعاملة يشهدون امتناع رئيس قسم من الموافقة بالاستيعاب رغم الحاجة الملحة .. فقط لكون صاحب القرار إصلاحياً أو يحمل الولاء القديم لعلي محسن ( وبكل حزن نقولها !! )
فإذا كان الدكتور المتقدم محسوباً على الجامعة فيتم معاملته وكأنه نازح داخلي بإحالته للموت البطيء بركنه في أحد المراكز التابعة للكلية ولسنوات دون تعيين !!
أما إذا كان المتقدم غير محسوب على الجامعة فيتم معاملته وكأنه مهاجر أجنبي يناصب بحقه العداء وكأنه خطر داهم على أمن الوطن القومي !!
ويأتي العجب في العملية التعليمية بالجامعات أن يحصل أن ذات الأستاذ الدكتور أو غيره .. بأن يدرس أكثر من مادة داخل القسم فيحاضر لخمس مجموعات ويحاضر لمجموعات الطلاب الموازي ( صباحا ومساءً ) ويقدم محاضرات لطلاب الدراسات عليا ويشرف على رسائل ..
بل والأدهى أنه ربما درس مواد أخرى خارج تخصصه تغطية للعجز الحقيقي الحاصل .. ( ومع ذلك يصر وأمثاله أن لا عجز ولا حاجة لأساتذة مساعدين ).
وتأتي الحسرة أيضا عندما يشغل المكان العلمي في التدريس غير يمني يكلف الدولة آلاف الدولارات بينما الاكاديمي اليمني المناظر يظل في حالة ترانزيت إجباري آملا من الله أن يزيل رئيس الجامعة أو غيره من المتمصلحين ..
فيا أنصار الله .. وأنتم القاضي والحكم في الساحة ..
اضربوا بسيف العلم .. بسيف مئات من حملة الشهادات العليا مفخرة الوطن .. وحاشا لله أن تخذلوا.
فإذا كان من قبلكم قد دفع بالجهل في كل أعمالهم انتصاراً لعنصرية سياسية .. فادفعوا أنتم بالعلم وأهله.
وإن مارس من قبلكم أسوأ أنواع العنصرية .. فإياكم أن تقعوا أو حتى تتوانوا في نصرة المظلومين بحق أي إنسان فما بالكم بأرفع من رفعهم الله من كوادر اليمن النابغين.
نعم ..
لقد شهدنا سابقاً قرارات ما أنزل بها من سلطان تجاوزت كل حدود العقل في التعيين والترقية ابتداءً من قرارات الخائن عبد ربه أو قرارات باسندوه إلى قرارات وزراء الإصلاح الذين هدموا كل قيم بالدين كنا نعتقدها فيهم .. وصولاً إلى قرارات رؤساء الجامعات لمجرد التبعية والهوى الحزبي ( ومن ذلك اعتماد ستين درجة أكاديمية لمحسوبين إصلاح ومن جامعة الإيمان ).
ولكم أعز الشرف ( انتصاراً للحق والعدل ) أن توجهوا سريعاً رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بسد العجز وفق الاحتياج الحقيقي لكوادر التدريس ومن ثم إصدار القرار الفوري بالتعيين .
ولكم جميل بعدها لن ينساه الأحرار أيضاً من أولو العلم قادة المجتمع ما عاشوا ..
وللحق نقول :
نصرتكم لأهل الحق من أولو العلم بإنصافهم هو للوطن قبل أن يكون لهم ( والله شاهد على ذلك ).
فالعملية التعليمية أحد أهم الجبهات الداخلية وهي أخطر الركائز المستهدفة لتعطيلها وإفشالها إثباتا من العدو ( الداخلي والخارجي ) أن اليمن والسلطة القائمة في حالة انهيار كامل وشلل تام .. وبحجة أن لا شرعية شعبية ولا قانونية حقيقة قائمة.
هذا وصيتنا نهديها لكم .. ولكم القرار .. والله من وراء القصد.
* أستاذ القانون الدولي العام المساعد