الطيرمانة

في شاهق من لحظات المقيل،، وفي سامقٍ من أوقاتنا المهترئة،، نسترقُ السمع ونختلس النظر حينما نُطل على الفوضى التي نعيشها من نوافذ الطيرمانة، نرى الحقائق الدقيقة التي ظلت تتوارى خلف طوارق الليل والنهار، وندرك كم كُنا مبالغين في الكلام.. الناس والشوارع والمنازل تبدو أشياء مجردة، كما لو أن بإمكاننا إدخالها في« شوالة » !!
من سفح الطيرمانة نُقلِّبُ الحيواتِ ذات اليمين وذات الشمال، فترتدُ كما هي حيوات خرقاء خرساء عمياء صماء!!
من سفح الطيرمانة نُطِلُ على الأحداث والوقائع والسواهي والدواهي، ونجنح إلينا حيثُ نفهم أسباباً شتى من وراء كَوْنِنا سُذَّجاً.. خرائط سادرة في التيه،، ومجاميع من البشر،، وقطعان من الذئاب والكلاب،، كُلها تشبه حبات الزراقيف!!
الطيرمانة تكشف لنا الأسرار ذات العلاقة بنا، وتفضح المبادئ التي نتشدق بها ثم نريقها على قارعة الرصيف بدرهمين!!
من أعلى الطيرمانة نعرف مواقعنا في أسفل سافلين، فنحاول أن نرتفع درجة أو درجتين إلى معاريج القوة، هناك حيثُ يدعونا داعي اللاهوت.. الأشياء التي كُنا نراها من على الأرض عاجية ونحسب أنها بروج بنيت على مستوى أعلى وأرفع من مستوى سطح البحر بكثير، تبدو من هاهنا هلامية ككائنات البحر الغريبة التي لا نعرفها إلا من خلال شاشات التلفزة. الطيرمانة تكفُ عنا الضجيج والغوغاء،
وتحملنا كسفينة نوح إلى عوالم ما بعد الطوفان، لنجدنا مغسولين من الخطيئات التي تركناها مُلقاةً في الأنحاء.

قد يعجبك ايضا