د . سعاد صالح –
وقف الإسلام موقفاٍ متسامحاٍ تجاه الأديان الأخرى كما تقررت من خلاله القواعد التي على أساسها يعامل غير المسلمين في دار الإسلام وربى نفوس المسلمين على روح التسامح والعدل الذي يتمثل في إعطاء المستأمنين والذميين جميع حقوقهم ورعايتهم وحماية نفوسهم وأموالهم وأعراضهم . قال تعالى: “فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين”.
وقال سبحانه: “فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”.. وأمر سبحانه بعدم إجبار الناس على الدخول في الإسلام: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”.
وقال جل شأنه: “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”.
وقال سبحانه: “فذكر إنما أنت مذكر ليست عليهم بمسيطر”.. وحدد العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب بقوله سبحانه: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاٍ ولا يتخذ بعضنا بعضاٍ أرباباٍ من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون”.
وجعل الإسلام الوفاء بالعهود والمواثيق أساساٍ يقوم عليه السلام لحفظ الأمن والاستقرار في العالم وحرم الغدر والخيانة.. فقال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” وقال جل شأنه: “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا) ووصف عباده المتقين بقوله: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لكل غادر لواء يوم القيامة”.
وحصر الإسلام الحروب في أضيق الحدود.. فلم يشرعها إلا في حالة رفع الظلم والقهر والاعتداء على الوطن . فقال تعالى: “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراٍ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”.
وقال سبحانه وتعالى: “والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاٍ حسناٍ وإن الله لهو خير الرازقين . ليدخلنهم مدخلاٍ يرضونه وإن الله لعليم حليم . ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور”.
لقد سبق الإسلام القوانين الدولية في الدعوة إلى السلام وإقراره من خلال الصلح بين الدول المتخاصمة.. فقال سبحانه: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين”.
وقال جل شأنه: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون” . وقال تعالى: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله”.
وهكذا يتضح لنا بما لا يدع مجالاٍ للشك أن الإسلام دين السلام.. فهو سلام في اسمه سلام في تحيته سلام في ليلة نزوله سلام في عقيدته ما بين العقل والإيمان سلام في ما بينه وبين أصحاب الأديان . سلام في الحكم والعدل بين المسلمين وغير المسلمين . وأن نظام الإسلام كان أول وأكمل تشريع عالمي خطا في إقرار السلام العالمي أوسع الخطوات ورسم لاستقراره أدق الضمانات مما فاق وجاوز المواثيق والمعاهدات الدولية والمنظمات العالمية.. فشتان بين قانون الأرض وهو من وضع البشر وقانون السماء وهو من صنع الخالق جل وعلا . فهل تفيء الإنسانية إلى الله تعالى وإلى قانون السماء وتلقي دروس السلام نظريا وعمليا من الإسلام دين الرحمة والسلام¿
Prev Post