تقرير – زهور السعيدي
آلاف الضحايا من صغار اليمن كانوا على موعد لم يتوقعه أحد مع آلة القتل السعودية التي أفرغت كل أحقادها وشرورها ضدهم بلا رحمة أو هوادة لذا سيظل كل ذلك عالقاً في أذهان أطفال اليمن الذين سيتذكرون كل ما حل بهم خلال العام المنصرم طويلا فما أصابهم من مآسٍ وكوارث اكبر بكثير من المشاهد المؤلمة التي تبثها وسائل الإعلام والفضائيات لأولئك الصغار المطمورين تحت أنقاض المباني التي يستهدفها طيران العدوان وأكثر فداحة وضررا من ما يرد في التقارير التي تتحدث عنها المنظمات الحقوقية والمحلية والدولية المعنية بحقوق الطفولة حول العالم.
التقارير التي تتحدث عن مأساة أطفال اليمن ليست دقيقة بالصورة الكافية اذ ان الواقع يظل أسوأ بكثير بعد مرور عشرة أشهر كاملة من العدوان والحصار .. ولعل آخر هذه التقارير ما أوردته منظمة الأمومة والطفولة «يونيسف» والتي ذكرت في تقريرها المنشور في أواخر ديسمبر الماضي بان العام 2015م كان الأسوأ على أطفال اليمن .
ويشير هذا التقرير الى ان مالا يقل عن 747 طفلا قتلوا فيما جرح نحو 1108 آخرين وأعربت المنظمة عن مخاوفها من تزايد العدد في حال لم تتوقف الحرب في اليمن .
هذا ما أكدته نائب الممثل المقيم لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» الدكتورة ميرتشلر يلانيو التي أشارت الى ان هذا الرقم لا يشكل سوى عدد الأطفال الذين قتلوا بضربات مباشرة أو جراء الاشتباكات.. كما أشارت الى ان هناك أطفالا آخرين قتلوا أو ماتوا بسبب ظروف وأثار الحرب المختلفة .
حيث لم يتسبب العدوان عند هذا الحد لكنه تسبب أيضا في انهيار الخدمات العامة وخاصة الصحة والمياه والتعليم ما ألقى بظلاله على واقع الطفولة في اليمن حسب تقرير اليونيسف الذي أكد ان 9.9 مليون طفل باتوا بحاجة لمساعدة إنسانية .
ويشير التقرير الى ان الوضع أكثر خطورة من ذلك حيث تضاعف عدد الأطفال دون سن الخامسة المعرضين لخطر الإصابة بسوء التغذية وبات نحو 319 الفا و966 طفلا عرضة للإصابة بسوء التغذية الحاد ويتوقع ان يعاني نحو مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد في حال استمرار العدوان .
معاناة قاسية
ويشير التقرير الدولي الى ان العدوان تسبب كذلك في معاناة متعددة ومن ابرزها ازدياد حاجة الصغار للحصول على خدمات دعم نفسي عاجلة ناهيك عن زيادة المخاوف المتعلقة بحماية الطفل ويؤكد تقرير اليونيسف بأن ما يزيد عن سبعة ملايين وثلاث مائة الف طفل بحاجة لخدمات الحماية والدعم النفسي ويوضح التقرير الى ان العدوان المستمر منذ 10 أشهر تسبب في تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض والأوبئة وعادت أمراض كانت اليمن قد تخلصت منها منذ زمن طويل ومنها شلل الأطفال وحمى الضنك. وتضيف إحصائية اليونيسف الى ان نحو 2 مليون و600 الف طفل باتوا معرضين للإصابة بالحصبة ونحو مليون وثلاثمائة الف تعرضوا للالتهابات الرئوية الحادة و2 مليون و500 الف طفل أصبحوا عرضة للإصابة بالاسهالات في حين ان 25% من المرافق الصحية باتت مغلقة وما يزيد عن 900مركز تطعيم من أصل 3600 مركز أصبحت مغلقة الى جانب توقف المستشفيات بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر مشتقات النفط جراء الحصار وانعدام الأدوية والرعاية الصحية وعليه فان من لم يمت بالقصف مات في احضان المستشفيات.
وتضيف اليونيسف بان الأطفال في اليمن لم يتمكنوا من إكمال عامهم الدراسي الماضي جراء الغارات المتواصلة التي بدأت أواخر مارس الماضي والتي اجبرت قرابة مليون وثمان مائة الف طفل على البقاء خارج المدارس فيما اضطرت أكثر من 3584مدرسة لاغلاق أبوابها وبحسب منظمة اليونيسف فقد اضاع قرابة 6 ملايين طفل معظم أيام ومراحل العام الدراسي الماضي .
كما ان الف مدرسة على الأقل أصبحت غير ملائمة للدراسة بفعل القصف كما ان هناك أكثر من 216 مدرسة تستخدم مأوى مؤقت للنازحين.
وحسب تقرير لبرلمان الأطفال فان 258مدرسة دمرت بشكل كامل و319 بشكل جزئي واتخذت نحو 538 مدرسة كمأوى للنازحين .
اصرار العدوان
ورغم كل الدعوات والمناشدات المتجددة لضرورة وقف العدوان ووضع حد للمأساة المتفاقمة التي يتعرض لها السكان المدنيون وخاصة الأطفال والنساء الذين يظلون الشريحة الاجتماعية الأكثر تضررا من الحرب وأحداث العنف الا ان قادة دول تحالف العدوان يصرون وبصورة غريبة على مواصلة جرائمهم وممارساتهم الانتقامية تجاه الشعب اليمني وأبنائه وأمام هذا الصلف والغطرسة من قبل العدوان يظل العالم أمام اختبار حقيقي للقيام بواجباته ومسئولياته الأخلاقية والإنسانية إزاء هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية جمعاء .
ولعل المؤسسات الدولية الفاعلة وفي مقدمتها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تبقى المعنية الأولى لإيقاف هذه المهزلة الإجرامية التي تتم في صمت عالمي مريب.