شهدت بعض الدول الإسلامية، التي أعلن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان عن انضمامها لما أسمي التحالف الإسلامي العسكري، عمليات إرهابية وتفجيرات طالت عواصمها، حيث أبدت بعض الدول العربية والإسلامية تأييدها للتحالف كالإمارات ومصر والسودان، ورفض بعضها إرسال الجنود، واقتصر دعمه على التعاون الاستخباراتي كتركيا والباكستان، فيما رفض البعض الآخر هذا الأمر تمامًا كإندونيسيا.
الغريب أن الدول التي رفضت الانضمام بشكل كلي أو جزئي، ارتفعت فيها وتيرة العمليات الإرهابية خلال الأيام الأخيرة الماضية، رغم أنها كانت تعيش فترات من الهدوء والاستقرار النسبي من قبل.
الأخبار الواردة من إندونيسيا ديسمبر الماضي حول مشاركتها في التحالف الإسلامي، جاء فيها أن إندونيسيا لن تقدم دعمًا عسكريًّا للتحالف المناهض للإرهاب الذي شكلته السعودية، حيث قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرصودي: إن نظيرها السعودي عادل الجبير تحدث معها في عدة مناسبات حول تلك المبادرة، لكن الرياض لم توضح بعد كيف ستمضي في هذا العمل، ونقلت صحيفة «كومباس» عن ريتنو القول: إنهم يقولون إننا ندعم هذا، أي دعم؟
وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية قد ذكرت أن إندونيسيا وافقت على التحالف، لكنها ليست عضوًا فيه، وقالت ريتنو: إندونيسيا لن تشارك مطلقًا في أي تحالف عسكري مع دول أخرى.
وشهدت إندونيسيا أمس 14 يناير سلسلة من التفجيرات وتبادل إطلاق نار في وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث هزتها 7 انفجارات قوية، 6 منها متزامنة، مما أسفر عن سقوط 7 قتلى على الأقل من بينهم 4 مهاجمين، التفجيرات استهدفت أماكن عدة من بينها مركز للتسوق قريب من القصر الرئاسي ومكاتب تابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
وحتى اللحظة لم يتبين بعد من قاموا بهذه العملية، لكن الشرطة الإندونيسية تعتقد أن 14 مسلحًا انتحاريًّا شاركوا في الهجمات، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو والذي قطع زيارته إلى وسط جاوة، وعاد إلى جاكرتا قال: إن بلاده لن تهزمها أعمال إرهابية، كما دعا الإندونيسيين إلى عدم التسرع في التكهن بالجهة التي تقف وراء الهجمات.
من جهتها أعربت وزارة الخارجية الباكستانية خلال الشهر الماضي عن دهشتها من ورود اسم باكستان ضمن التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه مؤخرًا السعودية، حيث قال وزير الخارجية الباكستاني، عزيز تشادوري: إنه مندهش من الأخبار الواردة حول ضم بلاده إلى قائمة الدول المشاركة في التحالف الذي أعلنته السعودية، دون علم إسلام آباد، وأشار تشادوري إلى أنَّه كلف السفير الباكستاني في الرياض للحصول على توضيح من السعودية حول هذا الشأن، علمًا بأن سياسة الحكومة الباكستانية تعارض نشر قوات البلاد خارج حدودها، باستثناء تلك القوات المنضوية تحت علم بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وبعد زيارة ولي ولي العهد محمد بن سلمان إلى الباكستان 10 يناير الحالي تحولت الدهشة إلى مشاركة تقتصر على البعد الاستخباراتي فقط، حيث أكد سرتاج عزيز مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية أن هناك تفاهمًا على كل القضايا بين باكستان والمملكة العربية السعودية، وحول دور باكستان في التحالف قال عزيز: باكستان أبدت رغبتها واستعدادها في التعاون الاستخباري مع المملكة لمحاربة الإرهاب، وإذا احتاجت السعودية للسلاح فإن الباكستان ستصدر لها الأسلحة والذخيرة طالما دعت الضرورة لذلك.
ففي الأربعاء الماضي قتل 14 شخصًا وجرح 20 في انفجار قنبلة قرب مركز لتوزيع فرق تلقيح الأطفال في مدينة كويتا، جنوب غربي باكستان، وقال نائب مدير الشرطة، داوود خيلجي: أغلب الضحايا هم من أفراد الشرطة، الذين كانوا يحرسون المركز، رغم أنه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير، إلَّا أنه يوجد في الباكستان اتجاه متشدد من عمليات التلقيح ضد شلل الأطفال، حيث يعتقدون أن التلقيح مؤامرة غربية تهدف لإصابة الأطفال بالعقم، فكانوا يهاجمون مراكز التطعيم، إلَّا أن هذه العمليات توقفت من شهر يونيو 2014 عبر الحملات العسكرية للجيش الباكستاني لطرد طالبان من شمالي وزيرستان.
وفي تركيا حدث تفجير أمس الأول، وقال مسؤولون أتراك: إنه ناتج عن سيارة مفخخة في مقر للشرطة في محافظة ديار بكر بمنطقة سينار، جنوب شرقي البلاد، أسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم امرأة وطفل رضيع، وتسبب التفجير، الذي لم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عنه، في أضرار لحقت بمبان سكنية محيطة، وتفيد تقارير بأن المهاجمين أطلقوا قذائف على مقر الشرطة.
وفي 12 يناير قتل عنصر يشتبه في أنه من تنظيم داعش 10 أشخاص، 8 منهم على الأقل سياح ألمان، في هجوم انتحاري استهدف مدينة اسطنبول بالقرب من المسجد الأزرق.
التفجيرات الإرهابية التي طالت الدول التي رفضت الانخراط في التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب بشكل مطلق أو جزئي، أثارت العديد من التساؤلات، فمن غير الطبيعي أن تنتقم الجماعات الإرهابية من الدول التي رفضت الانضمام للتحالف الإسلامي الذي يحارب الإرهاب، ووقوف هذه الدول على الحياد من التحالف الذي يهدف للقضاء على الإرهاب من المفروض أن يقلل الهجمات الإرهابية عليها لا أن يزيدها.
هذه التفجيرات تثير تساؤلًا قويًّا مفاده، هل هذه التفجيرات التي حدثت في البلدان الإسلامية التي رفضت إرسال جنود أو سلاح أو حتى الانضمام لدعم التحالف الإسلامي ستدفعها للانخراط قدمًا وبجميع الإمكانيات باتجاه هذا التحالف، أم أنها ستزيد من إصرار هذه الدول عن الابتعاد عنه حتى لا تنغمس أكثر في مستنقع الإرهاب
Prev Post