لــماذا تــقتلوننا؟!
في 2001م، وبٌعيد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة وجه نحو 60 مثقفا أمريكيا بيانا إلى شعوب أمتنا العربية والإسلامية يحمل تساؤلا مركزيا عن سبب كراهيتنا نحن العرب والمسلمون لأمريكا شعبا وثقافة وسياسة، وحمل البيان إجابات مسبقة تنم عن الاستعلاء الأمريكي الذي يتجنب نقد الذات، باحثا عن مبررات وذرائع إضافية لاستمرار ما يسمى بالحرب على الإرهاب.
في طيات البيان تبنى مثقفو أمريكا ما أسموه بالحرب العادلة، ولم يحددوا طرفها الآخر، وإن كان بوش الابن قد أعلن لاحقا عن محور الشر من وجهة نظر أمريكا ( العراق، إيران، كوريا الشمالية)، وأرهب بقية دول العالم حين خيرهم على الطريقة الفرعونية: من ليس معنا فهو ضدنا.
مع ذلك تجاوزت الحرب على الإرهاب هذه الدول وشملت مجتمعات ودول أخرى، دونما تحديد دقيق أو تعريف متوافق عليه دوليا لماهية الإرهاب.
ساءلنا الأمريكان: لماذا تكرهوننا؟ ولم ينتظروا ردا من مثقفينا، وإنما اتجهوا لتبرير الحرب علينا ووصفوها بالعادلة، مستغلين مناخ التعاطف الدولي مع الشعب الأمريكي جراء ضربات 11 سبتمبر، التي فاقم من خطورتها علينا أن أسامة بن لادن قد أعلن تبنيها، باسم تنظيم القاعدة على النحو المعروف.
واليوم فإن أوضاع منطقتنا العربية تحديدا تعيش على وقع الحرب الأمريكية على ( الإرهاب )، وهي الحرب التي أدت إلى احتلال بغداد، وما نجم عنه من إشعال للطائفية داخل العراق وخارجه، ثم التبشير بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يستوعب إسرائيل كمكون أصيل، ويعمل على تفتيت دول المنطقة إلى كانتونات صغيرة يسهل ضربها، وإلحاقها بالكيان الصهيوني مستقبلا.
ولم تقف الجرائم الأمريكية بحق شعوبنا عند حد معين، فقد ركبت واشنطن موجة الربيع العربي، وأفسدته من خلال دعمها لأطراف سياسية بعينها، ثم من خلال مشاركتها في الحرب على ليبيا، وفي دعم (داعش) بسوريا والعراق، ثم من خلال الحرب على اليمن، التي بدأت في 2004م(الحروب الستة على صعدة)، وصولا إلى العدوان الغاشم والحصار الجائر على بلادنا منذ مارس 2015م، والذي تؤكد يومياته ضلوع واشنطن في إدارة الحرب والحصار، وارتكاب المجازر البشعة بحق الآلاف من النساء والأطفال والمدنيين، إضافة إلى تدمير البنية التحتية، واستهداف المستشفيات والمرافق الصحية، وخزانات المياه، والجسور والطرقات، والمصانع، ومولدات الطاقة، والموانئ والمطارات، والمدارس، والمؤسسات الإعلامية..إلخ
كل ذلك يدفعنا إلى نصب السؤال في وجه أمريكا ومثقفيها: لماذا تقتلوننا؟
ولن ننتظر الرد بالطبع .. لكنّا سنقول للأمريكيين: إذا كنا نكره أمريكا، ونجهر بهذه المشاعر، ونصدح بمعارضتنا للسياسات الأمريكية تحديدا، فهذا لا يمكن أن يكون مبرراً لقتل وحصار أكثر من 25 مليون نسمة، ولا يمكن أن تكون هذه هي الحرب العادلة، حتى ولو حشدتم لها الشرق والغرب، وكل المنظمات الأممية!!