اليمن تفك قيدها تدريجيا..
رسالة إلى الكاتب العالمي بول فندلي
عبد الرحمن الرياني
السيد بول في فندلي وحتى لا أبتعد كثيراً عن الفكرة أعتقد أن العام 2012م كان يمكن أن يشكل علامة فارقة في تاريخ العالم عندما وافق الروس على إبقاء الهيمنة الأمريكية على غرب اسيا وتحديدا على ذلك الجزء العربي المتمثل بالدول النفطية مقابل أن تبقى الهيمنة الروسية على شرق اسيا وتنفرد أمريكا بالسيطرة على القارة الأفريقية لكن الرفض الذي قوبل به المقترح الروسي من قبل المخابرات الأمريكية أوقف المشروع ، أما الدوافع السعودية في خلخلة الوضع العربي فهي كثيرة وربما تذكر سعادتكم المؤامرة السعودية في عامي 1957و1958م بقتل جمال عبدالناصر والتي تم فضحها من قبل طيار مصري في الأولى ومن قبل عبدالحميد السراج في الثانية، وبالطبع كما هو معروف عن المخابرات السعودية طيلة تاريخها هو عدم غلق الملفات ولكن تجميدها ليتم تحريكها لاحقا فالعملية أم خالد الثانية جاءت للقضاء على عبدالناصر وإسقاط دولة الوحدة بين مصر وسوريا لإتاحة الفرصة للقوى الإقليمية والدولية بالتحكم في المنطقة وأنا أقول ذلك ليس جزافا ولكن من واقع تجربة عايشناها جميعا وهي أن السعودية تخدم أعداء العرب وربما لو عادت بك الذاكرة للحوار الذي أجرته صحيفة القدس العربي مع الأمير طلال بن عبدالعزيز وهو أحد الأمراء الأحرار وتحدث فيه عن أسباب نكسة العام 1967م واعترافاته القوية بالدور الذي لعبته السعودية في تحقيق النكسة لتؤكد لك الدور التآمري على العرب وهو ما تكرر من خلال تدمير السعودية للعراق حسب ما جاء في كتاب خطة الهجوم للكاتب الأمريكي “بوب ودورد” فالمملكة الأوتوقراطية السعودية عملت على الدوام من أجل تدمير القومية العربية والإسلام بصورة واضحة والتاريخ سوف يكشف لنا العديد من الحقائق في المستقبل القريب اعتبارا من إنتاج بن لادن واغتيال عبدالله عزام وحتى انقلاب الملك سلمان بن عبدالعزيز على أخيه عبدالله بن عبدالعزيز والرغبة القوية لديه في الاستئثار بالسلطة وهو ما قاد إلى وجود أزمة سياسية أزمة حكم في الدولة ذات التركيبة الثيوقراطية، حيث استوجب الانقلاب من سلمان إعادة الاعتبار لتيار التطرف التقليدي المسيطر على المؤسسة الدينية في المملكة ،ساهم في ذلك وجود ما أطلق عليه الحكم الخطر الإيراني في اليمن مسألة التشيع مع العلم بأن التشيع متواجد في السعودية وفي دول الخليج منذ مئات السنين .
أيضا هناك سبب استراتيجي هام وهو الاكتشافات النفطية الضخمة التي جرى التكتم عنها من قبل الجهات الرسمية في كلا البلدين اليمن والسعودية وهي التي تجعل من اليمن واحدة من كبرى الدول المصدرة للنفط في المنطقة ولهذا تعمل السعودية كل ما في وسعها من أجل وقف العمليات الاستكشافية كما عملت دائما ومنذ وقت مبكر سواء في أيام الإمام يحيى أو في قضية “سوناطراك ” والتشغيل الوهمي لقطاع مأرب من قبل شركة “هنت” فظهور النفط بكميات كبيرة يجعل اليمن تخرج من تحت الوصاية السعودية وسيقود إلى تحجيم الدور السعودي في المنطقة .ومن ضمن الأسباب التي جعلت من السعودية تشن حربها المدمرة على اليمن هو الرغبة المشتركة للحكم السعودي وللتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الإبقاء على القيادات التقليدية القبلية والعشائرية في مقاليد السلطة بعد أن تمكن الحوثيون من السيطرة على الوضع السياسي وقاموا بما يشبه عملية الكنس للنفايات الرجعية من اليمن .وفي السياق ذاته يرى النظام الأتوقراطي في المملكة السعودية أنه حان الوقت لكي يقوم وعلى مرحلتين بفصل حضرموت عن اليمن كمرحلة أولى تمهيدا لضمها إلى السعودية معتمدين في ذلك على مجموعة كبيرة من رجال المال من أصول يمنية حضرمية وتقوم الخطة على إعادة الحكم السلاطيني إلى شرق اليمن كما كان الوضع قبل الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م وهذه الرغبة ليست وليدة اليوم لكنها تعود إلى ما قبل تأسيس الدولة السعودية حيث كانت حضرموت من ضمن المناطق التي وعد الاستعمار البريطاني عبدالعزيز بها قبل أن تتغير المشاريع الاستعمارية إلى إيجاد إمارات صغيرة في الخليج .
كما أن هناك سبباً مهماً للسعودية لشن حربها على اليمن وهذا السبب يتمثل في إلغاء النموذج اليمني الذي كان قائما في اليمن والمتمثل في وجود أكثر من عشرة آلاف منظمة وجمعية ومؤسسة مجتمع مدني ووجود أكثر من مائة وخمسين مطبوعة تصدر ما بين أسبوعية وشهرية وفصلية ووجود قرابة الخمسين حزبًا سياسياً وبرلماناً منتخباً وانتخابات رئاسية ونشاط حقوقي فعال وبالرغم من حالات الاعورار الكثيرة التي كانت في المشهد اليمني إلا أن السعودية كانت تشعر بأن الديمقراطية الناشئة في اليمن خطر يتهدد وجود الأسرة الحاكمة وكأن الديمقراطية حالة مرضية يمكن أن تصاب بها عنوة على ذلك بدأت المملكة السعودية تشعر بالضيق بسبب تحسن الوضع الاقتصادي في اليمن بصورة بطيئة بفعل دعم أصدقاء اليمن الحقيقيين الألمان والهولنديين حيث بدأت السياحة بالازدهار ووصلت عائداتها إلى مليار دولار وبدأت المشاريع التنموية تظهر دون الاعتماد على الخليج بدعم من هيئات دولية تابعة للأمم المتحدة وهذا ما لا يمكن القبول به من قبل حكام المملكة، وعلى الصعيد العسكري هناك رغبة محمومة من الجانب السعودي للانتقام من الحركة الحوثية التي ألحقت بالسعودية هزيمة مذلة وماحقة في العام 2009م حيث تعرضت السعودية في ذلك العام إلى قدر كبير من الإهانة عندما حاربت الحوثيين الذين قتلوا من جنودها ما يزيد على الـ1500 جندي وهي في المفهوم العسكري تعادل أربع كتائب عسكرية ومحاولة إظهار سلمان بالقائد المنتصر عكس عبدالله بن عبدالعزيز الذي هزم من قبل الحوثيين في العام 2009م .
أما الأسباب الدولية التي تنسجم مع الرغبة السعودية في إسقاط اليمن وتحويلها إلى دولة فاشلة خلال العشرين سنة القادمة فهي تختلف في الدوافع لكنها تلتقي في النتائج ففرنسا على سبيل المثال تعمل على الحفاظ على مصالحها الاقتصادية من خلال مشروع الغاز الاستراتيجي في منطقة بلحاف في محافظة شبوة الجنوبية وبالسعر الهابط الذي حصلت عليه والذي ستجني من خلاله وخلال العشرين عاما القادمة 40 مليار دولار ولهذا فوجود حكم ضعيف وغير مستقر يصب في مصلحتها ودعمها لانفصال الجنوب سيكون مدفوع الثمن سلفا والمخابرات الفرنسية هي التي قامت بتأسيس تنظيم أنصار الشريعة المتطرف بغية حماية مصالحها النفطية وهو ما يدلل على تورط فرنسا في دعم الإرهاب ومن مصلحة فرنسا كما جاء على لسان رئيس جهاز الجي دي أس ايه المخابرات الفرنسية “بارنا باجوليه” أن يتغير الوضع في المنطقة حيث قال في تصريح شهير قبل فترة وجيزة وأمام تجمع استخباراتي لدول الحلف الأطلسي “ان الشرق الأوسط الذي نعرفه قد انتهى ولابد من شرق أوسط جديد ” ، أما بريطانيا فلن تقبل بعد اليوم إلا بفصل الجنوب عن الشمال كون الدولة اليمنية الموحدة تجعلها خارج نطاق الهيمنة فبالانفصال وحده تكون بريطانيا قادرة على لعب دور في اليمن، أما الولايات المتحدة فلها العديد من الأهداف التي ترغب في تحقيقها منها على سبيل المثال السيطرة على الممرات البحرية باب المندب وهذه السيطرة لن تتأتى إلا من خلال قواعد عسكرية ثابته كتلك التي كانت في قاعدة العند قبل الحرب ،كما أن للولايات المتحدة وتيار المحافظين على وجه التحديد رغبة حقيقية في توسيع قواعد الاشتباك في المنطقة من أجل دعم صناعة السلاح في العالم كون الولايات المتحدة باتت ومنذ العام 1983م تعتمد على تجارة السلاح لدعم الاقتصاد هذا من جهة من الناحية الأخرى هناك إيمان قوي لدى الصهيونية المسيحية بقيام الحرب الدينية في المنطقة بين السنة والشيعة والحلف الإسلامي الأخير يندرج في هذا الإطار فالمسيحية الصهيونية ومنذ عهد الرئيس رونالد ريغان باتت تفكر في هذا الأمر بصورة جدية وهي تهيئ العالم لمعركة هرمجدون التي ينزل بعدها المسيح حسب الميثيولوجيا الصهيونية ليقتل المسلمين وينتصر لليهود وهي بذلك لابد لها من توسيع قواعد الاشتباك، وفي ذات السياق لا يمكن لكل العارفين بالسياسة الأمريكية أن يقنعوا بتلك الفكرة الشريرة حول نهاية التاريخ للأمريكي الياباني فوكو ياما والتي تنساق الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عهد الرئيس جورج بوش الأبن في تسويقها باعتبار العصر القادم هو عصر أمريكا والعالم الذي سيبقى هو العالم الأمريكي كونها نهاية التاريخ وهو ما يمكن فهمه من سعي وتوجه الولايات المتحدة في ضرب العواصم القديمة لصالح العواصم الجديدة في دول النفط وتحويلها من مدن حضارية عبر التاريخ إلى مدن تضم الملايين من ساكني الخيام والصفيح .
السيد بول فندلي :إن التاريخ الذي يكتب بالدم يصعب على الشعوب أن تتسامح مع صانعيه ولهذا نحن بحاجة ماسة ان نعرف العديد من الحقائق وهو ما يجعلني أطرح عليكم أكثر من سؤال هل هناك قوى حية في الغرب قادرة على وقف القتل في اليمن، هل هناك منظمات وهيئات في المجتمع الأمريكي لديها القدرة على عدم الصمت إذا كانت الأجابة بنعم نرجو أن نسمع ونرى تلك القوى وهي تتحرك فإذا كانت الدوافع هي مزيد من القتل والدماء لليمنيين فلدينا مدن منكوبة بأكملها صنعتها الكونترا المدعومة من الخليج والسعودية لدينا المئات من القرى المدمرة ولدينا حتى اليوم عشرات الألوف من الضحايا ولدينا ملايين من البشر المعذبين في هذه البلاد هل هم جديرون كبشر أن يسمعوا صوت العالم الحر .
السؤال الثاني الذي أود طرحه هو هل علاقتكم بالسعودية، علاقة حلفاء أم علاقة عملاء إذا كانت علاقة حلفاء فأعتقد ان الحلفاء تجمعهم النصيحة والرأي والاستراتيجية البعيدة المدى وهذا يجعلنا كيمنيين وكعرب نحمل الولايات المتحدة كامل المسؤولية فيما يجري لشعبنا اليمني من دمار وقتل وتحطيم للبنية التحتية الهشة في بلد يعد من أفقر دول العالم كونها الطرف الأقوى في هذا الحلف والقادرة على الإملاء والتوجيه وصناعة الحدث لباقي الحلفاء ، أما إذا كانت علاقتكم بالسعودية هي علاقة عملاء فهذا شر مستطير ويعني ان المملكة تتلقى الأوامر من واشنطن وتنفذها دون قيد أو شرط وفي هذه الحالة لا يختلف الأمر عن سابقه أمريكا هي المسؤل لما يجري في المنطقة من تجاوزات سعودية وهو ما يجعل الجانب اليمني يتفاوض مع واشنطن بصورة مباشرة كون المملكة هنا ودول مجلس التعاون الخليجي مع الاستعمار عبارة عن مدير تنفيذي في شركة متعددة الجنسيات تدار من واشنطن .
السيد بول فندلي أعتقد أن السؤال المفترض أن يطرح حول اليمن هو من هي القوى المتحاربة في اليمن ولماذا هذا التدخل السعودي الشرس وما هي علاقة السعودية وأمريكا بالقوى المتصارعة الإجابة على ذلك هي أن هناك ثلاث قوى متصارعة في اليمن وهذه القوى هي قوات الحركة الحوثية ” أنصار الله” وهم الذين خاضوا حرب عصابات طويلة المدى ضد الحكومة اليمنية على مدى ستة حروب من العام 2004م-العام2009م وهي حروب تسببت في دمار على نطاق واسع والحوثيين حركة ثورية بدأت دينية فتحولت إلى شعبية ثورية تقود نفس اسلوب الحرب الذي كانت تقوده الحركات الماركسية الدرب المضيء وبرماندا مارتي في امريكا اللاتينية ونفس الأسلوب الذي قاده “القائد ماوتسي تونغ” في الصين والفيتكونغ في حرب فيتنام والماماو في أفريقيا السوداء الحركة الحوثية وبناء على ما تقدم هي حركة استقلال وطني وينبغي النظر اليها على هذا الأساس ولهذا فهي تعمل على الانتصار لقضايا الكادحين في اليمن هي حركة المستضعفين في اليمن هي قضية الجنوب وصعدة والقضية التهامية في آن واحد الحركة الحوثية هي جماهير الفلاحين وعمال النظافة والعبيد والمهمشين من اليمنيين هي حركة ضد الإقطاع القبلي والسياسي والرأسمال المرتبط بالهيمنة والاستكبار العالمي “الكمبرادور”ولهذا فهي حركة ثورية شعبية لكن كل أدواتها ذات صبغة اشتراكية تقدمية مشروعها السياسي الاستقلال الوطني الحقيقي ومشروعها الاقتصادي ثورة زراعية فلاحية تنصر للفقراء وتنهي الاحتكارات المالية تعيد المصانع والشركات والبنوك إلى الجماهير هي حركة اقتصادية تمتلك الفكر الثوري الجماهيري إنها جزء لا يتجزأ من “الشافيزية” أو” شافيز نستا” ولهذا يقف المعسكر الخاص بالرجعية العربية في الخندق المضاد لها الحوثية في اليمن قامت بكل ما كانت الجماهير تحلم به قضت على نفايات النظم الرجعية وعلى عميل المخابرات البريطانية وأهانت الكيانات العربية المتصهينة والحليفة للاستعمار في المنطقة فأعلنت عن قيام اللجان الثورية وهي كما هو معروف الحركة التي قضت على النبلاء في سنوات الثورة الفرنسية الأولى وهي التي أعلنها ماوتسي تونغ ذات يوم من أجل ايجاد حركة ثورية شابة تجعله أقرب إلى الجماهير وهي التي أعلنها الخميني في النوات الأولى للثورة وهي التي طبقها القذافي في جماهيريته وهي حركة ثورية موجودة في قارات العالم الخمس كجزء من حركة اليسار الجديد التي تختلف وتتقاطع بصورة جذرية مع الأدوات التقليدية المتمثلة في الأحزاب أداوت الحكم الدكتاتورية التي تعيد إنتاج القمع كما تعيد صناعة الأصنام والصنمية في العالم الذي يعيش الخدعة الكبرى المسماة بالديمقراطية الغربية، الحركة الحوثية هي بداية المشروع النهضوي اليمني الجديد الذي سيقضي على الزيف وسيحول اليمن التي تمتلك أكبر طبقة عمالية في المنطقة العربية إلى بلد خالي من البطالة من خلال توفير ثلاثة ملايين فرصة عمل خلال السنوات العشر القادمة .
الطرف الثاني في الحرب اليمنية هو الرئيس علي عبدالله صالح الرئيس السابق والأدهى عربياً بين الحكام العرب وهو الذي يعد بحق الصندوق الأسود للمنطقة ولديه من الأسرار التي لو حاول إظهار عشرة في المائة منها لأسقط دولا وممالك وجعلها تحت الرمال في أشهر قليلة ولهذا تجده يتلاعب بالأنظمة الخليجية كما لوكان في لعبة ولديه قدرة على وقف الحرب أو إطالة أمدها لعدة سنوات فالحرب الحالية على اليمن هي حرب معلومات وصناديق سوداء متحركة هنا وهناك الكل تحول إلى تجار وسماسرة معلومات وهي عملية مقننة ومفضوحة ومكشوفة أمام العالم فمؤتمر الحوار الوطني قام بتشكيل عدد من اللجان كشفت للعالم بأكمله كافة الأسرار العسكرية والأمنية حيث كانت القضايا الحساسة تناقش أمام السفارات الأجنبية وضباط الاستخبارات وصانعي الأزمات وكل ذلك جاء بناء على المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية المزمنة والتي تضمنت عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي أسقط اليمن وكان المتحاورون يشعرون بالزهو وهم يكشفون أسرار البلاد حتى تحول اليمن ذلك المجهول إلى اليمن ذلك المعلوم بدقة يكفي أن نعلم أن العديد من المتحاورين كانوا في الأصل عملاء لـCIA وإلا لماذا تمت عملية التصفية للقادة السوريين الثلاثة ولماذا تمت عملية اغتيال عبدالله السنوسي رئيس جهاز المخابرات الليبية في نظام القذافي ولماذا تمت تصفية اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية ثالث أقوى رجل أمن في العالم ولماذا تمت عملية إبعاد بندر بن سلطان رئيس مخابرات النظام السعودي ولماذا تمت عملية اعتقال رئيس المخابرات الأردنية السيد الكعابنة إجابة ذلك تكمن في أن العمل يتم على قتل الذاكرة الأمنية للمنطقة وهذا سر كراهية السعودية الشديدة لعلي عبدالله صالح وسر قوته هو مجرد بقائه على قيد الحياة برغم ذلك فهو لم يستخدم هذه الورقة بعد فآخر الصناديق السوداء للمنطقة موجود في اليمن وليس في مكان آخر .
الطرف الثالث عملاء السعودية من كافة التيارات وهم مشايخ تقليديون ورجال أعمال ومعظمهم محسوبون على حزب الإصلاح “إخوان مسلمين ” وأعتقد أنني أوضحت هذا الطرف بإسهاب من خلال ما تم تناوله وعلاقته مع تركيا وقطر والولايات المتحدة .
التدمير الشامل والإبادة الجماعية
حسب القانون الدولي وحسب قانون الأمم المتحدة رقم 95 لسنة 1945م جاء في تعريف حرب الإبادة الجماعية هي عبارة عن منع فئة اجتماعية من حقها في الحياة وهذا ما هو حادث في اليمن هذه الأيام حيث قامت القوات المعتدية باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وضرب المناطق الآمنة للمدنيين بصورة وحشية يكفي أن نعلم أن الأحياء السكنية تعرضت في صنعاء خلال الثماني الأشهر الأخيرة إلى 350 غارة جوية وأنها في كثير من الحالات كانت تودي بحياة أسر بأكملها وخلال الثمانية الأشهر الماضية تم استهداف 498 من الطرق والجسور و131من شبكات وخزانات مياه الشرب وخمسمائة مسجد وأكثر من اربعمائة مدرسة ومراكز تعليمية وهناك ثلاثمائة وثلاثين ألف منزل ما بين مدمرة ومتضررة وأكثر من ثلاثمائة سوق تم استهدافها ومائة وأربعين مصنعاً ومائتين وعشرين من المنشآت الصحية وأكثر من خمسمائة مخزن للمواد الغذائية وعدد سبعة من صوامع الغلال وخمسة وثلاثين جامعة مع فروعها في المحافظات اليمنية وعشر موانئ، انها باختصار سياسة الأرض المحروقة ما يجري في اليمن يشبه إلى حد بعيد ما جرى في فيتنام في آخر ثلاثة أشهر من الحرب فأوجه الشبه بين صعدة وهانوي كبيرة فالعقلية التي قادت حرب فيتنام هي نفس العقلية التي تقود الحرب على اليمن لم تعد هناك مدينة اسمها صعدة لقد تم محوها من الخارطة وهذا ليس بالمبالغة فصعدت كمدينة لم يعد لها وجود بعد أن تحولت البيوت إلى مقابر جماعية ولهذا نستعد ومجموعة من الحقوقيين في اليمن برفع دعوى قضائية في محكمة الجنايات الدولية ضد الملك سلمان بن عبدالعزيز وسيشاركنا فيها عدد من الشخصيات الأمريكية من الذين قاوموا حرب الإبادة الجماعية التي قادتها أمريكا في العراق ، كما ان هناك لجنة دفاع حقوقية من عدد من المحامين القوميين العرب سيكونون شركاءنا في رفع الدعوى ضد ملك السعودية فلو كانت حجتنا قوية وهذا ما نعتقده أدناه وإن كانت حجة المعتدي هي بينة وواضحة فليكن وهذا ما لا نعتقده نكون قد حصلنا على شرف المحاولة، الدعوى ستكون ضد أكثر الأنظمة ظلامية في القرنين العشرين والحادي والعشرين وأزعم أن كل القوى في المجتمع السعودي المتضررة من حكم آل سعود ستكون نصيرا وعونا لنا .في هذا الاتجاه الذي نهدف من خلاله إلى تعرية النظام السعودي ووقف العدوان على الشعب اليمني والتصدي للاستعمار الجديد الذي تقوده أمريكا للسيطرة على العالم فلابد في هذه الموجة الجديدة من الاستعمار أن تتوجه الشعوب المضطهدة في الوطن العربي وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وبما في ذلك شعوب القارة الأوربية وشعب الولايات المتحدة الخاضعة لآلة التضليل الإعلامي الرهيبة أن تتضامن في ما بينها لتحرير العالم من الاستلاب الثقافي والمالي الذي تقوده قوى الرأسمالية في العالم اليوم وهو ما يجعل الدعوة قائمة وملحة لقيام المشروع العالمي لمقاومة الإرهاب والاستعمار معاً كون الأول صناعة غربية إمبريالية رأسمالية بامتياز ..
السيد بول فندلي إنني كمناضل ثوري ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية وقوى الاحتكار والهيمنة أدعوكم وكل الشرفاء في العالم إلى العمل معا لوقف نزيف الدم في المنطقة ومنها اليمن كون القضية اليمنية هي نتاج حتمي لصناعة صناع الأزمات في البيت الأبيض وحتى هذه اللحظة تعمل الولايات المتحدة بجهود حثيثة من قبل مجموعة “القرن الأمريكي الجديد”على نشر المزيد من وسائل الدمار والخراب في اليمن البلد الذي أنتمي إليه كونها الداعم والحليف الاستراتيجي للنظام السعودي الذي بلغت قيمة صفقات السلاح بينه وبين البنتاجون خلال عشر سنوات فقط 515مليار دولار أما في الشهرين الأخيرين فقد بلغت قيمة صفقات السلاح السعودي مع البنتاجون خمسة وعشرين ملياراً وخمسمائة مليون دولار أي ما يوازي نفقات التسليح في اليمن خلال عشر سنوات وهذه الأرقام موثقة من خلال معهد استكهولم لأبحاث السلام وتتضمن الصفقات للنظام السعودي المعتدي فرقاطات أمريكية بقيمة مليار دولار اضافة إلى عشر طائرات أمريكية هليوكبتر من نوع MH60بقيمة تصل إلى 2مليار دولار وفي السادس عشر من سبتمبر ايلول المنصرم باعت أمريكا عشر طائرات بلاك هوك من طرازM UH60 للسعودية وفي نهاية سبتمبر باعت امريكا 600صاروخ دفاع جوي من طراز باتريوت باك-3 بقيمة 5,400مليار ووافقت أمريكا على صفقة لبيع أربع سفن حربية من طراز ليتورال بقيمة أحد عشر ملياراً ومائتين وخمسين مليون دولار، كما أن النظام السعودي عقد صفقة كبرى مع الحكومة الفرنسية لشراء أسلحة فرنسية متقدمة بقيمة إثني عشر مليار دولار منها ثلاثة وعشرون طائرة كما وافقت أمريكا مؤخراً على بيع 40 ألف ذخيرة للقوات السعودية لسلاح الجو بطبيعة الحال وهذا يعني شن قرابة الـ20 ألف غارة جوية على المدنيين في اليمن في الأشهر القليلة القادمة هذا عنوة على القذائف الذكية التي تستخدم في الحرب اليمنية والتي تؤكد يوميات الحرب أنها غير ذات دلالة على المسمى إلا في قتل المدنيين في التجمعات السكانية ، ومما سبق يمكن وبدون عناء أن نتأكد أن العدوان على اليمن يتم بشراكة أمريكية لا لبس فيها فهذه الصفقات المهولة من السلاح تأتي تتويجاً للتعاون الاستخباراتي الذي قدمت من خلاله السعودية الإحداثيات لأكثر من ستة الاف هدف عسكري كما انها تقوم ومن خلال التواجد العسكري عبر حاملة الطائرات بتزويد سلاح الجو للمعتدي بالوقود جوا وهذا باعترافات صريحة من البنتاجون ومن القيادة الأمريكية الوسطى .
السيد بول فندلي لقد وضعت أمامكم الشيء اليسير للمؤامرة الإجرامية والحرب التدميرية التي تشن على بلادنا وأعدكم في حال زيارتكم إلى اليمن وهي دعوة أقدمها لكم أن يتم تزويدكم بكافة الوثائق التي تؤكد على كل ما سبق تناوله في هذا المقال فلربما يفيد ذلك في إيصال الحقيقة للرأي العام العالمي فلا تختلف المجازر السعودية في اليمن عن تلك التي وقعت ضد الأرمن وضد الفيتناميين وضد العراقيين والجزائريين .