شيخ الصحفيين الرياضيين .. حديث الوجدان *

عبدالله الصعفاني

أسعد الله صباحكم جميعاً بالخير..
* الشكر للحاضرين مع حفظ الألقاب .. والشكر لمن أعد لهذه الاحتفائية في ذكرى رحيل الأستاذ/محمد عبدالله فارع.
* مبعث الشكر والتقدير للمنظمين أننا في اليمن نعاني من جينين .. الأول نسيان من مات بعد أن نكون هضمناه حياً، والجين الثاني الجرأة على كل ما هو عام.
* وفي البداية أيضاً .. فإن أصعب اللحظات عندما نتحدث عن رحيل من نعزهم .. والصعوبة هي في الإحساس الموجع الذي يتحول فيه اللسان نفسه إلى سراب متلعثم يحسبه المتكلم إنصافاً وهو قاصر خاصة عندما يكون حول هامة وقامة وشيخ الصحفيين الرياضيين باليمن.
* حينما طلب مني الزميل أحمد السياغي المشاركة هنا جلست صباح اليوم الباكر أتأمل وأراجع صورة الأستاذ محمد عبدالله فارع وأسترجع الكثير من الأمور لأصِل إلى القول بضرورة حاجتنا للحديث عن درس الموت بالتزامن مع درس الحياة وبالمكتوب .. وهذه كلمة لن يقرأها أستاذنا المرحوم الفارع كما كان يقرأ لنا من بعيد ويصوب من موقع خبرته مع النقد الرياضي، ولعله يسمعها بوعي ابنه نضال ليرى أن والده محمد عبدالله فارع كان موجوداً في كل اليمن وأنه جدير بالاحترام والتكريم من الجميع..
* هل أبالغ إذا قلت بأنه إذا كان الرياضيون سبقوا السياسيين إلى الوحدة فإن الفارع سبق السياسيين والرياضيين معاً فاستحق أن يكون شيخ الإعلام الرياضي على الإطلاق.
* المرحوم الفارع لم يكن اسماً يمنياً فقط وإنما عربياً حاضراً حيث يندر أن تحضر مؤتمراً أو فعالية رياضية عربية دون أن يسألوك عن الفارع وعن أخباره ووضعه المهني والإداري، ما يعزز سلسلة الشواهد على أن الأستاذ محمد عبدالله فارع نجح بدون صخب أو ضجيج .. عاش في هدوء ورحل دون ضوضاء بعد أن أثبت لمتابعيه أنه مثَل نجوم مهنة المتاعب ومثّل في الروح الرياضية حتى نجوم الملاعب.
* خلال مسيرة فقيدنا الفارع كان مثلاً يحتذى في التواضع الذي رأيته وعايشته في سلوك كثير من الزملاء .. ولعل الزميلين حسين العواضي ومطهر الأشموري يتذكران كيف كان الواحد منا لا يطمئن للدفع بما كتبه إلى المطبعة من مادة صحفية إذا لم يعرضها على زميل آخر، ولم يكن الأمر يخلوا من فائدة التصويب أملاً في الكتابة على حافة مستديرة وبلورة الفكرة رياضية وبالقلم الرياضي طمعاً في عمود أو مقالة أو تحليل يحترم القارئ ولا يتعالى عليه.
* وباستعراض حياة فقيدنا الفارع بعد 15 عاماً على رحيله فإن من الأسف القول بأن ذلك الرحيل الحزين حمل معه في صفوف إعلامنا الرياضي انخفاضاً في منسوب الود وخسر الصدق حزمة من المشاعر الصادقة، ما يفرض أن نجعل من هذه الذكرى دعوة لتجديد ممارسة الوفاء الذي تجسده هذه الفعالية والانتصار لكون الإعلامي هو ضمير الحركة الرياضية في اليمن.
* لم يحدث وإن قبضنا على شيخ الصحافة الرياضية متلبساً بالغرور أو إهمال جهود الغير أو الالتفاف عليها وإنما ساعياً لأن تبقى الروح الرياضية والإعلامية من أبرز الفنون الإنسانية الخلاقة المبهجة .. وحتى عندما خذلني مرة لم ينس أن يترك لي توضيحاً مكتوباً عند بوابة مؤسسة الثورة للصحافة وهو في طريقه للمطار .. وهكذا هم الكبار عندما لا يزيدهم الاعتذار إلا عظمة.
* الأستاذ الفارع كان له أسلوبه في الكتابة حيث ينتقد ليوضح وليس ليجرح، وإذا جرح لن ترى أثراً للوجع، وتذكروه وهو يصوب لأحد زملائنا في عدن جمع بين الكتابة والتعليق الرياضي وبين اللعب في صفوف الأخضر العدني فكانت رسالته إليه قوية ولكن أنيقة ومحترمة “عليك يا محمد سعيد الاختيار بين لعبة القدم وحِرفة القلم” وليت محمد سعيد وهاشم عبدالرزاق وعيدروس عبدالرحمن وغيرهم بيننا ليسمعوننا ما خفي في حياة الأستاذ الفارع كيف أننا أصبحنا أثرياء في المعلومات وعاجزين في تحليلها والاستفادة منها.
* لقد كانت أبرز مميزات الأستاذ محمد عبدالله فارع هو اعتزازه اللامتناهي بأنه ابن اليمن الموحد على مدار سيرته المهنية كأحد رموز العطاء الرياضي والإعلامي، ولذلك استغرب أن هناك من ردد عبثية أين يكرم الفارع ومن أحق بتكريمه صنعاء أم عدن ..! وهكذا فنحن اليوم نتوقف أمام رجل فاضل لم يعرفه شخص إلا واعترف له بأنه يبقى أحد أبرز نماذج قليلة .. ما أحوجنا لمحاكاة وتقليد النموذج ذو الأخلاق العالية، وقوة الانتماء، والقلب الطيب، ما يؤكد أننا افتقدناه كإعلاميين كما افتقدته الرياضة لتكون ذكرى رحيله موعد مع جرح القلب ووجع الروح.
* أستاذنا وشيخ الإعلام الرياضي المرحوم محمد الفارع بعد 15 عاماً على ترجلك .. يؤسفنا إبلاغك أن أوراقنا الإعلامية تتساقط وهي حية لتزداد خسارتنا بتوقف مداد قلمك .. وهنا لا نملك إلا تجديد الأمل بالله.
أختم بالقول ..
* أستاذ فارع، يا من ساهمت وتصدرت التأسيس للقيم المهنية الرياضية في اليمن وفي العالم العربي .. يرحمك الله .. ويرحمنا من بعدك.
* دام اليمن موحدًا عظيمًا منتصرًا قادرًا على القفز فوق الأوجاع والاحتراب.
*كلمته التي ألقاها في مهرجان إحياء  الذكرى الـ15 لرحيل الفارع يوم الثلاثاء الماضي.

قد يعجبك ايضا