كاتب كبير
عبدالمجيد التركي
البعض من الناس يحبُّ أن يوحي للآخرين أنه مفكر وكاتب من العيار الثقيل.. فتراه ينشر صورته في الفيس بوك وهو ممسكٌ بالقلم، وعيناه تركزان على زاوية معيَّنة من الصورة، وكأنه يفكِّر بعُمق.. أو يعضُّ القلم وكأنه يلاحق الفكرة من ماسورة الحبر.. حين تقف أمام صورة كهذه تظل تتساءل متى يفلت هذا المفكِّر بالقلم الذي يعضُّ عليه بنواجذه، خشية أن يهرب هذا القلم من برواز الصورة.
يدفعك فضول الاستفادة إلى طلب صداقة هذا المفكر الذي يرى أنه واحد من فلتات العصر.. فيقبل صداقتك على الفور، طمعاً في لايكاتك وتعليقاتك التي يحصيها كلَّ يوم كما يحصي البخيل نقوده.. ويحاول أن يوصل إليك، بصورة غير مباشرة، أن سرعة استجابته لطلب صداقتك هو جانب من جوانب تواضعه، وأن عليك أن تكون ممتناً له، مدى الحياة، لأنه قبل صداقتك التي كان ينتظرها كلَّ يوم.
تدخل صفحة هذا المفكر العميق، كما يبدو في الصورة، فتجده منذ الصباح الباكر يكتب على صفحته كلمة “صباح الخير”.. وترى مائتي تعليق كلها “صباح النور”، وفي المساء يكتب “مساء الخير”، وآخر الليل يكتب “تصبحون على خير”..
تشعر أنك وقعت في الفخِّ إزاء ما كنتَ تعتقده كاتباً ساخراً ومفكراً ساحراً، ثم تشعر بالمغص المعوي وبالتهاب المفاصل حين تراه يقوم بمشاركة صورة “انشرها ولك الأجر”.
تشكر الفيس بوك أنه بقدر ما يمكِّن هؤلاء المزيفين من ارتداء أقنعة كثيرة، إلا أنه يكشف كلَّ ادعاءاتهم بخصوص ما يخفونه بداخل جماجمهم الفارغة.
من حقهم أن ينشروا صورهم وهم يعضُّون الأقلام، أو حتى وهم يشربون الحبر ويأكلون الورق، ومن حقنا أن نستخفَّ بسطحيتهم، ونشعر بالحقد تجاه الصحف التي روَّجت لهم ولأقلامهم المعضوضة.
magid711761445@gmail.com