هائل الصرمي –
يقول: “نيل دونالد وولش:”” ليس هناك ما يجبرك على تحديد مقصدك ورسالتك في الحياة. وهذا” الشاب يعيش في مستهل القرن الواحد والعشرين
وهو يقول: كل ما علي القيام به هو أن أفهم حقا ما أقوم به , ولماذا ¿! وأن أجد طريقي وأتباين ما تبيته لي الظروف وأن أقاوم لكي أحقق ما أريدهْ أنا وليس ما تريده لي الظروف “(1).
فمن أراد النجاح في دنياه وآخرته, فليحرص على صفاء دوافعه ونقاء أهدافه,والتفتيش عن الدوافع والبواعث للعمل يحتاج إلى تدريب ويحتاج إلى مهارة وتربية ربما تطول عند البعض وتقصر عند آخرين ثم بعد ذلك تتمكن المعرفة في القلب ويبارك في العمل وذلك نتاج تنقية الدوافع والنوايا وتخليصها مما يشوبهاº لأن العبد بعد المعرفة يدرك بيسرُ ما هو من عند الله وما هو من غيره وهذه المعرفة تعينه على زيادة الطاعات والاستمرار عليها وتعينه على الشكرº لاستكمال النعمةº لأنه يسير إلى الله على بصيرة وهدى.
أنىِ سريتْ سرى الإخلاص فاحتشدت
بخافقي همم تقتادني وندى
توحدت غايتي في الحق واتصلت بالله
روحي وصار القلب متحدا
أنىِ دجى هب نور الحق يوقظه
لكي يخط على درب الحياة هدى
في دربه سارِ لا حزن يؤرقه
من بعد أن صار نوراٍ في الورى وقدا
اندفع لكل عمل خالص وإن قل فهو رسالتك في الحياة
عليك أن تِعظم النية في العمل الصغير والكبير. فإن عظِمِ العمل بعظِم النية. اندفع وراء نيتك الصغيرة الخالصة وإن بدا لك قلة ثمرتها كما تندفع وراء نيتك الكبيرة التي أغرتك ثمارهاº لأنك لا تعلم أيهما على أجنحة القبول محمولة وأيهما عنده عظيمة , وهذا سر نجاحك الدائم.
إذا فتح لك باب تراه خالصاٍ لله عز وجل اندفع إليه واحرص عليه وإن كان قليلاٍ فالإخلاص عزيز وقلما يدعك الشيطان فيما تقصد به وجه الله فمن خلص له عمل لم يساوره فيه ريب ولا شرك فقد أفلح. فمن قصد وجه الله في الصغيركما يقصده في العمل الكبير فقد حققِ هدف العبودية في توجيه القصد لله ولذلك استحق المجتهد أجراٍ _ وإن أخطأ _ لحسن قصده ولولا النية لما نال الأجر مع الخطأ. فمع الإخلاص ينفعك القليل.
فالله يريد من العبد نيته قبل عمله وهو يضاعف لمن يشاء والنية الكبيرة والصغيرة سواء في فؤاد المسلم ولكن قد يتفاوت حجم العمل وزمانه وكلفته وقد تختلف النوايا باختلافه وتختلف الأعمال باختلاف النوايا فيكبرْ العملْ بكبر النية ويصغرْ بصغرها والغالب أن الأعمال الكبيرة تجعل النيات كبيرة عند الفرد وتصغر بصغره وقد تكبر النية فيكبر معها العمل ولو كان صغيراٍ والمؤمن الفطن يكبر النية في العمل الصغير والكبير فقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات …) (2).
”إن مقصدك وغايتك في الحياة من صنع يديك , رسالتك في الحياة هي الرسالة التي تختارها لنفسك , وسوف تكون حياتك ما تصنعه منها ولن يحل أي أحد محلك فيها لا الآن ولا في أي وقت أخر.””أي شيء يحمل لك شعورا طيبا سوف يأتيك على الدوام المزيد منه.””(3)
فأفكارك تصنع واقعك ومقاصدك من وحي أفكارك , إذا فكر باستمرار في الأشياء التي ترغب فيها حقا ولا تفكر فيما لا ترغب فيه.”(4)
قلبي الضعيف المرجى كم شدا غردا
لولاك ما غرد العصفور واتقدا
فـاجعل حــياتي يا مـولاي خالصــةٍ
لا يعتري صفوها حظْ الهوى أبدا
قال يحيى بن أبي كثير: (تعلِموا النيةº فإنها أبلغ من العمل) ((5)). فهي سر النجاح والفلاح. فقد يبارك لك في صغير العمل مع حسن القصد ولا يبارك لك في كبير العمل مع عدم خلوص القصد فعليك أن تعظم النية في العمل الصغير وتخلصها من الشوائب كما تعظمها في العمل الكبيروتخلصها من الشوائب , فالأجر على قدر الاحتساب وليس على قدر العمل ولقد صدق من قال: (رْبِ عمل صغير عظِمته النية ورْبِ عمل كبير صغرته النية).ومن هنا جاء حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاٍ ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق 6
وحديث البيهقي في الشعب (الإسلام بضع وسبعون شعبه أعلاها “شهادة أن لا أله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) وغيرها من الأحاديث.
هوامش:
(1)من كتاب (سر الحياة). للكاتب , نيل دونالد وولش محاضر دولي ومعالج روحاني
)2( البخاري محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجامع الصحيح المختصر مرجع سابق )1( (1/3)
)3( من نفس المرجع / نيل دونالد وولش , من مقدمة الكتاب.
) 4( القوانين الطبعية : موسوعة شعاع الإدارية من إصدار (الشركة العربية للإعلام العلمي)
)5( الأصبهاني أبو نعيم أحمد بن عبدالله حلية الأولياء وطبقات الأصفياء الطبعة الرابعة دار الكتاب العربي بيروت 405هـ عدد الأجزاء (10) (3/70)
)6( النيسابوري مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري صحيح مسلم تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي بيروت عدد الأجزاء )5( )2626( (4/2026)
Prev Post