عبدالرحمن واصل
كثف العدوان السعودي في هذه الآونة وبشكل ملحوظ من جهوده العسكرية على قصف المنشآت الاقتصادية بشكل منظم لعل أهم تلك المنشآت المصانع والمزارع والمحلات التجارية في عموم محافظات الجمهورية، الأمر الذي واجهه سخط شعبي يمني وعربي كبير احتجاجاً على هذه الأهداف التي باتت واضحة للعيان أنها تستهدف المنشآت الاقتصادية والحيوية والبنية التحية للاقتصاد الوطني اليمني ومحاربة رجال الأعمال اليمنيين والمستثمرين في بلادهم.
ويسعى تحالف العدوان بقيادة المملكة العربية السعودية إلى تدمير المصانع اليمنية وتدمير كل مقومات اليمن الاقتصادية الأمر الذي اعتبره خبراء اقتصاديون أنه عمل ممنهج لتدمير الاقتصاد اليمني وحتى لا يكون لليمن أي بنية تحتية ولا اقتصاد يعتمد عليه بعد تدمير كل المصانع والمنشآت الحيوية تحت مبررات سخيفة.
وكان مصدر مسؤول في وزارة الصناعة اليمنية أوضح أن تحالف العدوان يتعمد استهداف المصانع اليمنية وكل ما تمثل مصدر دخل للمواطن اليمني في الجمهورية اليمنية رغم بساطتها.
ودمرت طائرات العدوان أكثر من 150 مصنعاً يمنياً كانت تمثل مصدر دخل لملايين من المواطنين اليمنيين في مختلف المحافظات اليمنية .. ويأتي ذلك إطار مؤامرة خبيثة لدول تحالف العدوان تقضي بإبقاء اليمن سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم التي تعج بها الأسواق اليمنية منذ زمن، ناهيك عن الهدف الأساس وهو التدمير الكامل لكل مقومات اليمن .
وبحسب الإحصائية الدقيقة فقد استهدف الطيران الحربي السعودي 168 مصنعاً و125 مزرعة و51 موقعاً أثرياً و101 منشأة سياحية و31 ملعبا رياضيا و7 صوامع غلال علاوة على قتل الآلاف من المدنيين أطفالا ونساء وشباباً وشيوخا، وأضعافهم من المصابين والجرحى وإهلاك المصالح الخاصة وتدمير المنشآت العامة والبنية التحتية، إضافة إلى المعسكرات والألوية والمخازن والمنشآت العسكرية والمدنية ولمطارات والموانئ والمؤسسات الحكومية والخاصة والممتلكات العامة والخاصة واستهدف القصف العدواني المتواصل مزارع المواطنين والحيوانات ومصانع الحليب ومزارع الدواجن والمواد الغذائية وغيرها.
وبات القطاع الصناعي والإنتاجي اليمني في هذه الأيام وبشكل متتابع هدفا مباشرا لغارات تحالف العدوان السعودي، بعد استنفاده على مدى عشرة أشهر لبنك أهدافه العسكرية والمدنية، ليضيف قبحا آخر لحربه الهمجية وغير المبررة، وحصاره الجائر على الشعب اليمني.
وكثف تحالف العدوان السعودي مؤخرا عمليات استهداف المصانع اليمنية، فلا يكاد يمر يوم دون قصف مصنع أو أكثر، ليصل إلى 168 مصنعاً وربما أكثر .
واستهدف العدوان السعودي على اليمن مصالح المواطنين وأملاكهم ومنشآت القطاع الخاص من مصانع ومعامل ومحطات وحتى المحلات التجارية والأسواق كانت هدفا لطائرات وصواريخ العدوان الذي جعل كل شيء على الأرض ضمن بنك الأهداف.
إلى ذلك تزداد التحديات التي يواجهها المستثمر اليمني في ظل الوضع الراهن وأدى إلى اتساع رقعة الفقر ومعدلات البطالة وتسريح العمالة جراء قصف المنشآت الاقتصادية بشكل متعمد.
ولأن الوضع الاقتصادي مرهون باستقرار الوضع السياسي والأمن المستتب فإن عدداً من الخبراء الاقتصاديين يؤكدون على ضرورة الحاجة إلى عمل بدائل نوعية حتى لا يصل الوضع الاقتصادي إلى وضع متدهور وكارثي.
وأكد رجل الأعمال صالح محمد القوسي رئيس مجلس إدارة المركز العربي للتطوير الزراعي أن الوضع الاقتصادي يمر بمرحلة حرجة جداً بسبب الأوضاع التي تشهدها البلاد من حرب وصراعات على المستوى الداخلي والخارجي بالإضافة إلى أسباب أخرى لعل أهمها عدم توفير الخدمات الأساسية في البلاد مثل خدمات النقل وتسهيل الجمارك وعملية النقل البحري، بالإضافة إلى عدم وجود حماية للمستثمر المحلي والعربي والأجنبي ونزوح الشركات الأجنبية من البلاد وكذلك المنظمات الدولية الداعمة.
وقال القوسي لـ”الثورة الاقتصادي ” إن الحلول للوضع الاقتصادي الراهن يكمن في الحل السياسي من الأطراف المتنازعة وإنهاء الحل العسكري وتوفير حماية للمستثمر وعمل تسهيلات لهم وتسهيل الإجراءات الخاصة بقانون الاستثمار والتواصل مع الشركات التي غادرت البلاد.
وأكد أن القوسي على أهمية دعم وتشجيع المزارعين والزراعة المحلية ومنتجاتها وحمايتها من المبيدات المهربة لما فيها من أضرار كبيرة.
وقال إن الأنشطة الزراعية لم تتوقف رغم الأوضاع التي تمر بها البلاد من حرب قائمة عليها بالإضافة إلى الركود المالي والاقتصادي .. مشيراً إلى أن هناك من وصفهم بـ”عديمي الضمير” في بعض الشركات يمارسون عمليات تهريب واسعة يعيشون من خلال ذلك على أكتاف الأبرياء ويقومون بعملية تهريب .. معتبراً ذلك ظاهرة سلبية وسيئة .
وقال رئيس مجلس إدارة المركز العربي للتطوير الزراعي إن الحلول والتقليل والحد من عملية التهريب يكمن في تسهيل الإجراءات الخاصة بتسجيل المبيدات للشركات المستوردة للمبيدات الزراعية والتقليل من عملية التهريب من خلال إعفاء جميع المدخلات الزراعية من الجمارك والعوائد الأخرى والعمل على إقامة الندوات وورش العمل التوعية بأضرار المبيدات المهربة وتفعيل قانون المبيدات، وكذا تفعيل دور الرقابة والتفتيش في وزارة الزراعة والري والنزول الميداني للمحلات التجارية المخالفة وضبط المخالفين بشكل مستمر ومتواصل.
ويعتبر المركز العربي للتطوير الزراعي القوسي أكاد أحد أهم الرواد الأوائل للشركات التي تم إنشاؤها في اليمن والرائدة في مجال توفير مستلزمات ومداخلات الإنتاج الزراعي عن طريق الاستيراد المباشر من كبريات الشركات العالمية والمصنعين الدوليين المعروفين حول العالم ..ويسعى المركز إلى تقديم منتجات ذات جودة عالية تلبي رغبات واحتياجات عملائه.
وتعرضت البنية التحتية الزراعية للدمار بشكل واسع في محافظة الحديدة ومحافظات أخرى لعل أهمها محافظات صعدة وإب ولحج وتعز وحجة وأبين، كما أدى تأخر هطول الأمطار المعتاد في منتصف مارس وبداية إبريل إلى تأثير سلبي إضافي على نمو المحاصيل في معظم مناطق زراعة الذرة.. وكانت نتيجة ذلك تأخراً كبيراً في مواعيد الزراعة والإنبات الأمر الذي أدى إلى إبطاء نمو المحاصيل.
وتعتبر المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية والمناطق الساحلية الغربية لحوض تهامة المناطق الأساسية لإنتاج الذرة والدخن والخضروات والفواكه وغيرها من المحاصيل النقدية.. وبالرغم من ذلك يعاني من اضطرابات كبيرة بسبب النوبات الحادة من العدوان الذي أثر سلبا على القدرة الإنتاجية والاستثمارية للبلد.
وبحسب متخصصين في المجال الزراعي، فإن حجم التأثر في المحاصيل الزراعية ناتج عن العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وما رافقه من انعدام للمحروقات وصعوبة النقل واستهداف الناقلات والتسويق والتخزين، والتي أدت إلى تلف آلاف الأطنان من المنتجات الزراعية في المحافظة.
كما تسبب العدوان، أيضا، خلال غاراته الهمجية في استهدف المشاتل والمنشآت الزراعية بما في ذلك منظومة الطاقة الشمسية ومبنى غرف الضخ وشبكة الري والأنابيب والفلترات ومخازن الأسمدة التابعة لعدد من المزارعين .
وفي مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة خسر المواطن (أحمد منيّل) مزرعته كاملة جراء قصف طائرات حربية سعودية للمزرعة بشكل مباشر بأربع غارات استهدفت خلالها أكثر من 21 عاملاً بالمزرعة بالإضافة إلى حارس المزرعة.
وفي سياق متصل وعلى النحو الاقتصادي وما يعيشه الشعب اليمني من أوضاع متردية اقتصاديا شدد الخبير الاقتصادي يوسف الجماعي على ضرورة النهوض الاقتصادي للبلاد لكي لا يدخل الاقتصاد الوطني في وضع كارثي والانهيار بشكل كامل.. موضحاً أن الوضع الاقتصادي متردي للغاية بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد وأن المشاريع الصغيرة والصغرى توقفت تماماً بالإضافة إلى أن معظم الشركات سرحت موظفيها إلى رصيف البطالة ما تسبب في تعطل الحركة التجارية.
وقال إن الانهيار الاقتصادي الموجود في الدولة هو جراء الحرب وأيضاً لأمور متراكمة من قبل جراء السياسات السابقة منذ سنوات وليس لسنة محددة فمستوى المعيشي للفرد لم يكن مستقراً منذ أكثر من عشر سنوات وهو الأمر الذي أوصلنا إلى مانحن فيه الآن والحرب أكملت ما تبقى من ذلك ليصبح الكل في حالة معيشية صعبة.
وعن الحلول للوضع الاقتصادي الذي يعيشه الشعب اليمني في الوقت الحالي قال أن الحلول قد يساهم بها الفرد أو المؤسسات التجارية أو الاستثمارية لكن يأتي من دولة أو من جهات رسمية بدءاً من الصفر وذلك من خلال تشجيع ذوي الدخل المحدود وتشجيع المنشآت الصغيرة في منح تسهيلات وامتيازات وفتح آفاق للمستثمرين لفتح المجال أمام ازدهار الاقتصاد وتوسعته وتنميته.
وأكد على ضرورة استتباب الجانب الأمني في البلد .. موضحاً أنه من الصعب أن يأتي مستثمر أجنبي أو محلي بأمواله التي استغرق لجمعها جهداً ووقتاً كبيراً ليستثمرها في بلد الجانب الأمني فيه ضعيف من كل الجوانب لعدم وجود قانون يحميه أو امتيازات يستطيع الاستعانة بها أو استخدامها.
من جانبه أكد عبدالعزيز الشهاب صاحب وكالة شهاب التي تعرضت للقصف قبل أيام وتعمل في صناعة المناديل الورقية واحتياجات الأطفال – في تصريحات صحفية أن العدوان السعودي بات واضحاً في أهدافه العسكرية لتدمير الاقتصاد الوطني والمنشآت الاقتصادية.
وقال إن خسائر المصنع المستهدف فادحة جداً .. مستغرباً من أن تقوم طائرات العدوان باستهداف مصنعه الذي يصنع مستلزمات أطفال من حفاظات ومناديل ورقية وحليب مجفف.
ولا ننسى ما قام به العدوان من استهداف مكثف لميناء الحديدة والذي يعد الشريان الوحيد لليمن وعملت على قصفه حتى خرج عن الخدمة ، واعتبر الاقتصاديون استهداف طائرات التحالف لميناء الحديدة إشارة لبدء أعمال كارثية ضد الإنسانية بشكل مخيف بسبب الحصار والقصف الهمجي المستمر وتدني مستوى الخدمات الصحية وعدم توفر الأدوية والمحاليل الطبية والانقطاع التام للتيار الكهربائي عقب إنقطاع وغلق جميع منافذ البلاد .
واعتبروا ميناء الحديدة الشريان المتبقي لحياة المواطنين اليمنيين والذي لا ينبغي قطعه حتى لا يتضرر أكثر من خمسة وعشرين مليون يمني جراء انعدام الخدمات الأساسية التي يحصل عليها اليمني من الميناء.
واعتبر اقتصاديون استهداف العدوان قبل أيام لمنشأة رأس عيسى النفطية بمحافظة الحديدة دليلاً على الهدف الجديد للتحالف وهو تدمير الاقتصاد اليمني وإيصاله إلى الصفر محاولاً خنق الشعب اليمني لإرغامه على الركوع وهو أشهر من الحرب الدامية على اليمن .
وقال الخبراء إن تعمد استهداف وتدمير منشأة رأس عيسى النفطية يأتي في إطار المحاولات السعودية الحثيثة لإقناع دول العالم بعدم التعامل مع اليمن تجاريا عبر موانئ البحر الأحمر بتدميرها كليا وإخراجها عن الخدمة وإجبار العالم على تحويل وجهته إلى ميناء عدن لتمعن حينها في تضييق الخناق على الشعب اليمني وتشديد الحصار عليه من أجل إركاعه وكسر صموده ، وفي نفس الوقت لدعم وتقوية مرتزقتهم في عدن ورفد ونهوض اقتصادهم.
وتعتبر منشأة رأس عيسى النفطية التي تقع في موقع هام واستراتيجي مهمة في تقديم خدمة كبيرة للشعب اليمني وقد تم تسليمها لرجل الأعمال أحمد العيسي بعقود فاسدة وغير نظامية فتم إهمالها وتحويلها إلى مصدر دخل خاص ، كما أنها في عهد هذه العقود الفاسدة كانت تساهم في صنع الأزمات واحتكار المشتقات النفطية من أجل تحقيق أرباح أكبر على حساب المواطن.
وبذلك فإن تعمد العدوان استهداف وتدمير منشأة رأس عيسى النفطية يدل على أن السعودية هي التي تدير وتشرف على مافيا الفساد في اليمن وأنها متورطة بشكل مباشر في خنق اقتصاد اليمن وخلق الأزمات التي عانى منها الشعب اليمني طويلا ، وأن رؤوس الفساد في اليمن مرتبطون بها مباشرة وينفذون مشاريعها التخريبية عبر الخطط التي ترسمها المملكة.